قضت محكمة العاصمة المصرية القاهرة، أمس، برئاسة المستشار أحمد رفعت، حكما بالسجن المؤبد مدى الحياة في حقّ الرئيس المخلوع حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي بتهمة الضلوع في قتل محتجين خلال الثورة التي أطاحت بمبارك ونظامه العام الماضي، مع إلزام المتّهمَيْنِ بالمصروفات القضائية. أشرفت قوات الجيش المصري، على تأمين المحاكمة بنشر حوالي 15 ألف جنديّ حول أسوار أكاديمية الشرطة أين عقدت المحكمة، بينما تولت قوات الشرطة تأمين المحكمة من الداخل بما يقارب 5 آلاف جندي، فيما أعلنت وزارة الصحة عن خطة طوارئ تحسبا لأيّ أحداث عبر تأمين 10 سيارات إسعاف و3 عيادات متنقلة أمام المحكمة. ووصل العادلي ومساعدوه أولا إلى مقر المحاكمة، ثم علاء وجمال وسط إجراءات أمنية مشددة، حيث تم نقلهم فى سيارات مدرعة تحرسها بعض السيارات المصفحة من محبسهم بسجن المزرعة بمنطقة سجون طره إلى مقر الأكاديمية، في حين وصل مبارك على متن طائرة نظرا لحالته الصحيّة المتدهورة. وبالإضافة إلى الأحكام الصادرة في حق مبارك والعادلي اللّذين طالب الادعاء بإنزال عقوبة الإعدام بحقّهما، أصدر المستشار رفعت، قرارا ببراءة مساعدي العادلي وهم، اللواء إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة الأسبق، واللواء عدلي فايد مدير قطاع الأمن العام السابق، واللواء عمر الفرماوي مدير أمن 6 أكتوبر السابق، واللواء حسن عبد الرحمن رئيس مباحث أمن الدولة السابق، واللواء أسامة المراسي مدير أمن الجيزة السابق، وأحمد رمزي مدير قطاع الأمن المركزي، لكن لن يغادر السجن من مساعدي العادلي سوى رمزي والشاعر، لأن الآخرين متهمين في قضايا أخرى يجري النظر فيها. كما قضت المحكمة، بانقضاء الدعوى الجنائية في اتهامات الفساد الموجهة لمبارك ونجليه علاء وجمال، ورجال الأعمال المصري الهارب حسين سالم، وذكرت المحكمة أن التّهم المنسوبة إلى جمال وعلاء مبارك سقطت بالتقادم لمرور أكثر من 10 سنوات عليها وتمّت تبرئتهم كلِّهم، إلاّ أنّه من المقرّر أن يظلّ نجلا مبارك في السجن على خلفية الاتهامات التي وجهت إليهما قبل 4 أيام في قضية جديدة تتصل بالتلاعب في البورصة. يشار إلى أنّ جلسة المحاكمة، التي وصفت ب»محاكمة القرن«، استمرّت لحوالي نصف الساعة، وبعد انتهاء القاضي من قراءة الحكم، بدأ الحاضرون بالاحتجاج والمطالبة بتغيير القرار، وهتفوا مردّدين »باطل.. باطل«، و »الشعب يريد تغيير القرار«، وبدأت اشتباكات بالأيدي أدّت إلى إصابة 12 شخصا داخل المحكمة بين صفوف محامي الطرفين، وذلك بعد النطق بالحكم الذي صدر في وقت حساس في مصر التي ستشهد بعد أسبوعين جولة إعادة في أول انتخابات رئاسة حرة ويتنافس فيها محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين التي كانت محظورة في عهد مبارك وأحمد شفيق آخر رئيس للوزراء في عهد مبارك. في سياق متصّل، قال المحامي محمد أبو شقة، إن سبب الحكم بالبراءة على معاوني العادلي هو رفض المحكمة لشهادة الشهود والأدلة التي قدمتها النيابة، وبذلك انتفى خروج أسلحة من مستودعات الأمن المركزي، ولم تتيقن هيئة المحكمة من قيام وزارة الداخلية بإطلاق الرصاص الحيّ على المتظاهرين، وذكر أبو شقة، أنّ رئيس المحكمة أدان مبارك والعادلي بسبب عدم تدخّلهما لإيقاف عمليات قتل المتظاهرين، وهي مسألة كانت تقع في نطاق مسؤوليتهما السياسية، مشيرا إلى أنّ المحكمة لم تستخدم الرأفة نهائيا مع مبارك والعادلي، لأن عقوبة المشترك في جريمة بعلمه، مثل حالة مبارك والعادلي، تتراوح في القانون من المؤبد إلى الإعدام، فيما أشارت مصادر قانونية إلى أن قرار المحكمة برفض شهادة الشهود والأدلة قد يفتح الباب أمام الطعن في الأحكام الصادرة ضد مبارك والعادلي.