بعد طول انتظار وترقب وسط الشارع المصري، والعربي عموما، قرر حسني مبارك تخليه عن رئاسة الجمهورية، وكلف إدارة المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتسيير شؤون البلاد. جاء هذا في بيان تلاه نائب الرئيس عمر سليمان، وقد أحدث القرار موجة فرح واسعة في أوساط المحتجين المطالبين منذ 25 يناير بتنحي الرئيس عن منصبه. وكانت تقارير إعلامية ذكرت قبل ذلك أن الرئيس المصري يكون قد غادر القاهرة، زوال أمس، برفقة عائلته وتنقلوا حسب وكالات الأنباء إلى شرم الشيخ. وقد شهدت مصر، مساء أمس، فرحة عارمة فور تلاوة الخبر، وأعرب المصريون عن اندهاشهم وفرحهم لرحيل مبارك، كما يأملون بأن تستقر الأوضاع في أقرب وقت ممكن. وتأتي هذه الأنباء، غداة توجه الرئيس مبارك، أمس، بخطاب إلى الأمة أعلن فيه عن قراره تفويض صلاحياته لنائبه عمر سليمان وفقا للدستور. وذكر الرئيس مبارك أن الأخطاء واردة في أي نظام سياسي أو دولة والمهم هو الاعتراف بها وتصحيحها، مؤكدا أنه لن يقبل أى املاءات أجنبية تأتي من الخارج أيا كان مصدرها. ولم يكن لخطاب الرئيس مبارك أي وقع ايجابي على الشارع المصري الذي ثار غضبه مجددا ازاء ما تضمنه الخطاب وخلوه من مطلب تنحي الرئيس حسني مبارك. الإخوان يرفضون تولي عمر سليمان الرئاسة أعلن الإخوان المسلمون في مصر رفضهم المطلق لخطاب الرئيس السابق حسني مبارك الذي فوض فيه نائبه بصلاحياته. وطالب الإخوان، وهم يشكلون كبرى جماعات المعارضة المصرية، من وصفوه بالظالم بأن يتنحي قبل أن يرحل مُكْرَها. كما رفضت الجماعة بيان عمر سليمان نائب مبارك الذي "قدم نفسه باعتباره امتدادا للنظام ورئيسه، محاولا بإجراءات ثانوية القفز على مطالب الشعب الأساسية". واستغربت الجماعة دعوة سليمان للجماهير بأن تعود إلى بيوتها "دون تحقق شيء ملموس ذي قيمة من شأنه أن يفتح نافذة أمل لحياة حرة كريمة عادلة، فلا تزال السياسات هي السياسات والوجوه هي الوجوه". ووفقا لبيان الإخوان المسلمين، فإن "أسلوب الاستعلاء على الشعب والتصلب والعناد، من شأنه أن يزيد الثورة اشتعالا". أخطاء مبارك التسع تحت عنوان "أخطاء مبارك التسع الكبرى"، كتب بليك هاونسيل في فورين بوليسي مقالا يشرح فيه أبعاد تلك الأخطاء وتداعياتها الداخلية على الثورة الشعبية التي تعيشها البلاد منذ 25 جانفي الماضي. وجاءت الأخطاء كالآتي: أولا: إخفاقه في توزيع ثروة الاقتصاد المصري الذي نما بقدر محترم، وثانيا: سماحه بانتشار الفساد ليتغلغل في الحياة المصرية، وثالثا: غياب الرؤية. أما رابعا: إصلاحات فاترة أدت إلى تزايد شكوك المصريين، والسبب الخامس يتمثل حسب الكاتبة في إعداد ابنه للحكم. وسادسا: سوء تقييم قدرة الناشطين، وسابعا: المبالغة في الخداع. أما السبب الثامن، فيتمثل في إرسال الرعاع والبلطجية، وتاسعا وأخيرا إدخاله المقربين منه والمحسوبين، رغم خطابه الذي تعهد فيه بإدخال إصلاحات سياسية واقتصادية كثيرة دون أن يحددها.