نظمات والأحزاب السياسية عندنا، ما فتئت تطالب منذ خروجها لشمس التعددية إلى اليوم، بالتداول على السلطة، وهو ما يحق لكل حزب أو جمعية سياسية المطالبة به وفرض وجهة نظرها في مسائل تخص الوطن. إلا أن واقع أحزابنا اليوم لا يضحك فقط، بل يثير الشفقة، حين نسمعها تنادي بالتغيير، وهي التي لم تغير طريقة التسيير بداخلها منذ ظهرت على وجه التعددية في الجزائر. وإن كان يحق لأي حزب المطالبة بالتغيير بالطرق الشرعية، فالمناضلون داخل هذه الأحزاب عليهم أن يروا التغيير أولا من داخل أحزابهم، لأن هناك أحزابا خلد رؤساؤها في مناصبهم منذ رأت الوجود، حتى وإن كانت تدّعي الديمقراطية وتنادي بالتعددية والتداول السلمي على السلطة، حتى أن مناضلين ومتعاطفين مع عدة أحزاب يئسوا من الخطب الاستهلاكية التي لم تعد تقنع أحدا، حتى أن "الأرسيدي" الحزب الذي يلبس لبوس الديمقراطية ويتكلم في كل مناسبة وغيرها عن التداول على السلطة، لم يستطع رئيسه أن يهضم تواجده خارج رئاسة الحزب منذ أن خلق هذا الحزب قبل قرابة العشرين سنة. ورغم أن حزب سعدي انفض من حوله الجميع، من خليدة تومي إلى عمارة بن يونس وغيرهم من المناضلين بعدما تبددت أحلام الديمقراطية التي أسس لأجلها الحزب. والأكثر من هذا، أن أحزابنا تتميز بمفارقة عجيبة وغريبة في الوقت نفسه، وهي ظاهرة الانقلابات في داخلها، وهذا ما نستشف منه أن المناضلين يؤمنون بتغيير الزعيم داخل الحزب بالقوة، وهو ما كاد يحصل مع موسى تواتي لولا تدخل وزارة الداخلية، وما حدث مع جاب الله الذي أطيح به بانقلاب. والأمر لا يقف عند الأحزاب فقط، بل تعداه حتى إلى الجمعيات، فمنظمة أبناء الشهداء لم يتغير رؤساؤها إلا من خلال انقلابات ومكائد مكّنتها من التغيير. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن قبل أن تطالبوا بالتداول على السلطة، متى يتم التداول على الحزب أو الجمعية، حتى ولو كانت خيرية؟