"لكل بداية نهاية"، هي المقولة التي تنطبق على عميد المدربين في الغرب الجزائري الذي كان له الحظ أن عمل مع كبار وعمالقة التقنيين في سنوات الثمانينات والتسعينات وعمل إلى جانب الشباب وعايش عقليتهم، درّب أكبر الفرق وساهم في صعودها وكسب ود الجماهير الذين يكنون له كل الود والاحترام، وذلك من خلال مسيرته الحافلة بالنجاحات والتي صنعت له اسما في عالم المستديرة بعد 31 سنة من العمل هو ما صعب عليه الأمر لإتخاذ قرار ترك عالم المستديرة الذي عاش فيه ذكريات بحلوها ومرّها هو التقني وابن الباهية وهران محمد مازة الذي رغم عشقه وتعلّقه بالملاعب إلى أن خرج من الباب الواسع فاسحا المجال للشباب ويستحق أفضل تكريم لأنه مدرب ومربي بمعنى الكلمة هو مادفع يومية "الوطني" إلى الإتصال بالتقني مازة ليكشف لنا الكثير عن مسيرته الرياضية. -"إتحاد بشار كان بوابتي لاقتحام التدريب"- بدايتي تختلف عن بعض التقنيين، لم يسبق لي أن لعبت كرة القدم أو كنت لاعبا سابقا كما يخيل للبعض وإنما كنت أستاذا التربية البدنية في بشار وكانت تربطني علاقة جيّدة برئيس النادي إتحاد بشار أنذاك، في سنة 1987 اقترح علي لماذا لا تقوم بتدريب ومنح لي شرف تدريب أواسط فريق إتحاد بشار أنذاك ومن هناك كانت بدايتي التي جاءت صدفة لكنها فتحت لي الباب على مصراعيه وقدت فريق الشباب ولحسن الحظ توجنا بالبطولة الجهوية لأول مرة في هذا الموسم، هو الأمر الذي استحسنه المسيرون وفرحت كثيرا لأنهم وضعوا ثقتهم في شخصي ولم أخيبهم وواصلت المهمة الموسم الذي بعده، حيث ترقيت لتدريب الأكابر رفقة التقني الكبير محمد حفيان ومكثت هناك لثلاث سنوات وبعدها قررت العودة لوهران. "تشرّفت بتدريب لازمو في ثاني محطة" فور عودتي لمسقط رأسي الباهية سنة 1989-1990، اتصل بي بعض الأصدقاء ليتم عرض علي تدريب فريق شبان العريق لجمعية وهران وتشرفت بهذه المهمة التي كانت بمثابة المحطة الثانية في مسيرتي ومن منا لايقبل قيادة أكبر فريق في الغرب الجزائري وقبلت المهمة رفقة صديقين "بن صلة" و"عثمان سوما" وقمنا بعمل جيّد قادنا إلى نهائي كأس الجمهورية التي أقصينا بضربات الترجيح وهو النجاح الذي فتح لي تدريب أكابر جمعية وهران وبعدها رائد وهران . "حققت الصعود رفقة مديوني وهران للقسم الثاني." الحمد الله ليس غرورا ولكن كل فريق قمت بتدريبه أنجح معه ليس تكبرا وإنما اعتبره توفيقا من الله سبحانه وتعالى وكنت أعمل وأجتهد من قلبي بعد موسمين من تدريب لازمو ورائد وهران، تلقيت عرضا من الجار مديوني وهران وقمت بمفاوضات مع الرئيس وقبلت قيادة الفريق إلى برّ الأمام ولكن الصعود كان من أولوياتي قمنا بموسم جيد جدا وحققنا انتصارات عديدة هو الحظ الذي قادنا إلى تحقيق الصعود التاريخي من الجهوي إلى القسم الوطني الثاني واعتبرت الأولى من نوعها ومن هنا كانت انطلاقة "مازة" الذي أصبح يصول ويجول بين الفرق بكل أريحية، حيث دربت هلال سيق، مكارم تيجان بتبسة، سيدي الشحمي، واد سوف، عين تدلس، سان ريمي وغيرهم من الفرق الذي كان هدفي الأول والأخير أن أحقق نتائج إيجابية في أي فريق أقوم بتدريبه والحمد الله تركت مكاني نظيفا وكل الرؤساء الذين تعاملت معهم يشهدون بذلك . "الفرق بين التدريب سابقا وحديثا يكمن في عقلية اللاعب" الكثير من متتبعي عالم المستديرة يقولون بأن التدريب في الماضي كان بدون إمكانيات وصعب لكن كانت هناك نتائج مشرفة والآن كل شيء متوفر لكن مستوى ضعيف هذا الأمر يكمن في عقلية اللاعبين "بكري" كان اللاعب لديه حس بالمسؤولية إتجاه الفريق الذي تقمص ألوانه ويعمل بجد ويسمع للمدرب ويطبق أوامره بكل حدافيرها، لكن الآن تغيرت هذه الأبجدية وأصبح اللاعب ينظر إلى كرة القدم من أجل جني الأموال فقط ولا يهمه إذا خسر الفريق أم ربح لأنه في آخر الموسم سينتقل إلى فريق آخر، هذا هو سبب