الحرب على الفساد مستمرة قرينة البراءة لا تتماشى مع قضية بحجم سوناطراك قال أويحيى أن الفساد قد يمس أي قطاع بما فيها الأكثر أهمية في الاقتصاد الوطني مثل المحروقات، ولا غرابة أن تكون سوناطراك على رأس القائمة. وهذا يعني بالنسبة للوزير الأول رسالة تطمين إلى الرأي العام الوطني، مفادها أن التنقيب في صفقات وحسابات مجمع النفط أمر عاد، ولا يعتبر أزمة. واستشهد أحمد أويحيى بتصريح كان قد أدلى به الطيب بلعيز وزير العدل حافظ الأختام، كشف من خلاله أن القضاء عالج 4000 قضية فساد، في إشارة منه إلى أن الحرب على الفساد مستمرة، لكن الرأي العام لم يتفاعل مع هذا الكم الهائل من القضايا مثلما كان رد فعله عندما تعلق الأمر بشركة سوناطراك. وهنا رفض الوزير الأول أن تقترن سمعة سوناطراك التي تحتل المرتبة 12 عالميا بتصرفات المشرفين عليها مهما كان مستوى مسؤلياتهم. مؤكدا أن وضع الرئيس المدير العام وأربعة من معاونيه المباشرين تحت الرقابة القضائية ليس له أي أثر على موقع الشركة، والدليل على ذلك أن سوناطراك وقعت على ثلاثة عقود مع شركات أجنبية مباشرة بعد تحريك الدعوى العمومية أمام القضاء. لكن يبقى السؤال مطروحا، حول مصير الصفقات المشبوهة التي أبرمها الرئيس المدير العام لشركة سوناطراك ومساعدوه مع الشركات الأجنبية عندما تتوصل التحقيقات الأولية والقضائية إلى أن هذه العقود كانت مخالفة للتشريع المعمول به في مجال الصفقات العمومية. إلى حد الساعة لا توجد أرقام ولا معطيات دقيقة حول هذا الملف الضخم، وقد تكون حسبما أفادت به مصادر على دراية بالملف تقدر بملايين الدولارات، فهل تلجأ السلطات العمومية إلى إلغاء كل عقود التراضي التي تمت وفق إجراءات ملوثة؟ مع العلم أن في قضايا الفساد والرشوة، يوجد راش ومرتش، ولا يعقل أن يطال العقاب طرفا دون آخر، خاصة أن بعض المنظمات الغربية مثل شفافية دولية التي تعتمد في تصنيفها على معيار "النظافة" دون الإشارة إلى الطرف الآخر في معسكر الفساد، وهو في غالب الحالات من الشركات الغربية. ولعل الملفت للانتباه في قضية سوناطراك والطريق السيار شرق – غرب، هو تركيز المسؤولين في تصريحاتهم على مبدأ قرينة البراءة في التعامل مع الملفات الكبيرة، وهذه التصريحات بقدر ما تشكل منفذا للإفلات، تطعن في مصداقية وجدية التحقيقات الاولية. إذ لا يعقل أن يرسل المسؤول عن أكبر شركة إلى العدالة ويوضع تحت تدابير الرقابة القضائية بناء على ملف فارغ. في مثل هذه القضية هناك مبدأ قرينة البراءة، وهو مبدأ عام ومجرد يستفيد منه كل المتهمين قبل الإدانة، والتزام الدولة بمحاربة الفساد وحماية المجتمع من نزوات مغامرين لا يقدرون ثمن التضحيات.