النقابات تنتفض ضد من يصادر حقها في الإضراب أحدثت أمس تصريحات الوزير الأول أحمد أويحيى عقب اختتام أشغال دورة المجلس الوطني للأرندي المنعقدة نهاية الأسبوع ردود أفعال متباينة وسط رؤساء التنظيمات النقابية لموظفي قطاع عمال التربية كلا حسب تخميناته وتحليلاته ورؤيته الخاصة غير أنهم في حديث خصوا به "اليوم" تقاطعوا في زاوية طرح واحدة وهي أن الذي رهن مصلحة التلميذ في المدرسة الجزائرية هي الإساءة المستمرة لكرامة الأستاذ والمعلم اللذين ذابا واحترقا وتعبا جراء المشاكل اليومية التي تواجه رسالتهم النبيلة. الكناباست: الهدف من تصريحات أويحيى هي الدفاع عن التدابير والإجراءات التي تريد تكسير الإضراب اعتبر مسعود بوديبة المكلف بالإعلام على مستوى المجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني "الكناباست"، أن تصريحات الوزير الأول أحمد أويحيى الهدف منها هو الدفاع عن التدابير والإجراءات التي تريد تكسير الإضراب الذي شنه "الكناباست"، مشيرا أن أهم الأسباب التي تركت نقابته تذهب لخيار الإضراب هو عدم التكفل بالأوضاع المهنية والاجتماعية للأستاذ في ظل استمرار تدهور القدرة الشرائية. وأضاف أن هذه هي الأيادي الخفية التي كانت ولازالت تحرك القاعدة العمالية ولا غير سواها والتي تحركت ضدها ترسانة من القوانين والقرارات وبالتالي فإن تصريحات أويحيى ما هي إلا تبرير لتجاوزات الحكومة التي تجاوزت القانون بحجة الدفاع عن مصلحة التلميذ. وتأسف المتحدث في السياق ذاته للأصوات التي تقول إن النقابات أرادت أن ترهن مستقبل التلميذ بإقدامها على شن الإضراب، معتبرا ذلك غير صحيح لأن الذي رهن مصلحة التلميذ أو التلاميذ هي الإساءة للأستاذ والمعلم، متسائلا بالقول هل يوجد رهن أكثر من رهن مستقبل الأستاذ والمعلم التي تجلت في التهديدات من خلال الإجراءات العقابية الصارمة. الانباف: العدالة فوق الجميع لكن طريقة إدارة الأزمات ليست بالمنطقية أكد الصادق دزيري رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين "الانباف" أن الجميع في قطاع التربية يقر بأن قرار العدالة سيد وفوق الجميع وهو أمر متفق عليه، غير أن الطريقة التي تنتهجها السلطات العمومية في إدارة الأزمات ليست بالمنطقية باعتبار أنها كانت دائما تختار لغة التهديد والوعيد ثم اللجوء إلى أروقة العدالة مباشرة بدل فتح حوار جاد ومسؤول في إطار التفاوض لإيجاد حلول ناجعة للمشاكل المهنية والبيداغوجية العالقة وبالتالي فهي ولاشك تختار سياسة ما يسمى الهروب إلى الأمام. وأوضح المتحدث أن الذين يتحدثون عن مصير التلاميذ إنما يتجاهلون بأن هؤلاء إنما هم أبناء وبنات الأساتذة والمعلمين الذين أعطاهم الدستور كما أعطى للتلميذ حق التعلم والدراسة حق تنظيم الإضراب للوصول إلى المطالب والحقوق المشروعة بطرق سلمية. وأشار دزيري أنه على السلطات العمومية أن تعي أنه لا مفر لها إلا بإعطاء أولوية قصوى للحوار الجاد من أجل تفادي الإضرابات التي تبقى الخيار الوحيد في الوقت الحالي للنقابات من أجل إفتكاك تلك المطالب والحقوق التي