قالت مصادر قضائية موثوقة ل "الوطني" أن قاضي التحقيق لدى محكمة حسين داي، قد فتح من جديد في 48 ساعة الماضية، قضية المضاربة بأسعار الإسمنت، عن طريق القيام بعمليات إحتيالية، قام بها بارونات وجهات نافذة، تورط فيها أيضا إطارات بمؤسسة "سوديسماك"، التابعة للمجمع الجزائري الصناعي للإسمنت، من خلال تحويل كميات كبيرة من الإسمنت إلى المضاربة، والمحافظة على رفع أسعار هذه المادة الأولية، بالرغم من وصول شحنات كبيرة من الإسمنت المستورد من تركيا في منتصف السنة الماضية. التحقيقات التي قامت بها المصالح المعنية، والتي إمتدت من فيفري 2010 إلى غاية ديسمبر من نفس السنة، كشفت إخلال مؤسسة سوديسماك بالعمل المنوط بها، والمتمثل في تسويق مواد البناء بصفتها تابعة للمجمع الجزائري الصناعي للإسمنت، حيث كشفت التحقيقات التي إمتدت إلى المصلحة التجارية، وجود أزيد من 120 ملف مزور، منها 53 ملفا لمقاولين كبار عبر التراب الوطني، و 46 ملفا خاصا بتجار الجملة لمختلف مواد البناء، وبعد أن برأت محكمة سيدي محمد في وقت سابق، رئيس المصلحة التجارية، ثبت بعد الخبرة القضائية، تورط إطارات آخرين بالمؤسسة في عملية قبول الملفات، كما كشفت التحريات التي أجرتها مصالح الأمن، أن المؤسسة السالفة الذكر، والتي أسندت لها مهمة إعادة تسويق الإسمنت المستورد، غرقت في فضائح كبيرة، ينتظر أن يتم الفصل فيها في الأيام القليلة القادمة، ومن بين الفضائح التي أفاد بها مصدرنا، بيع شحنات كبيرة من الإسمنت المستورد بالميناء، وبأثمان بخسة، دون أن تدخل مخازن المؤسسة، التي كان الأجدر بها أن يتم توزيعها حسب الحاجيات، ومتطلبات السوق، من أجل منع المضاربة في أسعار هذه المادة، حيث كشفت التحقيقات أنه تم بيع أكثر من 500 ألف طن من الإسمنت المستورد، لأشخاص لم يتم لحد الآن كشف هوياتهم الحقيقة، على إعتبار أنهم استعملوا سجلات تجارية مزورة، حيث وصل عددهم إلى 12 شخصا فاقت قيمة أربحاهم 400 مليار في ظرف 3 أشهر، إضافة إلى تهرب ضريبي فاق 20 مليار. هذا وامتدت التحقيقات حسب ذات المصدر دائما، إلى عدد من الولايات، على غرار قسنطينة، سطيف، برج بوعريريج، مستغانم، ووهران، على اعتبار أن تجار الإسمنت بهذه الولايات، والذين يقدر عددهم بأزيد من 80 تاجر، إقتنوا هذه المادة من مخازن المؤسسة السالفة الذكر بمبلغ مالي لا يفوق 350 دج للكيس الواحد، فيما تم بيعه بأزيد من 800 دج في السوق السوداء، وهو ما كشف وجود أرصدة بنكية ضخمة مسجلة باسم المضاربين في الإسمنت. جدير بالذكر، أن التحقيقات التي توسعت إلى مديريات التجارة بعدة ولايات، مكنت من حصر هؤلاء التجار، الذين كونوا ثروة بشكل غير مسبوق على هامش الأزمة، ومنهم من ركب موجة تبييض الأموال، بشراء عقارات وأملاك في العاصمة ووهران وضواحيهما، متسببين في إلهاب سوق العقار، وإفلاس العديد من ورشات الإنجاز، وتعطيل بسطاء الحال في استكمال إنجاز مساكنهم، هذا وكانت مصالح الدرك الوطني، أحالت أزيد من 400 ملف، فيما يوصف ببارونات المضاربة في تجارة الإسمنت، على وكلاء الجمهورية ب 12 ولاية، منها المسيلة، الشلف، وهران، العاصمة، برج بوعريريج، سطيف، قسنطينة، على خلفية تحقيقات باشرتها ذات المصالح، ودامت أكثر من سنة، وتم التوصل من خلالها إلى تفكيك العديد من الشبكات التي ساهمت في السنتين الأخيرتين، في ترسيم أزمة إسمنت غير مسبوقة .