بارونات العقار تتحكم في أسعار الشقق وتلهب الأسعار الصيغ البنكية محكوم عليها بالفشل مع مطلع 2010 يبدو أن بارونات العقار باتت تتحكم أكثر من أي وقت مضى في بارومتر أسعار السكنات الذي يتجه تدريجيا نحو الارتفاع، سواء بالنسبة للسكنات الموجهة للبيع أو للكراء، رغم كمية الاسمنت التي قامت الدولة باستيرادها من الخارج والمقدرة بمليون طن لمباشرة المشاريع العقارية الكبرى وبصفة خاصة الاستعجالية، ورغم إعلان الدولة عن تخفيض نسبة الفائدة على القروض السكنية إلى 1 بالمائة بداية من الفاتح جانفي من السنة الداخلة 2010. وفي جولة استطلاعية قادت "اليوم" إلى مختلف الوكالات العقارية بالعاصمة للاطلاع على أسعار السكنات والأراضي المخصصة للبناء، اتضح أنها لا تخضع إلى أي معايير. وحتى أصحاب الوكالات التي زرناها اكتفى أصحابها بالقول إن الأسعار المتداولة حاليا خاضعة للمضاربة وما أسموه ب "مافيا" العقار في البلاد الذين يقومون بشراء سكنات بسعر محدد وفيما بعد يقومون بإعادة بيعها بعد عملية سمسرة لا تخضع في مضمونها لأي قواعد أو شروط، خاصة وأن سوق العقار يفتقد في الوقت الراهن إلى "سلطة ضبط العقار"، الأمر الذي يعطي فرصة أكثر للمافيا لمواصلة قبضتها على السوق بكل حرية دون رقيب ولا حسيب. الشقة بغرفتين تتجاوز 700 مليون سنتيم بالعاصمة أفادت مصادر عليمة ل "اليوم" أن أسعار الشقق بغرفتين لا يقل سعرها على مستوى العاصمة عن 700 إلى 800 مليون سنتيم، أما التي تتوفر على ثلاث غرف أو أربع فحدث ولا حرج، فسعرها لا يقل هي الأخرى عن المليار ونصف في العاصمة، في الوقت الذي يقل السعر بالنسبة للغرف ذاتها في شرق البلاد على مستوى عنابة أو بالغرب بوهران، وبكثير عن القيمة التي يتم تداولها بالعاصمة، وهو ما يؤكد أن مافيا العقار تركز نشاطها على مستوى العاصمة بصفة خاصة. وأرجع المتتبعون لسوق العقار في الجزائر تنامي هذه الظاهرة إلى استفحال المافيا في المجال، خاصة في ظل غياب سلطة لضبط سوق العقار في البلاد، الأمر الذي يسمح لهؤلاء المتطفلين بشراء سكنات من الوكالات أو مباشرة من أصحابها دون وساطة، ليقوموا فيما بعد ببيعها للمواطن بأسعار ملتهبة تفوق كل توقع، والأهم من ذلك تكون بعيدة كل البعد عن قدرته الشرائية ليصبح هذا الأخير في دوامة تشل من عزيمته ومن قدرته على اقتناء سكن، خاصة في ظل غياب قانون خاص بتسقيف سعر السكنات. ارتفاع السعر سيقلص الطلب على الصيغ السكنية للبنوك وأفاد متتبعو سوق العقار بالجزائر أن السعر الملتهب للشقق والسكنات من شأنه أن يقلص من إقبال المواطنين على البنوك للاستفادة من القروض التي تمنحها الدولة، خاصة وأن سعر السكنات جد مرتفع مقارنة بحجم القروض التي تمنحها الدولة. فكيف سيتمكن المواطن من الاستفادة من قروض لا تصل حتى إلى نصف القيمة الإجمالية للسكن، ومن أين سيتمكن من إحضار باقي المبلغ لاستكمال ما عليه واقتناء السكن المنشود، الأمر الذي من شأنه أن يجعل مهمة البنوك جد صعبة في إقناع المواطن بالتقدم والاستفادة من القروض والصيغ المطروحة، وهذا ما من شأنه أن ينعكس على إنجاح القروض العقارية بالفوائد التي سيتم طرحها مطلع السنة الداخلة. لهيب أسعار العقار راجع إلى تدهور قيمة الدينار من جهته، أرجع مزيني بلقاسم الأمين العام للجمعية العامة للمقاولين الجزائريين، ارتفاع أسعار الشقق إلى تدهور سعر الدينار وهذا بالمقارنة مع سعر البترول. وأفاد ذات المسؤول في تصريح خص به "اليوم" أن أسعار العقار بالبلاد يحكمها أيضا سعر البترول، فإذا ارتفع سعر هذا الأخير، فإن أسعار العقار تتراجع وإذا تراجع سعر البترول فإن سعر العقار يرتفع، حيث إن العملية سلسلة وكل حلقة مرتبطة بأخرى وتخضع كلها إلى قانون اقتصاد السوق الخارجي، مستطردا في قوله إن السلطات العمومية قادرة فقط على ضبط السوق لا غير. من جهة أخرى، أقر مزيني أن كميات الاسمنت التي تم استيرادها من الخارج لن تساهم في حل الأزمة رغم إيجابية المبادرة، لأن الاحتياجات الوطنية تتعدى بكثير الكميات التي تم جلبها وهي لا تقل عن 5 إلى 6 مليون طن في السنة.