تدني مستوى كرة القدم. "المدرب الأجنبي له قيمة أكثر من المحلي في بلادنا" القائمون على شؤون كرة القدم في بلادنا دائما يقدسون المدرب الأجنبي ويقومون بالتهليل له ويرحّبون به ويجهزون لهم كل الظروف للعمل، هذا ناهيك عن الأجر المرتفع الذي يتقاضاه أضعاف التقني المحلي الذي ليس له محل من الإعراب في بلادنا، دائما يسعون لتقزيمه والتقليل من شأنه وأقولها بصريح العبارة "الاختلاف بين المدرب الأجنبي والمحلي يكمن في اللغة، بحيث يتكلم بالفرنسية ونحن بالعامية وهذا خطأ الكرة الجزائرية لديها مدربين في القمة". "الشارع الرياضي يتحكّم في قرارات رؤساء الفرق" الظاهرة التي أصبحت تحكم عالم المستديرة في بلادنا هو الشارع الرياضي وبالأحرى الجماهير هي التي باتت تتحكم في شؤون الفرق وتقوم بالضغط على رؤساء النوادي بجلب أو طرد المدربين، خاصة بعد تعسّر النتائج، يتّهمون المدرب ويحمّلونه المسؤولية ويقومون بإقالته على الفور لكن عند تحقيق نتائج جيدة ينسبونها لللاعبين والطاقم ككل وهذا الأمر لسوء الحظ تفاقم بعد انتشار مواقع التواصل الإجتماعي التي أصبحت تشكل فضاءً حرا يقوم بشرح وتفصيل كيفية اللعب والطريقة التي يجب أن يعمل بها الطاقم الفني. المدرب محمد مازة " سبب انسحابي من العارضة الفنية للكرمة لأمور داخلية" أوضح جيّدا سبب انسحابي من العارضة الفنية كان شخصي وليست لي أية علاقة من المسيرين أو رئيس النادي الوافي كرزاز الذي طلب مني البقاء لكن رفضت لظروف داخلية ولا أريد الكشف عنها لكنها دفعتني للرحيل، وليس تعسر النتائج لأنني قدت الفريق إلى تحقيق عدة انتصارات رفقة كراشاي. "أول أجر تلقيته في التدريب 1500 دج " عندما يكون المدرب يعشق كرة القدم لا يعير اهتماما للمال، أول أجر تقاضيته هو 1500 دج كأجر مرتفع أنذاك رفقة جمعية وهران وكنت جد فرحان به، وقدمت نتائج إيجابية مع النادي لأن هدفي لك يكن تحديد سعر لمهنتي وإنما هو تكوين أجيال للمستقبل والحمد الله خيرة اللاعبين تتلمذوا على يدي. "من يقول لك لم يفرض علي لاعبين من قبل رئيس النادي كاذب" كأبجدية في أي فريق، الرئيس هو الذي يفصل في القرار النهائي وطيلة مسيرتي 31 أصبحت أفهم رؤساء من دون أن يتكلموا وكل رئيس لديه طريقة عمل ويريد بطريقة أو أخرى فرض بعض اللاعبين ومن يقول لك لم تحصل معي هذا كاذب، لكن أنا كنت أحب لغة الحوار، قبل المباراة بثلاثة أيام أجتمع بالمسيرين وأحيطهم بالعلم ما يحصل في الملعب وأقترح بعض اللاعبين وأرى ردة فعل. "أفضل ذكرى لي صعود مديوني وهران سان ريمي والكرمة" أعتبر أحسن ذكرى لي هو تحقيق الصعود مع مديوني وهران وفريق سان ريمي الذي يعتبر أطول فريق دربته ل6 سنوات ومن هذا المنبر أتقدم بالشكر للرئيس كاشا سعيد، كما فرحت كثيرا بتحقيق صعود اتحاد الكرمة الذي كنت أول المهنئين لهم وساهمت في هذا الإنجاز وأعتبر انسحابي من النادي أسوأ ذكرى لي لأنني تمنت أن أكون برفقتهم وأشاركهم هذا التتويج لكن المكتوب كان مغايرا. "لازمو مكانها بين الكبار والأمسيو ستعود لسابق عهدها" ما يحصل لفريق جمعية وهران يؤلم، لأنها لا تستحق المكانة التي تقبع فيها ومكانها بين الكبار وإن شاء الله يتكاثف الجميع لعودتها لحظيرة الكبار، ونفس الشأن بالنسبة للمولودية نتمنى انتهاء الصراعات وعودة "لامسيو" لسابق عهدها والتتويج باللقب الذي طال انتظاره. "قرار الاعتزال كان شخصيا" قرار ترك عالم المستديرة كان شخصيا وصعب في نفس الوقت خاصة بعد 31 سنة من العمل، من حقي أخذ قسط من الراحة وفسح المجال للشباب ليحملوا المشعل بعدنا. "أشكر المحيط الكروي وأطلب منهم السماح" أشكر جريدة "الوطني" على هذه الالتفاتة التي قدمت لها بمثابة تكريم ومن هذا المنبر أطلب السماح من كل اللاعبين الذي دربتهم "غلطت معهم" وأشكر كل رؤساء الفرق والمسيرين والمحيط الكروي بصفة عامة.