كشفت المصالح المختصة على مستوى بلدية عنابة إلى أن ما يربو عن 50٪ من السلع الغذائية والمواد الاستهلاكية التي تعرض يوميا بالسوق المحلية لا تطابق المقاييس الصحية التي ينص القانون المحدد لهذا النوع من الأنشطة التجارية على مراعاتها، بل يوجب ضرورة احترامها كشرط أساسي للاستمرار في مزاولة العمل التجاري. تعرف نقاط البيع المتواجدة بقلب مدينة "العناب" والتي تعد كعينة واضحة المعالم حول هذه الظاهرة، تسجيل العديد من حالات التسمم الغذائي منذ بداية السنة الجارية 2009، وهو ما جعل المؤسسات الاستشفائية بالولاية تستقبل بين الفينة والأخرى عددا متزايدا لمصابين بآلام حادة على مستوى المعدة مصحوبة بإسهال يتطلب في بعض الأحيان إجراء عملية جراحية، وقد أرجعت مصادر طبية معظم حالات التسمم التي تعالج على مستوى مراكز الفحص الصحي وأهمها المصلحة المختصة بالمستشفى الجامعي "ابن سينا" أسباب حدوثها بدرجة أولى إلى الوجبات الغذائية غير الصحية التي يتم تناولها بالمحلات التجارية. وفي هذا السياق، قامت مصالح مديرية التجارة بعنابة خلال أشهر الثلاثي الأول للسنة الجارية بجملة من التدخلات على مستوى المطاعم وأماكن بيع المأكولات الخفيفة ضمن عملية تكون قد أسفرت عن تسجيل عدة مخالفات تتعلق أساسا بانعدام أدنى شروط النظافة وغياب كلي لقواعد العمل في هذا المجال الخدماتي الذي يتطلب توفير كامل الشروط اللازمة، أبرزها الصحية منها من أجل الحفاظ على صحة المستهلكين من جهة وضمان السير الحسن للنشاط من جهة أخرى. هذا، وتشير تقارير الجهات المكلفة بمراقبة الجودة وقمع الغش بعنابة إلى أي مدى تعكس هذه النظرة التي يفترض أن تكون القاعدة المنتهجة لدى إدارة تسيير هذه المرافق.. نفس المصادر ركزت على التزايد المرعب وغير الشرعي لتجار الأكل السريع خاصة بالأزقة الشعبية ونقاط البيع بأسواق المنفعة العامة المنظمة كل أسبوع عبر بلديات الولاية رقم 23 وهو ما أدى إلى استفحال هذه الظاهرة ذات الأبعاد والخلفيات المضرة بالصحة العمومية، والمؤسف أن للمواطن ضلع في هذه القضية الحساسة كونها تتعلق بحياة ابن آدم وبقائه إلى أجل مسمى على وجه الأرض، فالإنسان متهم بتقصيره في تحمل جل مسؤولياته والقيام بكامل واجباته وفقا لما يمليه ضميره الحي قصد القضاء على الفكرة التي تهدم ولا تبني وهي التي يقول أصحابها بأن "الهم الوحيد يكمن في ملء البطن وبأي طريقة كانت"، دون الاستفسار عن كيفية تحضير هذه الأطباق، كما أن العديد من السلع الغذائية المتمثلة في صورة المصبرات، اللحوم، الألبان، وحتى الزيوت تسوق بمدينة عنابة في ظروف غير صحية، إما لنفاذ مدة صلاحية البعض منها أو لتعفن تركيبة البعض الآخر، خاصة تلك المواد سريعة التلف، وحول تفسير الإقبال الكبير للمواطنين على إقتناء هذه السلع رغم خطورة تناولها، فقد أرجع إلى كونها رخيصة الثمن. وفي هذا الشأن، قامت ذات المصالح في الآونة الأخيرة بحجز كميات معتبرة من اللحوم المفرومة وكذا مادة "المرقاز" عبر المقصبات المتواجدة بالأسواق المحلية.. والمتتبع لهذا الملف يتأكد له أن مثل هذه الإجراءات غير كافية للحد من زحف ظاهرة تموين السوق العنابي بمواد استهلاكية غير صحية لعدة اعتبارات كون حملات المراقبة تعتبر مناسباتية، كما أن انعدام المسؤولية لدى الأسر المتهافتة وراء شراء مواد غذائية هي بمثابة السم عند تناولها نظرا للأضرار الوخيمة التي تخلفها على مستهلكيها جراء عدم تطابقها للمقاييس الصحية.