لقد بات النقل ينغّص بشكل يومي حياة المواطنين بقسنطينة، وبالأخص سكان المناطق البعيدة، فبالإضافة للنقص الفادح في الحافلات والسيارات يضطر الكثير من المسافرين إلى دفع مبالغ باهظة من أجل التنقل بين تلك المناطق ووسط قسنطينة خاصة في الساعات المتأخرة من اليوم على مدار أيام السنة، هذا بالرغم من توفير مديرية النقل لخطوط نقل خاصة بهذه المناطق· وبينما التزمت الحافلات فقط باعتمادها والسير عليها، فإن معظم سائقي سيارات الأجرة لا يطبقونها، فمثلا بحي بكيرة خصصت مديرية النقل 30 سيارة له إلا أنه لا يوجد أي سائق يقوم بوظيفته، كما أن الكثيرين منهم، بالإضافة إلى ''الفرود''، يعمدون إلى رفع التسعيرات إلى الضعف أي ما يعادل ثمن الذهاب والإياب، متحججين بعودتهم فارغين أي من غير ركاب بحكم أن المناطق نائية، وهي الوضعية التي يدفع ثمنها المواطن البسيط الذي يضطر للانتظار طويلا عله يظفر برحلة وفق التسعيرة القانونية·· هي في واقع الأمر حقيقة مُرة لكن لا يمكننا إخفاؤها، وهوما يوجب على السلطات التحرك للحد منها وعدم اقتصار المخططات التي تسطرها للقضاء على أماكن الازدحام وفقط، مع ضرورة الإسراع في إنجاز المحطات الجديدة المبرمجة واعتماد طرق تسيير جديدة لتنظيم قطاع النقل مع تكثيف الرقابة والحد من الظواهر غير القانونية· ولا يجب أن تقتصر المراقبة على سيارات ''الفرود'' فقط بالرغم من أنهم يعدون البديل، هذا وقد حمل عبد المالك جويني مدير النقل بالولاية، مسؤولية فوضى النقل بقسنطينة إلى مصالح البلدية، بينما يعتبر رئيس لجنة النقل والمرور عبد الحفيظ طاشور، بأن مشاكل النقل هي حصاد سياسات تخطيطية فاشلة· ومن أجل توضيح الموضوع أكثر يتواجد بقسنطينة حوالي 5000 سيارة أجرة تتجول بين أحياء المدينة وتغيب عن ممارسة نشاطها الذي يعكر صفوتأديته، غياب المواقف·· مطاردات الشرطة·· سائقون خارجون عن العادة·· تسعيرات على المزاج·· وثمن يدفعه المواطن المسكين·· يحدث كل هذا في ظل غياب شبه تام للرقابة وتبادل للتهم وتهرب من المسؤولية كما سبق وذكرنا .. تتقاسمه جميع الأطراف القائمة على قطاع النقل بالولاية والجمعيات والنقابات الممثلة للناقلين والسائقين، فبينما أظهر الاستطلاع الميداني البسيط الذي قامت به "'الأمة العربية "أن حوالي 40% من أصحاب سيارات الأجرة لا يسكنون قسنطينة، أكد بعض السائقين بأن السواد الأعظم منهم يشغلون مناصب في مؤسسات عمومية ويمارسون التجارة ونشاطات مختلفة، بينما تعد مهنة ' 'الطاكسي'' عندهم عمل إضافي يمارس عند بداية النهار قبل ال 8 صباحا وبعد ال 17 مساء، الهدف منه تحصيل المصروف الزائد وحق المازوت· ولأن الأخير يمكن تحقيقه بالعمل خارج القانون عن طريق الفرود، ذكرت مصادر متطابقة أن الكثير من أصحاب سيارات الأجرة توقفوا عن ممارسة العمل بصورة نظامية وتحوّلوا للعمل في سوق 'الفرود'' كون الأول يخضع لمجموعة من التكاليف والضرائب تتراوح بين 5000 و6000 دينار شهريا، في حين الثاني يمارس بحرية ويحقق الدخل الصافي، والمهم فيه أن لا تقع في قبضة الأمن· أما بالنسبة لبقية السائقين النظاميين الذين يمثلون الجزء البسيط من العدد الإجمالي، فهم يمارسون نشاطهم في ظروف غير حسنة لا تستوفي الشروط منذ أكثر من 4 سنوات، تاريخ غلق أكبر محطة بوسط المدينة المسماة ''كركري'' ومحطة ''بومزو'' التي أعيد فتحها، ناهيك عن الاختناق الحاد في حركة المرور وملاحقات رجال الأمن الذين لا يخلومنهم أي موقف، هذا إن وجد، لأن كل المواقف الخاصة بسيارات الأجرة تم إلغاؤها بقسنطينة والوعود بإعادة النظر فيها لا تزال قائمة· يحدث هذا في مدينة تلقب بعاصمة الشرق الجزائري وليس بالغريب ..لأن فوضى النقل ملف أسود من الملفات الثقيلة والاستثنائية التي تزخر بها الولاية.