دفعت شدة الاحتجاجات التي تواصلت لليوم الخامس إلى ظهور وبشكل مفاجئ خبر عن وكالة الشرق الأوسط يؤكد أنه تم تعيين عمر سليمان نائبا للرئيس حسني مبارك، ويأتي تعيين رجل المخابرات القوي الواسع الإطلاع على ملفات السلام والحرب في مصر، كرسالة للجماهير على إمكانية حدوث تغيير يتولى بموجبه الرئاسة، كما أن القرار يأتي لطي صفحة الحديث عن التوريث، وربما يؤدي إلى تنحي مبارك وتولي عمر سليمان الرئاسة المصرية، تطمينا للقوى الكبرى من جهة، وللقوى السياسية في الداخل، ولتفادي ما وقع في تونس. فان انتقالا سلسلا للرئاسة من مبارك إلى عمر سليمان، يمكن أن يحدث من حين لآخر، بعدما أصر الشارع المصري على إسقاط مبارك، كما أن بعض القيادات الحزبية ورجال أعمال حاولوا أمس الفرار، من بينهم القيادي في الحزب الوطني أحمد عز، الذي قدم استقالته بعد تسرب أخبار عن توقيفه في مطار القاهرة، عندما حاول الفرار على الخارج، وفي هذه الأثناء تواصلت احتجاجات الجماهير المصرية في غالبية ميادين وشوارع القاهرة والإسكندرية والسويس والإسماعيلية وغيرها، مطالبة بتنحي الرئيس حسني مبارك. ولم يكن خطاب مبارك الذي اكتفى بالحد الأدنى من المطالب، ممثلة في إقالة الحكومة ليلة الجمعة إلى السبت، كافيا لكبح جماح الجماهير، فقد ارتفع سقف المطالب في الشارع المصري ولم يعد حل مجلس الشعب أو إقالة الحكومة كافيا، بل توحد مطلب الشارع المصري عند سقف تنحي الرئيس مبارك. وفي هذه الأثناء، تجاوز عدد ضحايا الانتفاضة المصرية المطالبة بإزاحة نظام الرئيس الذي تجاوز العقد الثالث في الحكم، حيث أشار ت تقارير إعلامية من داخل مصر، إلى وفاة أزيد من 120 شخصا غالبيتهم من القاهرة والسويس، ويصر الشارع المصري برغم خروج الجيش إلى الميادين على مواصلة مظاهر الغضب، بعد النجاح التاريخي الذي حققته جمعة الغضب، والتي أخرجت مبارك عن صمته . وعلى الرغم من الدعم الأمريكي لنظام مبارك بواسطة الإشارات السياسية التي وجهها الرئيس أوباما، عندما حث النظام المصري على المزيد من الإصلاحات، بما يعني بقاء مبارك وإشرافه على إصلاحات سياسية، و برغم التطمينات السعودية والمؤازرة المعلنة من بعض القادة للرئيس حسني مبارك، فان للشارع رأيا آخر، حيث يصر نشطاء حركة التغيير وحركة 6 أبريل والإخوان، وحركة كفاية، وكل أطياف اللون السياسي والشعبي، على أن لا عودة للمواطنين إلى بيوتهم إلا بخروج مبارك من الرئاسة، لكن ما يشد انتباه الرأي العام الدولي، هو موقف الجيش المصري، الذي يبدو اليوم في موقف جد حرج، حيث يخشى الجميع قيامه بأي عملية عنف ضد الجماهير، مما سيؤدي إلى تأزم الوضع وانفلاته إلى حمام من الدماء، وهذا ما ينادي الجميع بتفاديه في الداخل المصري وبالخارج.