أوضح الخبير الاقتصادي، ورئيس جمعية تطوير اقتصاد السوق، د.عبد الرحمن مبتول، في تصريحات ل "الأمة العربية"، أن فعالية الصندوق الوطني للاستثمار، الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية مؤخرا، بقيمة 150 مليار دولار، محكومة بنجاح ما أسماه ب "مكافحة الإرهاب البيروقراطي"، والتي اعتبرها السلطة الأولى في الواقع الجزائري. وأضاف الخبير أن نجاح الصندوق مرهون كذلك بوجود رؤية واضحة ومتناسقة لسياسة اقتصادية، آخذا بعين الاعتبار آثار الأزمة العالمية التي ستعيد صياغة النسيج الإنتاجي حول العالم. وشدّد الخبير على ضرورة تفادي ما أسماه ب "الدور الفتاك" للدولة، الذي عرف خلال السبعينيات، والالتزام دور الدولة الاستراتيجي في ضبط السوق، منتقدا بعض ما يعرفه الاقتصاد الوطني حاليا في هذا المجال، حيث أصبحت لتعليمة حكومية من الوزير الأول، نفس وزن القانون أو الأمرية الرئاسية. ودعا د.مبتول إلى إدماج السوق الموازي المهيمن حاليا في الجزائر، بعيدا عن الإجراءات التسلطية "عديمة الجدوى". وقال الخبير إن المسؤولين على الصندوق يجب أن يأخذوا في الاعتبار المعاهدات الاقتصادية الدولية وما ينجر عنها، لاسيما اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، ومفاوضات الانضمام إلى منظمة التجارة الدولية، خاصة فيما يتعلق بالإعفاءات الجمركية. وقال د.مبتول، إنه لكي تكون المشاريع الاقتصادية التي يقوم بها الصندوق مجدية، يتوجب أن تمنح امتيازات عالمية تنافسية، وتجنب تبذير الموارد المالية وإقرار منافسة حقيقية، وتفادي احتكار أي جهة عامة أو خاصة، مشدّدا على ضرورة أن توجه القروض لمن يستحقها من المستثمرين، وألا تنحرف عن وجهتها، كما حصل مع بعض البنوك التي تتعامل مع أقلية من المتعاملين. وفيما يتعلق بقرار مسح الديون عن الفلاحين، أثنى الخبير على هذه الخطوة، معتبرا إياها حافزا رئيسيا لسكان الأرياف للقيام باستثمارات فلاحية، لكنه دعا بالمقابل إلى تجنب التجزيء الذري للأراضي، مما يساهم في رفع كلفة الإنتاج. واعتبر أن هذا القرار يفرض مراجعة السياسة المائية وتفادي التبذير، واستخدام تكنولوجيات ري حديثة ومكافحة التصحّر، ووضع حد لتوسّع البناء على حساب الأراضي الفلاحية الخصبة، وانتهاج سياسة أسعار تشجع الزراعات الإستراتيجية مثل القمح، إلى جانب وضع سياسة إعانة مالية مدروسة، توجه لمستحقيها فقط. وقال د.مبتول، إن البرنامج الجديد يقتضي القيام بتحولات بنيوية للاقتصاد الوطني، وإقرار ثقافة جديدة.