منح الشعب المصري طيلة يوم أمس، تفويضا للجيش، وحجة قوية للدفع بالرئيس مبارك إلى خارج سدة الحكم، بعدما عرت الجماهير الغاضبة في ميدان التحرير وغيرها من ميادين القاهرة والمدن المصرية، نظام مبارك، وكشفت عن بلطجة أمنية وسياسية يقودها بقايا هذا النظام، في حرب استنزاف ضد الشارع. المظاهرة المليونية التي تجاوزت حدود المعقول، عندما وقف أزيد من ثلاثة ملايين مصري في الشارع، مطالبين فرعون القاهرة بالتنحي. ورغم إصرار حسني مبارك على البقاء، وتجاهل التحوّل في المواقف، الذي يفرضه الإصرار الشعبي، فان مواقف أخرى بدأت تتغير، حيث إن تصريحات أمريكية بدأت تشير صراحة، إلى أن مبارك إنتهى إلى غير رجعة، ثم جاءت نصيحة أردوغان إلى مبارك لتكسر جدار الصمت في العالم الإسلامي، عندما قال، إننا جميعا إلى الزوال، وهي رسالة مباشرة تعتبر موقفا يدفع دولا عدة، إلى اعتماد موقف مناوئ من الرئيس حسني مبارك، الذي اسقط الشارع المصري عنه يوم أمس، الشرعية الشعبية التي لا يملكها، برغم التزوير الذي طال الإنتخابات الرئاسية الماضية. كما أن موقف الجيش المصري الذي أعلن عن تفهمه لمطالب الجماهير الغاضبة، يعتبر نقطة تحول تعاكس رغبة الرئيس حسني مبارك، الذي لازال يراهن على وقوف الجيش إلى جانبه، ووسط هذه التطورات، يرى البعض أن الجيش قد يبدي تحولا جديدا في موقفه، وهو يرى ملايين المصريين يقفون في إصرار ضد بقاء "الريّس"، الذي فقد بعد مظاهرة الثلاثة ملايين، كافة مبررات البقاء على هرم السلطة. كما أن هذه المظاهرة كشفت حقيقة تورط نظام مبارك في محاولات لإشعلال المواجهات بين المتظاهرين والجيش المصري، بعد سرقة بدلات القوات المسلحة، مما أدى إلى تغييرها ببدلات جديدة، تفاديا لحمام من الدماء، يحاول بلطجية الحزب الوطني الحاكم في مصر، جرّ الطرفين إليه، وإلى غاية ساعة متأخرة من مساء أمس، كان الهدوء سيد الموقف في ميدان التحرير، مما أبهر الجميع، وأعطى درسا لنظام مبارك، بأن شرطة القمع والبوليس السري، ليسا هما من يحافظا على النظام العام في مصر، وإنما إنضباط الشعب وتلاحمه مع الجيش. إعلاميا لازالت قناة الجزيرة القطرية معطلة البث على غالبية الترددات، بينما يعرف توزيع الصحف المصرية تذبذبا كبيرا، بينما لازالت الإتصالات عن طريق النت معطلة، وهوما دفع شركة غوغل إلى اعتماد تعاون مع تويتر، بتخصيص ثلاثة أرقام دولية، يمكن للمدونين المصريين الإتصال عن طريقها، وترك تدوين صوتي، ينشر بعد ذلك للعالم على موقع التويتر، وهي خدمة تعتبر الأولى من نوعها لفك الحصار الإعلامي على المدونين، بينما لازال عمل طاقم شبكة الجزيرة ممنوعا.