انتقلت "الوطني" نهاية الأسبوع إلى حي "دالمونت" بوهران وتحديدا بالبناية الواقعة بشارع "رويبة"، أين يقطن المدعو "بوخلاط بن عودة" البالغ من العمر 82 سنة رفقة زوجته المدعوة "سنوسي خيرة"، حيث أن الوضعية التي تعيشها هذه العائلة الثورية التي يعرفها القاصي والداني بثاني أكبر عاصمة بالوطن، تستدعي التدخل العاجل لأصحاب القرار، نتيجة كون أنّ المواطن المذكور، يعاني من إعاقة جسدية ألزمته الفراش ولسنوات طويلة، على اعتبار أنّه فقد يده اليمنى خلال حرب التحرير الوطنية، إضافة إلى هذا، فإنّ رجله بُترت منذ 7 سنوات بسبب معاناته من مرض السكري والضغط الدموي، الأمر الذي حوّل يوميات العائلة الصغيرة إلى جحيم لا يُطاق، خصوصا وأنّ الأخير كان السند الوحيد الذي يعول زوجته الحاجة خيرة، الغريب في قصة "بوخلاط بن عودة" أنّ دخله الشهري الناتج عن منحة التقاعد لا يتجاوز 10 آلاف دج، ولم يسبق وأن استفاد من منحة المجاهدين، لإيمانه العميق أنّ التضحية في سبيل الوطن هي واجب ديني وضرورة وطنية، وفق تصريحات زوجته، التي تشابكت خيوط معاناتها وتفرعت ، في وقت تعتمد العائلة على هبات وإعانات الجيران وفاعلي الخير لمواصلة رحلة البحث عن لقمة العيش... وفي ذات السياق، أكدّ جيران عمي "بن عودة" الذين اقتربت منهم "الوطني" لمعرفة آرائهم في تاريخ الرجل وماضيه، أنّ الأخير سخر كامل حياته، بعد الاستقلال، في خدمة الوطن أيضا، حيث كان يشتغل كحارس ليلي بميناء وهران، ولطالما منح يد العون لمصالح الجمارك حتى خارج إطار المسؤوليات التي كانت على عاتقه، ومع ذلك، فإن أخطر ما في الوضع، أنّه يقطن داخل غرفة وسط بناية يعود تاريخ انجازها إلى عهد "الكولون"، وآيلة للسقوط في أية لحظة، وفق ما عايناه بأم أعيننا، فالجدران تآكلت بشكل كبير، فيما يتجسد مكمن الخطورة في سقف الغرفة التي تأوي الزوجين، والذي تساقطت منه أجزاء معتبرة، تجعل الزائر إليها يُحيل له أنّه داخل مستودع أو مرآب لا يضمن السلامة، ومع أنّ مصالح الحماية المدنية، أعدّت تقارير سوداء عن البناية، وقدمت نسخ عن هذه التقارير لهذه العائلة التي أرفقتها بدورها بملف السكن، إلاّ أنّ المسؤولين بوهران وعلى اختلاف مستوياتهم، لم يهتدوا إلى تخصيص ولو زيارة واحدة إلى بيت المتضرر مع أنّه يعتبر شخصية تاريخية ومجاهد بشهادة كل من يعرفونه وحتى من بعيد. مكمن الصعوبة في الزيارة التي قادتنا إلى بناية "دالمونت" هو أنّ عمي بن عودة أصبح عاجزا عن النطق والتحرك، لأنّه يعاني من فراغ في الذاكرة، جعله يلازم الفراش، وبعيدا عن المحيط الخارجي، وفي هذا الصدد تقول زوجته:" ماذا عساني أفعل، سوى بتوجهي بنداء إلى والي وهران عبد المالك بوضياف، الذي أطالبه وأترجاه بالتفاتة لعائلة تداعت قواها ونخرها الغبن، بمنحي مأوى ولو من غرفة واحدة، لأجل تشييع جنازة زوجي في حال ما إذا غادر الحياة، بكرامة وحسب ما يستحقه ماضيه الثوري...وكلنّا أمل في أن يُخصص مسؤول وهران الأول زيارة ولو بتكليف أحد معاونيه إلى البناية، قبل فوات الأوان..."