تشكّل قضايا سفك الدماء جزءا معتبرا من الملفات المطروحة على العدالة. وإذا كانت جرائم القتل انتشرت في المجتمع الجزائري، إلا أن المعطيات حسب شهادة رجال القانون تؤكد أن ظاهرة القتل العمدي التي عرفت تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة، لم تعد ترتبط بالضرورة بدوافع قوية، إنما صارت الأسباب التافهة الشرارة القابلة للاشتعال في أية لحظة، لتسفر عن تصفيات جسدية. ومن هذا المنطلق، لم يخف النائب البرلماني الدكتور عبد القادر بلقاسم قوادري ل "الأمة العربية" قلقه تجاه التزايد المستمر والفظيع للجرائم التي تقع يوميا في بلادنا، وبخاصة جرائم القتل التي قال عنها إنها تقع لأتفه الأسباب، مضيفا بأنها تحصل رغم الجهود التي يبذلها رجال الأمن في القبض على المجرمين وتقديمهم للعدالة، إلا أن الوضع لم يتحسن، معتبرا العقوبات الصادرة ضد هؤلاء المجرمين لا تتناسب مع حجم الجرائم المرتكبة، وبالتالي ليست رادعة لغيرهم، مستفسرا عن إمكانية إدراج الوزارة الوصية مبدأ القصاص ضمن منظومة قانون العقوبات، ويعتبر هذا السؤال من بين الأسئلة الشفوية التي سيطرحها على وزير العديل في الدورة البرلمانية القادمة. وحسب العديد من المصادر، فإن الكثير من عمليات القتل تحدث تحت تأثير دوافع سخيفة، لم تكن شائعة من قبل في المجتمع الجزائري، صارت حديث الساعة في المحاكم التي تتهاطل عليها قضايا سفك دماء، سببها غضب تولّده أمور تافهة، كعدم التفاهم حول السعر مثلا. كما تدفع العلاقات الغرامية ببعض الشبان، إلى اغتيال أي شاب يحاول التعرف على صديقاتهم. وبناء على هذه المعطيات، تم في السنوات الأخيرة تشديد العقوبات لكبح جماح العنف، إلا أن هذا الأخير ما يزال مستفحلا. وتضيف إحدى المحاميات ل "الأمة العربية"، أن أكثر القضايا التي تجري بشأنها محاكمات تتعلق بجناة باعوا هواتف نقالة للضحايا، ثم قتلوهم جراء التماطل في دفع الثمن، فالواقع هو أن جريمة القتل التي لها وقع كبير على النفوس، أصبحت ترتبط بأتفه الأسباب، مما يتطلب تسليط الضوء من طرف مختصين نفسانيين لإجراء دراسات حول مسببات العنف، المسجل بصفة خاصة في وسط المراهقين والشباب، ذلك لأن هذه الشريحة تندفع غالبا دون التفكير في العواقب، حيث يسهل لها حمل السلاح الأبيض والوقوع في خطأ القتل العمدي.