يأتي هذا بعد أن وافقت اللجنة العليا لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى اجتماعها ظهر يوم الأحد الماضى ( 4 أكتوبر ) برئاسة الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة وحضور الفنان عزت أبوعوف رئيس المهرجان وفاروق عبد السلام مقرر اللجنة وسهير عبد القادر نائب رئيس المهرجان على تكريم خمسة من أبرز نجوم وصناع السينمائية المصرية والعربية، فى الدورة الثالثة والثلاثين . ويأتي في مقدمة هؤلاء المكرمين النجمة الكبيرة "نادية الجندى" التى يصل رصيدها السينمائى الى حوالى 75 فيلما تنوعت مابين الاستعراضية والاجتماعية والسياسية، ونالت عن بعضها عدة جوائز من مهرجانات داخلية وخارجية، واشتهرت بلقب نجمة الجماهير نظرا لما كانت تحققه أفلامها من ايرادات كبيرة فى شباك التذاكر على مدى 25 عاما، كما كرمت فى عدد من المهرجانات العربية ومن منظمة الصحة العالمية عن دورها المميز فى محاربة الادمان خاصة فى أفلام "الباطنية " و "الضائعة" و "شبكة الموت" أما المكرمة الثانية فهي الفنانة الكبيرة "شويكار" التى تميزت بتنوع أدوارها ما بين الكوميدى والسياسى والاجتماعى، ويبلغ رصيدها السينمائى قرابة 120 فيلما، استحقت عنها العديد من الجوائز والتكريمات فى الكثير من المهرجانات والمحافل الفنية، كما شاركت فى بطولة الكثير من المسرحيات والمسلسلات التلفزيونية والإذاعية . وتشمل القائمة أيضا المخرج "على عبد الخالق" الذى يعد من أهم مخرجى السينما المصرية والعربية فى النصف قرن الأخير، ويبلغ رصيده من الأفلام التى قام باخراجها 37 فيلما بدأت بفيلم "أغنية على الممر" عام 1972 وكان أحد الأعمال السينمائية المبكرة التى تناولت الصراع العربى الصهيوني، كما تنوعت أفلامه مابين الاجتماعية والوطنية والكوميدية الراقية، ويدخل العديد منها ضمن كلاسيكيات السينما المصرية مثل "أغنية على الممر" ، "العار" ، "الكيف"، "البيضة والحجر"، "جرى الوحوش"، "شادر السمك"، "الحقونا"، "الحب وحدة لايكفى"، "الساده المرتشون"، "اعدام ميت وغيرها، ونال عنها العديد من الجوائز من مهرجانات مصرية وعربية ودولية، كما قام باخراج سبعة أفلام تسجيلية قصيرة وحوالى عشرة مسلسلات تلفزيونية . ومن ضمن المكرمين أيضا مدير التصوير السينمائى "محسن نصر" الذى قام بإدارة تصوير أكثر من مائة فيلما روائيا طويلا بدءا من عام 1969 وحتى الآن من ابرزها "حدوتة مصرية"، "المصير" ، "الارهاب والكباب" و"طيور الظلام" و "حب فى الزنزانة" و"امرأة واحدة لاتكفى" و"اللعب مع الكبار" و"المنسى" وغيرها من الأفلام التى تعد من أهم الأفلام فى تاريخ السينما العربية، ويحفل تاريخه بالعديد من التكريمات والجوائز فى التصوير السينمائى من مهرجانات محلية ودولية . وأما خامس المكرمين فهو المونتير الكبير "أحمد متولى" الذى يعد واحدا من الفنانين الكبار فى المونتاج السينمائى، حيث قام بعمل المونتاج لأكثر من 48 فيلما روائيا طويلا وقرابة 34 فيلما تسجيلا وقصيرا، بالاضافة