أصدرت محكمة جنايات القاهرة يوم أمس السبت حكما بالسجن المؤبد على الرئيس المصري السابق حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي بتهمة الضلوع في قتل محتجين خلال الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بمبارك ونظامه العام الماضي. وقضت المحكمة أيضا ببراءة معاوني العادلي الستة المتهمين في نفس القضية. كما قضت المحكمة بانقضاء الدعوى الجنائية في اتهامات الفساد الموجهة لمبارك ونجليه علاء وجمال ورجل الأعمال المصري الهارب حسين سالم. لكن النيابة العامة قالت إن علاء وجمال سيظلان محبوسين على ذمة قضية التلاعب بالبورصة ولن يغادرا محبسهما. وقال المتحدث الرسمي باسم النيابة العامة إن النائب العام أمر بدراسة أسباب الحكم تمهيدا للطعن عليه أمام محكمة النقض. وقال التلفزيون المصري إن النائب العام، المستشار عبد المجيد محمود، أمر بتحويل مبارك إلى سجن طرة بعد الحكم عليه. واتخذت الأجهزة الأمنية المعنية بوزارة الداخلية بالتنسيق مع القوات المسلحة إجراءات أمنية غير مسبوقة بمحيط منطقة سجون طرة استعدادا لاستقبال مبارك عقب قرار النائب العام بنقله إلى السجن. وقال مصدر امني في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط إنه يتم حاليا إخلاء أحد المواقع بمنطقة سجون طرة لهبوط الطائرة التي ستقل مبارك من مقر محاكمته بأكاديمية الشرطة إلى منطقة سجون طرة. وأشار في الوقت نفسه إلى أن العشرات من المدرعات ومصفحات الأمن المركزي وأخرى تابعة للقوات المسلحة نشرت بمحيط مبنى السجن لتأمينه بشكل كامل. وأضاف المصدر الأمني أنه تم تكثيف قوات الحراسة على كافة الأبراج بأسوار منطقة سجون طرة بشكل عام وعلى أسوار سجن المزرعة ومستشفى طرة بشكل خاص. وحصلت اشتباكات داخل المحكمة بعد النطق بالأحكام كما شهدت قاعة المحكمة هرجا كبيرا وأخذت مجموعات تردد أن "الشعب يريد تطهير القضاء". وأفاد مراسل بي بي سي أن حالة الفوضى التي شهدتها قاعة المحكمة خلفت مصابا واحدا على الأقل. وتابع قائلا إن اشتباكات خارج قاعة المحكمة حدثت بين أهالي الضحايا وقوات الأمن المركزي. وطارد الأمن المركزي متظاهرين من أهالي الشهداء ومن معارضي مبارك أمام أكاديمية الشرطة حيث مقر المحاكمة. وذكرت التقارير أن 25 شخصا أصيبوا وقبض على 6 من المؤيدين والمعارضين لمبارك في اشتباكات أمام أكاديمية الشرطة. وأعلن عدد من أسر الشهداء المحتشدين أمام أكاديمية الشرطة بالقاهرةالجديدة عن توجههم إلى ميدان التحرير احتجاجا على حكم المحكمة. وأكدت تلك الأسر عدم رضاها عن الحكم الصادر بحق المتهمين ومطالبتها بإعدامهم جميعا. من جهة أخرى، غادر جميع أنصار الرئيس السابق مقر أكاديمية الشرطة في أعقاب وقوع اشتباكات بسيطة بينهم وبين أسر الشهداء. وأفادت مراسلة بي بي سي في السويس مها الجمل أن العشرات من المتظاهرين بدأوا يتجهون إلى مبنى المحافظة احتجاجاً على الحكم ببراءة مساعدي العادلي ونجلي مبارك. وبدأ القاضي جلسة النطق بالحكم على مبارك وبقية المتهمين بالمناداة على أسمائهم الواحد تلو الأخر. وقد بدأ النظر في القضية، التي تحظى باهتمام إقليمي ودولي كبيرين، في أوت من العام الماضي. واتخذت السلطات المصرية إجراءات أمن مشددة تحسبا لأي تداعيات للحكم المرتقب، وسط ردود فعل متباينة في أوساط المصريين. ونشرت السلطات نحو 20 ألف جندي وشرطي تحسبا لوقوع أي اضطرابات. وامتدت وقائع المحاكمة حوالي 6 أشهر متتالية، وشملت 250 ساعة في 49 جلسة و60 ألف صفحة. ومن حق المتهمين نقض الحكم خلال 60 يوما من الحكم. وقام ثوار وأهالي شهداء الإسكندرية المتجمعين أمام مقر أكاديمية الشرطة بالقاهرةالجديدة بتوزيع بيان ضد مرشحي الرئاسة في جولة الإعادة الفريق أحمد شفيق والدكتور محمد مرسي، حسب وكالة أنباء الشرق الأوسط. وأكد ثوار وأسر شهداء الإسكندرية في بيانهم أنهم سيعملون على جمع عشرة ملايين صوت للمرشح السابق حمدين صباحي باعتباره رمزا للثورة المصرية. وتضمن البيان بعض الانتقادات التي وجهت من قبل الناشطين أحمد حرارة وسميرة إبراهيم لكل من شفيق ومرسي وتأكيدهما على عدم أحقية كلا منهما في تولي منصب الرئاسة. يذكر أن حسني مبارك أول رئيس دولة عربي سابق يحاكم حضوريا منذ انطلاق ثورات الربيع العربي في العام الماضي. فقد حوكم الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي غيابيا في جويلية المنصرم بتهم تهريب الأسلحة والمخدرات، بينما حصل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح على حصانة من الملاحقة القضائية بعد أن سلم مقاليد الحكم لنائبه السابق في نوفمبر الماضي. أما الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، فلم يحظ بمحاكمة من الأساس، حيث قتله المتمردون في سبتمبر الماضي. وكان الادعاء العام المصري قد أعلن أن مبارك يحاكم بتهمة الضلوع في عمليات قتل 850 متظاهرا خلال الثورة المصرية التي استمرت 18 يوما والتي أجبرته على التنحي عن الحكم في فبراير 2011، ويتهم مبارك أيضا باستغلال منصبه من اجل الإثراء.