في الأيام الأخيرة الماضية، صعدت واشنطن من لهجتها إزاء سوريا، حيث تدهورت العلاقات الدبلوماسية ما بين البلدين، لا سيما بعدما تراجعت الولاياتالمتحدة من إعادة سفيرها إلى دمشق ، معتبرة أن السبب وراء تدهور العلاقات، هو الاستفزاز السوري بشأن العقوبات المفروضة عليها ، إلا أن الأسباب الكامنة وراء التصعيد الأمريكي اتجاه دمشق، هو انضمام سوريا إلى التحالف التركي الإيراني، حيث شكلت زيارة الرئيس السوري بشار الأسد لتركيا التي تمت في اليومين الماضيين، أسفرت عن اتفاقات تعاون استراتيجي بين البلدين، نواة تحالف سياسي واقتصادي جديد، يتكون من إيران، سوريا وتركيا قد يغير وجه المنطقة. الأمرالذي أثار مخاوف أمريكا و إسرائيل. لقدت بدت ملامح هذا التحالف الجديد تتبلور، بعد قيام الأتراك والسوريين بغلق الفجوة بينهما التي استمرت لأكثر من تسعين عاما، إذ كانت بداية التحول إلى سياسة التفتح بين البلدين، بعد قيام سوريا بأبعاد زعيم حزب العمال الكردستاني من أراضيها، هذا الأخير الذي كان وراء التوتر الطويل بين البلدين، وصل إلى حد التهديد بالحرب، مثلما حدث عام 1997 على خلفية اتهام أنقرةلدمشق بتقديم الدعم والحماية لحزب العمال الكرستاني وقيادته. فضلا عن قضايا المياه ، إلا أنه بعد إبعاد زعيم حزب العمال الكردستاني ، فتحت صفحة جديدة من التعاون بين البلدين ، الأمر الذي مهد إلى بداية تحالف سوري تركي جديد ينص على شراكة استراتيجية في المجالات السياسية، الاقتصادية وإلغاء تأشيرات الدخول لمواطني البلدين. لقد أدرك حزب العدالة و التنمية الحاكم أخيرا، أن رهانها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي هو رهان فاشل بدليل قيامها بكل التنازلات التي طلبت منها من طرف الغرب والتي تتلاءم مع النمط الأوروبي، إلا أن ذلك لم يشفع لها في الدخول إلى عضوية الاتحاد الاوروبي ذو الأعضاء المسيحيين فقط، بسبب جذورها و هويتها الإسلامية التي تعتبر أساس الرفض، وعلى هذا الأساس اتجهت تركيا نحو الشرق . من جهتها سوريا أدركت تماما أن مستقبلها يكمن في المعسكر التركي الإيراني ، أقوى دولتين في منطقة الشرق الأوسط، ورفضها الانضمام إلى محور الاعتدال العربي الذي يضم السعودية ومصر ، بسبب ارتباط هذين البلدين كليا بالمشاريع الأمريكية في المنطقة، فضلا عن أن الولاياتالمتحدة تتهم سوريا بالوقوف وراء عرقلة تشكيل الحكومة اللبنانية . أيضا من بين بوادر التقارب السوري التركي ، هو قيام دمشق بلعب دوركبير في حل الخلاف التركي الأرميني، الأمر الذي ساهم في عودة العلاقات و بشكل قوي إلى الواجهة والاعلان عن تحالف تركي سوري جديد، الأمر الذي سيثير قلق ومخاوف أمريكا واسرائيل .