مرة أخرى يُقدِم تلميذ على قتل زميل له بطعنة على مستوى القلب، وربما لن تكون الأخيرة مع ما وصل إليه المجتمع من انحدار أخلاقي رهيب، والظاهرة لا تقتصر على قتل تلميذ لزميل له فقط، بل تعدّتها إلى إجرام جماعي وهجوم بالسواطير والسيوف وقنابل المولوتوف بين شباب الأحياء، لأسباب أقل ما يقال عنها إنها تافهة، ولن نستبعد أن تشتعل حروب بين الأحياء إذا استمرت الأوضاع على هذا الشكل وسنرى نوعا جديدا من الإرهاب، أطفال لم يبلغوا الحلم بعد يحملون أسلحة مختلفة ويفرضون منطقهم، وسنعود إلى الجاهلية الأولى وسنرى تلاميذ المدارس يسطون على مدارس أخرى ونصبح مثل قبائل الجاهلية، وبدلا من أن تُغير قبيلة على قبيلة ستُغير مدرسة على مدرسة، وحي على حي وشارع على شارع. وأمام هذا الوضع يصبح الحديث عن التعليم والتربية مجرد كلام للاستهلاك، وكلام أوراق لأن الواقع صار أكبر مما يتصوّره الناس. وطبيعي جدا أن يصبح القتل عندنا أمرا عاديا حتى ولو كان بين الأطفال، فأي خلاف ولو كان بسيطا صار يُحل بالقوة، والسجن عند الكثيرين صار فندق خمسة نجوم، وحكم الإعدام يريد البعض أن يلغيه لأنه يتعارض مع حقوق الإنسان، ولكن أن يسلب إنسان الحياة من إنسان هذا لا يتعارض مع حقوق الإنسان. وقريبا جدا سنرى أمهاتنا يزغردن من الشرفات ويقمن الولائم والليالي الملاح حين يتناهى إليهن أن ابنهن "الرجل" قد قتل فلانا "الجبان" بطعنة خنجر، فقد صار القتل عمل بطولي وحثالة المجتمع من المجرمين والمنحرفين صاروا قدوة لأطفال المدارس، وكيف لا تصير الأمور على هذا النحو ونحن نسمع أن أمهات حاولن تهريب المخدرات إلى أبنائهن داخل السجون. وربما هو فعلا عودة أخرى إلى الجاهلية الأولى في عصر الأنترنت وغزو الفضاء.