أقسم الكثير من مشجعي المنتخب الوطني على عدم الحضور مجددا لمباريات الخضر، ليس تذمرا من الأداء المحتشم الذي قدمه رفقاء زياني وثقل النتيجة، ولكن للمعاناة التي تكبدوها قبل، أثناء وبعد المباراة، حيث وجدوا صعوبات جمة في الوصول إلى الملعب ثم اصطدموا بهراوات رجال الأمن عند المدخل، وبعدها بدأت معاناتهم مع المنحرفين الذين استغلوا الفرصة لممارسة مهنتهم رغم التواجد المكثف لعناصر الأمن، وزادت معاناتهم مع هزيمة الخضر التي استنفرت الجميع. ولذلك، فإن الحديث عن عودة الهدوء إلى ملاعبنا ليس بعد، نظرا لكون مشكل التنظيم لا يزال مساهما بدرجة كبيرة في أحداث العنف، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمواعيد الضخمة، حيث أن الملعب رغم كونه دوليا وواجهة الكرة الجزائرية، إلا أنه يفتقد إلى أقل الضروريات، وهي دورات المياه. وهو ما يزيد من ثورة الأنصار والأدهى من ذلك، أن المحظوظ الذي يعثر على مكان فيها يعرض نفسه للسرقة والإعتداء بالأسلحة البيضاء، لأنها أفضل الأماكن التي يسهل على المنحرفين ممارسة هوايتهم فيها. وقد التقينا مجموعة من الطلبة الجامعيين في طريق العودة وكانت علامات الغضب بادية على وجوههم، حيث عبّر أحدهم بلهجة شديدة "لماذا لا يقوم رجال الأمن بدورهم في المدرجات، فقد وقعت عدة حوادث سرقة واعتداءات أمام مرأى بعضهم، لكنهم لم يحركوا ساكنا، لكنني عرفت لماذا، فقد كان الجميع منصبا اهتمامهم على جهة النساء"، ولذلك أكدوا أنهم لن يحضروا مجددا لمباريات الخضر إذا حضرت النساء، لأن الثقافة عندنا لم تتفتح بعد لاستقبال الجنس اللطيف في مدرجات ملاعب كرة القدم، على غرار الدول الأوروبية. ففضلا عن تعرضهن لشتى أنواع التحرش، فإنهن يلهين الموظفين من عمال الملعب والمنظمين ورجال الأمن عن القيام بدورهم. ومادام هناك صنف خاص من الأنصار لايزالون يتردّدون على الملاعب عندنا، فإن العنف سيستمر، لأنهم لا يجدون أحسن مكان لتفريغ مكبوتاتهم وهمومهم اليومية من ملاعب كرة القدم، وقد أعطى هؤلاء صورة قاتمة عن الجمهور الجزائري لدى الأجانب، حيث حتى ولو صنع أجواء رائعة من بعيد حيرت لاعبي المنتخب الصربي ودفعت عدة صحف أجنبية إلى الإشادة بها، إلا أن ما حدث في العمق وبعيدا عن العدسات يعتبر مهزلة حقيقية، وذلك عندما عمد البعض إلى رمي قارورات المياه مملوءة "بالبول" إلى المنصة الشرفية التي كان فيها بعض رجال الأعمال الصربيين، وهو ما أثار سخطهم. وقد دفعت هذه المشاهد الأنصار الحقيقيين إلى المطالبة بانتقاء المشجعين مستقبلا، مع منع إدخال القارورات مهما كان وتعويضها بالأكياس البلاستيكية كما يحدث في المباريات الرسمية، مؤكدين على أن سمعة الجزائر وأنصارها أصبحت في خطر جراء التصرفات الحيوانية لبعض المنحرفين.