واحد أنا من جيل قالوا عنه يوما إنه يمثل رجال الغد، ليأتي الغد ويجد رجاله مجرد "شومارة"، عاطلين عن الأمل بعدما كانوا عاطلين عن العمل. كل الأحلام التي حملها الجيل الذي سمي يوما صاعدا، تبخرت لينزل هذا الجيل محبطا، وتصبح أحلامه هباء منثورا أمام وعود تعاقب عليها ألف مسؤول كان هنا ورحل، ليعوّضه آخر ويعيد نفس الوعود ويمضي هو الآخر تاركا خلفه وعوده يحصدها الريح، ليصل جيل عقدت عليه آمال ضخام، إلى مرحلة اليأس الذي لم تعد معه جرعات الوعود تجدي، فما عدنا نصدق شيئا لأن لا شيء سيغير شيئا. كنا أمس عاطلين عن العمل واليوم صرنا عاطلين عن الأمل، وبين عطالتنا عن العمل وعطالتنا عن الأمل، مأساة جيل سرقوا منه كل شيء حتى ابتسامة شاحبة على ثغر جاف. لم يعد مهم أن يجد الواحد منا فرصة عمل، لأننا تجاوزنا هذه المرحلة وصرنا نبحث عن فرصة للأمل، فما عاد فينا من هو على قيد الأمل. لذا يلقي الشباب أنفسهم في عرض البحر، بدلا من أن يستسلموا لخفر السواحل، كما حدث قبل أيام قلائل في عنابة حين ألقى الفتية أنفسهم في عرض البحر، ليجرح بعضهم ويموت شخص بينهم. وحين تصغر الحياة إلى هذا الحد، فالأكيد أن شبابنا وصلوا إلى مرحلة لم يعودوا يفرقون فيها بين الموت والحياة، لأن الحياة بالنسبة لهم موت آخر غير معلن. لقد صرنا أغرابا في وطننا، مشردين في ديارنا، مطاردين بين أهالينا، عاطلين، ويعمل غيرنا. وأمام وضع كهذا، فقد وصلنا إلى مرحلة العطالة عن الأمل. هذا البريد محمى من المتطفلين , تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته