ما وقفت عليه يومية"الوطني" أمس، حالة تستدعي التدخل العاجل من طرف المسؤولين وأصحاب القرار بوهران، فالوضعية التي تعيشها المدعوة "رميشي نادية" البالغة من العمر 35 سنة رفقة ابنتيها الصغيرتين، تعكس مدى تنصل ولاة أمورنا من المهام المُسندة إليهم، حيث وبعد أن تلقينا أمراً بتخصيص زيارة إلى السكن العائلي الذي تقطن بداخله السيدة "رميشي"، بداعي معاناتها من أزمة سكن، كنّا نظن أنّ المعضلة لا تختلف عن حالات الأخرى التي تعيشها مئات العائلات بوهران، إلاّ أنّ ما عايناه ضرب من الخيال وأمر يصعب تصديقه، على خلفية أنّ الأخيرة تقبع ومنذ 15 سنة داخل قبو السلالم أو ما يعرف باللّغة الفرنسية ب" لا كاجْ دي زي سْكَالْيي"، الّتي لا تصلح حتّى للرعاية الحيوانية، مساحتها لا تتجاوز 3 أمتار، وتحديدا بشارع العقيد أحمد بن عبد الرزاق رقم 19 بحي الهواء الجميل. فحتى وإن كانت الصورة الملتقطة تُبين حقيقة ما عايناه، إلاّ أنّه يستحيل وقوف شخص بداخله بالنظر لضيقه، ومع ذلك تسكنه ثلاث أرواح بشرية، المعنية بالزيارة "رميشي نادية" والمطلقة منذ سنوات، وابنتيها البالغتين من العمر14 و07 سنوات على التوالي، وقد تزامنت زيارتنا، أمس مع توقيت خروج التلاميذ من المدرسة في حدود منتصف "النهار"، فوجدنا الطفلة الصغرى "......." منهمكة في تحضير دروسها الخاصة بالفترة المسائية في وضع لا يؤهلها لأن تحقق طموحها المتمثل وفق ما صرحت به لنا في أن تصبح طبيبة في المستقبل، فهي تقوم بتحضير تمارينها في ركن ضيق وعلى الأرض وفوق الفراش الوحيد الذي تنام عليه رفقة والدتها...أما شقيقتها الكبرى....."فغالبا ما تتوجه عند أحد الجيران بالعمارة المحاذية لمحطة الوقود ب"بيلار"، ما يعني أنّها تغيب طوال اليوم عن عائلتها الصغيرة، وتعود خصيصا لمكابدة معاناة المبيت مع والدتها، ولمّا سألناها عن ظروف العيش داخل قبو السلالم لقياس درجة وعْيها بالمشكلة من عدمها، قالت وبالحرف الواحد :"نتقاسم العيش مع الجرذان والفئران فأنا تقريبا لا أنام طوال الليل..."، أماّ والدتها التي تبدو عليها علامات اليأس والإحباط، اعتبرت أنّ الموت أفضل من العيش في مكان تنعدم به التهوية وخلّف لفلذتي كبدها مرضين مزمنين، "تصلب شرايين الرئة" و"الحساسية المفرطة"، وتقول محدثتنا إنّها تعوّل على هبات المصلين بمسجد "الهداية" لاقتناء أدوية العلاج ومصاريف الدخول المدرسي، سيّما وأنّها ظلت وحيدة بعد أن انشقت عن عائلتها الكبرى لظروف قاسية تشكل شقاً آخراً من مشكلتها الحالية. وتوجهت المغلوب على أمرها بنداء إلى والي وهران بوضياف تطالبه بإنصافها ومنحها حقها الذي يخوله لها القانون والمتمثل في الاستفادة من سكن يضمن لها شرف ابنتيها في المستقبل، خصوصا وأنّها سبق وأن أودعت ملفين لدى المصالح الولائية لوهران الأول سنة 1999 والثاني العام الفائت لغرض الحصول على مأوى يقيها لفح الصيف وبرودة الشتاء، واعتبرت أنّ كل الآمال معلقة الآن في شخص المسؤول الأول عن وهران، بعد أن باءت كلّ محاولاتها السابقة بالفشل في الاتصال بالوالي السابق الطاهر سكران، ومَكْمن الاستغراب في قضية السيدة "رميشي نادية" أنّ، ولا مسؤول بثاني أكبر ولاية بالجزائر خصها بزيارة، وإن حدث ذلك مستقبلاً، فالتدخل سيكون إنسانيا أكثر منه إجراء إداري، فأين أنتم يا أصحاب القرار بوهران، التفاتة بسيطة منكم ستنقذ شرف برعمتين هما على أبواب سن المراهقة، وستعيد البسمة على محيا أُم فضلت المكوث بالبيت إلى حين إنصافها حق الحصول على سكن لائق...