يتحدث في هذا الحوار نائب رئيس لجنة الدفاع الوطني بالمجلس الشعبي الوطني بجرأة عن قانون تجريم الاستعمار، عن التصريحات العارية الاستفزازية لوزير الخارجية الفرنسية كوشنير، كما يتطرق في تلميحات إلى موضوع التعويضات، وينبه زملاؤه النواب البرلمانين إلى نقطة هامة متمثلة في أن الحقوق تأخذ ولا تعطى،كما تحدث عن بعض الآليات القانونية والقضائية لوضع ذلك القانون موضع التنفيذ وحمل مستعمر الأمس ممثلا في إدارة اليوم على الرضوخ والاستجابة لمطالب البرلمان الجزائري ممثلا عن الشعب، التي هي حقوق الأموات والأحياء أقصد الشهداء وأعضاء الأسرة الثورية وعموم الشعب. النائب محمد فيلالي غويني : أولا تلك التصريحات عارية وخارجة عن كل مقتضيات العمل السياسي والديبلوماسي وهي أيضا " شذوذ سياسي " فرنسي غير مبرر، وأود أن أذكر بأن التصريحات الفرنسية الاستفزازية لم تتوقف يوما وقد طبعت مختلف الفترات السابقة وخاصة عندما تطرح مواضيع هامة ومصيرية للنقاش السياسي كما هوالحال بالنسبة لمشروع قانون تجريم الاستعمار ومن قبله المطالبة بتعويض ضحايا التجارب النووية في الجزائر ومن قبله موضوع تسوية الوضعيات الإدارية للرعايا الجزائريين كغيرهم من الجاليات ومن قبل ذلك استغلال فرنسا لظروف المأساة الوطنية في الجزائر ومحاولة استغلال فرنسا لقضية " الرهبان الفرنسيين " في تبحيرين في المدية وتلفيقها ظلما للجيش الوطني الشعبي ومن قبله أيضا موضوع شراء ديون الجزائر الخارجية للضغط والابتزاز إلى غير ذلك من المواضيع التي تكشف في كل مرة عن الأطماع الاستعمارية ونزعة الهيمنة والتدخل لدى الجانب الفرنسي الذي لا زال يحن إلى ماضيه الآثم في الجزائر ولما يتجاوز عقدة "العقلية الاستعمارية " في التعامل مع الجزائر وكذا مختلف مخلفات الفترة الاستعمارية، ونحن نرفض تلك السلوكيات الفرنسية " المنحرفة " والخارجة عن كل المواثيق والأعراف التي تحكم العلاقات بين الدول ونعبر باستمرار عن شجبنا محاولات التدخل في شؤون الدولة الجزائرية من طرف أي كان وخاصة من طرف فرنسا التي لا تزال جراحها لم تندمل . موضوع التعويضات المقدم من طرف فرنسا لا يهدف ولوعرضيا لتعويض الضحايا الجزائريين بل يهدف أساسا للتكفل بالضحايا الفرنسيين وخاصة منهم أفراد الجيش وكذا الخبراء والتقنيين الذين عملوا في ذلك الوقت على تطوير القدرات النووية الفرنسية على حساب المدنيين الجزائريين خاصة في منطقة " رقان " وسكان البوادي في المناطق المحاذية لمراكز الاختبارات والتجارب النووية النازية في الجزائر كما جاء قرار التعويض أيضا لامتصاص الغضب الفرنسي في هذا الشأن وقد تأخرت الإدارة الفرنسية كثيرا في التكفل بضحايا التفجيرات النووية في الصحراء الجزائرية. علينا كجزائريين أن ننتزع حقوقنا بأيدينا كما انتزعنا استقلالنا فالحقوق كما يعلم الرأي العام تؤخذ ولا تعطى، وعلينا تقوية وتصعيد المطالبة بحقوقنا والتدرج فيها داخليا واستغلال كل المحافل الدولية وكذا الدبلوماسية البرلمانية للضغط على فرنسا وحشد الدعم الخارجي خاصة من طرف الدول التي كانت مستعمرات فرنسية سابقة خاصة في إفريقيا ولكم أن تتصوروا ماذا لو تضافرت جهود كل تلك الدول في اتجاه تجريم الاستعمار والعنصرية وجرائم الحرب الفرنسية فكم ستستمر فرنسا في تجاهلنا وتعنتها ؟ بعد أن نتمكن من تمرير مشروع قانون تجريم الاستعمار، سنعكف بعدها على إيجاد الآليات القانونية والقضائية لوضع ذلك القانون موضع التنفيذ وحمل مستعمر الأمس ممثلا في إدارة اليوم على الرضوخ والاستجابة لمطالبنا التي هي حقوق الأموات والأحياء أقصد الشهداء وأعضاء الأسرة الثورية وعموم الشعب . سنعمل على إدانة أممية للظاهرة الاستعمارية وتسجيلها كجرائم في حق الإنسانية ومتابعة قادتها دوليا بحكم القانون الدولي. نعم تصورنا المتكامل لهذا المشروع لم يتم التكفل به بعد في مشروع القانون الحالي كون هذا المشروع المقدم في صورته الحالية لا يقدم الآليات الضرورية الكفيلة بتطبيق مقتضيات القانون مستقبلا بل يسعى في طبعته الحالية إلى تحقيق المبادئ العامة للمشروع من حيث أنه يجرم الاستعمار ويدين المستعمر ويعتبر ما قامت به فرنسا الاستعمارية جرما إنسانيا في حق الجزائريين بالإضافة إلى تعداد مختلف الجرائم التي مورست ضدنا ونحن نرى في حركة الإصلاح الوطني بأن تعداد مختلف الجرائم التي ارتكبتها فرنسا في الجزائر والتي من بينها : احتلال الأرض والتقتيل والإبادة الجماعية والحرق الجماعي " الهولوكوست "وطمس معالم الشخصية الوطنية وحرق وتدمير البنى التحتية للجزائر من مدارس وكتاب ومرافق عمومية ومزارع وحقول ومنشآت وتهريب الثروات واستغلال الإنسان وتجهيل الشعب وإشاعة مظاهر و ُدور الانحلال وحجب العلوم واحتكار وسائل الاتصال والتثقيف والتنصير ألقسري وتقسيم المجتمع وتصنيفه وإشاعة التفرقة والمساس بالحقوق الفردية والجماعية والتعدي على الحرمات و..و..ووالقائمة طويلة كل تلك الجرائم تحتاج إلى نص قانوني لتثبيتها والتنصيص عليها ومن ثم طرح الآليات القانونية لرد الاعتبار لضحاياها من الشعب وإيجاد الميكانيزمات الكفيلة بتطبيق مقتضيات القانون المزمع تمريره لأننا نهدف إلى انتزاع الحقوق والتعويض عن الجرائم من طرف " مجرم أجنبي" لا تلزمه نصوصك القانونية شيئا إذا لم تضبط الأمور بآليات عملية ونحن لنا في هذا الإطار ما نقوله في أوانه لا أبدا لم نتأخر في طرح الموضوع في بعده الشعبي والنخبوي،فالكثير من رموز الثورة التحريرية ومنذ الاستقلال لم يتوانوا في المطالبة بتجريم مستعمر الأمس في مختلف الفعاليات التاريخية والندوات والمناسبات الوطنية وكذلك بالنسبة لبعض الأحزاب،فالجميع يعلم بأن الكتلة النيابية لحركة الإصلاح الوطني كانت بادرت في الفترة التشريعية الخامسة ( 2002 - 2007 ) بمشروع قانون تجريم الاستعمار ونظمت في نفس السنة يوما برلمانيا حول موضوع جرائم فرنسا الاستعمارية في حق الجزائر ولاقى ذلك اليوم إقبالا مميزا من طرف أعضاء الأسرة الثورية ورجال السياسة والإعلام ونجح نجاحا ملحوظا في حشد التأييد الشعبي لذلك فأطلقت حملة لجمع توقيعات المواطنين والمواطنات واستطعنا جمع عشرات الآلاف من التوقيعات، غير أنه وللأسف الشديد لم يحال المشروع من طرف مكتب المجلس الشعبي الوطني حينها لا على الحكومة ولا على اللجنة القانونية المختصة ومن ثمة على النواب في قاعة الجلسات للمناقشة العامة حسب مقتضيات الدستور الجزائري كما أن الدعوة إلى تمرير ذلك المشروع توالت بعدها من طرف الكثير الفاعلين على الساحة السياسية الجزائرية . نمتى أن ننجح وبقوة هذه المرة في تمرير مشروع القانون ونتفرغ بعدها لتنفيذه وحمل السلطات الفرنسية على الإذعان لمطالب ضحاياها بالأمس والتكفير عن جرائمها المرتكبة في حق وطننا وشعبنا وهويتنا ومشروعنا الوطني .