الى عدد من المسلسلات والافلام التلفزيونية الروائية التى استحق عنها العديد من الجوائز والتكريمات . قرر مهرجان القاهرة السينمائي الدولي اهداء دورته الثالثة والثلاثين للمخرج الكبير الراحل "شادى عبد السلام" الملقب بفرعون السيما المصرية، والذي قدم للسينما العربية مجموعة من الأفلام ستبقى خالدة على مر التاريخ . جدير بالذكر أن "شادى عبد السلام" ولد بالإسكندرية فى 15 مارس عام 1930 وأتم تعليمه الثانوى بمدرسة فيكتوريا 1948 ، ثم درس المسرح بانجلترا 1949- 1950 وتخرج مهندسا معماريا فى كلية فنون القاهرة 1955 ، ثم عمل مساعد للمهندس المعمارى الفنان رمسيس ويصا واصف 1956 ، ثم عمل مساعدا للمخرج صلاح أبو سيف 1956- 1958 ، وهو من صمم المركب الفرعونى فى فيلم كليوباترا من إنتاج شركة فوكس العالمية، وصمم ديكور وملابس الأفلام التاريخية المصرية :واإسلاماه، صلاح الدين، أمير الدهاء، شفيقة القبطية، ألمظ وعبده الحامولى . وصمم الأفلام المعاصرة: بين القصرين، الخطايا، الرجل الثانى، أضواء، السمان والخريف 1959- 1966 . وعمل أيضا كمستشار تاريخي ومشرف على أقسام الديكور والملابس والإكسسوار فى الفيلم البولندى فرعون من إخراج كفالوروفتس 1963. وعمل مصمما لديكور وملابس فقرة عن الحضارة المصرية من مسلسل روبرتو روسيللينى "الصراع من أجل البقاء" 1967. و أخرج الفيلم الروائى الطويل "المومياء" 1968- 1969 و تولى إدارة مركز الأفلام التجريبية التابع لوزارة الثقافة 1970 و قام بالتدريس فى المعهد العالى للسينما لأقسام الديكور والملابس والإخراج 1963-1969 ، وتوفى فى 8 أكتوبر 1986 . أما عن أحلامه ومشروعاته وطموحاته، فلقد ظل "شادي عبد السلام" يبحث عن التاريخ الغائب وعن الهوية وعن الجذور وقد أحب التاريخ الفرعوني .. وتاريخ قدماء المصريين .. وأراد أن يوظفه من أجل بعث الهمة في روح الشعب المصري .. وأراد أن يستخلص منه دروسا تفيد الأجيال القادمة من خلال تعميق فكرة الانتماء لديهم وربطهم بماضيهم وحضارتهم وجذورهم، ولذلك عكف عبد السلام بعد الانتهاء من فيلمه الكبير "المومياء" في مشروعه الكبير الثاني – والذي لم يرى النور حتى الآن – وهو فيلم "مأساة البيت الكبير" أو كما عرف باسم ( إخناتون ) نسبة إلى الشخصية المحورية فيه شخصية إخناتون .. وقد ظل يعيد في كتابته عشر سنوات .. وأثناءها قام بإعداد تصميمات وديكورات الفيلم بالإضافة إلى الأزياء والإكسسوارات الخاصة بالفيلم، وقد قدمت له عدة عروض لإنتاج الفيلم ولكنه رفضها جميعا، حيث كان يرفض المنطق التجاري من أساسه.. وسعى إلى أن تقوم وزارة الثقافة بإنتاج الفيلم الذي يتطلب تكلفة إنتاجية عالية لكن جهوده باءت بالفشل . وقرر مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عرض النسخة المرممه لفيلم "شادي عبد السلام" وهو الفيلم الروائى الطويل الوحيد له، والذي يحمل اسم "ليلة أن تحصى السنين – المومياء"، والذى يعد من أهم الأفلام العربية والعالمية، وسوف يكون هذا العرض هو الأول