"بأي حال عدت يا عيد، بما مضى أم لأمر فيك تجديد"، ربما هو حال العمال عندنا اليوم وهم في انتظار الجديد في الفاتح من ماي من كل عام يعود عليهم بالفائدة، لكن الحال طال والأمل في غد أفضل صار مجرد حلم بعيد المنال، فلازال حال الكثير من عمالنا يشبه واقع بؤساء هيغو، فأجرة شهر تتوقف في الأسبوع الأول للشهر، ليصبح العامل مدانا من طرف بقال الحي، والخضار، وحتى الخباز، إنه الثالوث الذي صار هاجس العمال في الجزائر. الخبز والبطاطا والحليب، أما عناصر الحياة الأخرى فتلك حكمة لا دخل للذين يخططون لعيش العمال فيها، لأنها حكمة من حكم الله التي تجعل العمال عندنا يعيشون بقدرة الله وحكمته، وسيصير العمال عندنا ظاهرة عالمية تستحق الوقوف عندها مطولا، لاستخلاص تجربة إنسانية فريدة يمكن الاعتماد عليها في الأزمات من أجل العيش مدة أطول، فلم تعد أحلام الكثير من العمال عندنا هو الوصول إلى تحسين وضعهم الاجتماعي أو رفع أجورهم، وإنما هو في كيفية الحفاظ على مناصبهم بعدما أوصلتهم السياسات الرعناء لبعض المسيرين، إلى إفلاس مؤسساتهم وتسريحهم، فما بقي من العمال اليوم لا يتذكرهم أحد إلا في الولائم الحزبية حين يصبحون رقما انتخابيا، أو في عيدهم الذي لا يهدى لهم فيه سوى الأوهام والكثير من الكلام الذي يسوقه تجار السياسة وبعض المنتسبين زورا إلى النقابات، حتى صار هذا العامل مجرد كائن معرض للانقراض مثله مثل الكثير من الكائنات، وجب حمايته بقوة القانون. وبعد استغلاله لعقود متواصلة، صار هذا العامل أو هذا الكائن لا هم له سوى البقاء على قيد "الأمل"، ليس من أجل تحسين وضعه الاجتماعي، فذاك أمر صار بعيد المنال، بل من أجل تحسين وضع أسرته الغذائي، لأن شعاره في الظروف التي هو عليها "من أجل خبزة أفضل".