ما فتئ عمال التربية يناضلون من أجلها كل يوم. السناباست: الإضراب سيبقى السلاح السلمي الوحيد من جهته، أكد مزيان مريان المنسق الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني "السناباست" أن تنظيمه كان دائما يطالب أن لا تحدث هناك إضرابات في القطاع، متسائلا لماذا تأتي بعض الحلول إن لم نقل أغلبها بعد توتر الجو وليس قبله خصوصا حين تقدم نقابة ما الإشعار بالإضراب من طرف وزارة التربية التي كثيرا من المرات لم تأخذ التهديدات محمل الجد. ويرى مزيان مريان أن الإضراب سيبقى وسيظل السلاح السلمي الوحيد بين أيدى مناضلي نقابات التربية خصوصا وأن السبب الذي قادهم لشن هذه الإضرابات هو نظام التعويضات الذي أفرز معركة بدأت تتضح معالمها عام 2007 إلى اليوم، متسائلا لماذا لم يصدر هذا النظام مع شبكة الأجور الجديدة حتى تحصل كل هذه التطورات التي فرضت على عمال القطاع. ويعتقد مريان أن الكرة لا تزال في مرمى الوظيف العمومي ووزارة التربية الوطنية المطالبة من الآن لإعادة فتح نقاش وحوار جدي وهادئ لدراسة الملفات التي ما تزال عالقة ولاسيما ملف الخدمات الاجتماعية وطب العمل. الكلا: كان يتعين على الوزارة أن تبحث عن وساطات لحل الأزمة قالت نقابة مجلس ثانويات الجزائر على لسان المكلف بالإعلام عاشور إيدير، إن الوزير الأول أحمد أويحيى كان من المفروض أن يدرك أن الخطوة التي أقدمت عليها وزارة التربية الوطنية خطوة غير منطقية وغير مبررة، ببساطة لأن هذه الأخيرة كانت عليها قبل اتخاذ أي خطوة لوقف الإضراب أن تبحث عن "وساطات" لنزع فتيل الأزمة منذ بدايتها وقبل اللجوء للعدالة حسب ما تمليه قوانين الجمهورية. وأوضح عاشور إيدير أن التصعيدات الأخيرة التي حدثت في القطاع مؤخرا سببها غياب الحوار الجاد، معيبا غياب حركات احتجاجية موحدة من شأنها بناء ميزان قوة أكثر فعالية وجدية لمواجهة التحديات الراهنة. نقابة التربية: من الطبيعي أن يدافع أويحيى عن قطاع من قطاعاته من جهة أخرى، يرى عبد الكريم بوجناح الأمين العام للنقابة الوطنية لعمال التربية، أنه من الطبيعي جدا أن تجد الوزير الأول أحمد أويحيى يدافع عن أحد قطاعه وعلى التلاميذ والوزارة معا وأن يسير عكس التيار الذي سارت عليه النقابات مجتمعة وعلى رأسها النقابات المضربة. ويؤكد بوجناح في الوقت نفسه أن تنظيمه كان ولا يزال ضد الطريقة التي شن عن طريقها الإضراب والذي وصفه خلال حديثه بأنه "غير حضاري" - على حد تعبيره - حجته في ذلك أنه لم يحقق النتائج المرجوة من قبل موظفي القطاع في ظل الصراعات القائمة حاليا بين بعض التنظيمات النقابية التي تريد أن تنتهج سياسة خاصة بها وإن تكن متبوعة لا تابعة. وأوضح أن نقابة التربية خرجت سالمة من المشاكل التي حدثت مؤخرا لأنها لم تورط قاعدتها العمالية في صراعات هي في غنى عنها غير أنه أضاف أن تنظيمه سيناضل إلى غاية تحقيق المطالب المتبقية، أبرزها ملف الخدمات الاجتماعية وطب العمل اللذان يعدان مطلبان أساسيان لا يجب السكوت عنهما مهما كانت النتائج خصوصا وأن هناك صراعا خفيا على الملف الأول.