من لهذا الفيلم في مصر بعد ترميم النسخة، والذى قامت مؤسسة سينما العالم التى يرأسها المخرج الأمريكى الشهير "مارتن سكورسيزى" مؤخرا بترميمة ضمن مشروعها الذى يهتم بصنع نيجاتيف جديد لأهم الأفلام فى العالم، لتمتد جودتها لمئات السنين، ولقد عرض هذا الفيلم فى الدورة الأخيرة لمهرجان "كان"، وقد تحملت وزارة الثقافة المصرية نفقات ترميم النسخة وتحويلها إلى نسخة ملونة، وبلغت قيمة التكلفة 50 ألف أورو . وفيلم "المومياء" من أنتاج المؤسسة العامة للسينما عام ( 1968- 1969) وعرض تجارياً لأول مرة فى مصر فى 27 جانفي عام 1975 ، وهو قصة و سيناريو وإخراج شادى عبد السلام الذى شارك أيضا فى كتابة الحوار له مع علاء الديب، وشارك فى بطولته نخبة من الفنانين منهم "زوزو حمدى الحكيم وأحمد مرعى وشفيق نور الدين وعبد المنعم أبوالفتوح وعبد العظيم عبد الحق ومحمد نبية وأحمد عنان وأحمد حجازى ومحمد خيرى ومحمد مرشد وجابى كراز، وكانت الفنانة الكبيرة نادية لطفى ضيفة شرف الفيلم ويعتبر فيلم " ليلة أن تحصى السنين – المومياء" من أهم الأفلام التي قدمت في تاريخ السينما وهو يعالج قضية الهوية والحفاظ على التراث الحضاري لمصر فقد كان شادي عبد السلام يرى أن الحضارة المصرية القديمة هي عبارة عن تجربة إنسانية وفكرية عميقة تستحق أن تدرس وتستلهم لتكون مصدر لنهضة وتقدم مصر، وقد استهل شادي فيلمه المومياء بهذه الكلمات : "يا من تذهب سوف تعود .. يا من تنام سوف تصحو .. يا من تمضي سوف تبعث" وكأن شادي عبد السلام يريد أن يقول من خلال هذه المقدمة وهذا الفيلم أن الجد القديم سوف يعود .. وكما يقول هو عن الفيلم "أريد أن أعبر عن نفسي وعن مصر .. أريد أن أعبر عن شخصية الإنسان المصري الذي يستعيد أصوله التاريخية وينهض من جديد. وقد نال فيلم المومياء العديد من الجوائز في المهرجانات العالمية منها جائزة (جورج سادول) وجائزة النقاد في مهرجان قرطاج 1970 م وغيرهما.. ومن اجل فيلم المومياء استحق شادي عبد السلام أن يكون واحدا من أبرز مخرجي العالم .. فقد اختير ضمن أهم 100 مخرج على مستوى العالم خلال تاريخ السينما في العالم من رابطة النقاد الدولية في فيينا . وقد احتل المومياء المرتبة الأولي في استطلاع الأفلام الأجنبية الذي أجري في فرنسا عام 1994 . ولقد قدم المخرج شادى عبد السلام للسينما المصرية عددا من الأفلام القصيرة الهامة ومنها فيلمه الرائع "الفلاح الفصيح" 1970 ، والفيلم مأخوذ عن إحدى البرديات الفرعونية القديمة والمعروفة باسم "شكوى الفلاح الفصيح وقد فاز فيلم "الفلاح الفصيح" بجائزة السيدالك في فينسيا في نفس العام . وأخرج شادي عبد السلام أيضا أفلام "جيوش الشمس" 1974 م، والفيلم التسجيلى "كرسي توت عنخ آمون الذهبي" 1982 ،وفيلم "الأهرامات" و ما قبلها 1984 ، وفيلم عن "رع رمسيس الثاني" 1986 ، وفيلم "أفاق" 1972 ، وأخرج فيلم تسجيلى عن حرب أكتوبر "جيوش الشمس" 1973-1974 ، وصور أجزاء من فيلمه التسجيلى "الحصن" الذى لم يكتمل 1975-1977 .