اتهم الوزير الأول، أحمد أويحيى، أطرافا سياسية باستغلال ملف تجريم الاستعمار للمتاجرة به واستعماله سجلا تجاريا، وقال إنه لا يوجد أي طرف بإمكانه المزايدة على الشعب الجزائري أو التجمع الوطني الديمقراطي، داعيا إلى “الكف عن المزايدات والمتاجرة بالسياسة وباستعمال أية ورقة كانت” استحداث منصب ناطق رسمي للحكومة أو الرئاسة لن يضع حدا لمثل هذه الشائعات العلاقات الجزائرية-الفرنسية طبيعية، والمهم تآخى الجزائريين وتفادي الطعن في الظهر متسائلا عن سبب عدم استشارة نواب حزبه أثناء إعداد مشروع قانون تجريم الاستعمار. كشف أمس الوزير الأول والأمين العام لحزب الأرندي عن وجهة نظر الحكومة من مشروع قانون تجريم الاستعمار، وقال من موقعه كوزير أول “أنا المسؤول الأول عن الحكومة، وأنا مستعد لإنجاز أي عمل يخدم مصلحة البلاد، حتى لو اتهمني البعض بالخيانة، لكن هذا لن يمنعني من القيام بالواجب”. وتحدث أويحيى عقب اختتام أشغال دورة المجلس الوطني للأرندي المنعقدة نهاية الأسبوع بزرالدة، عن سبب عدم اهتمام الرؤساء السابقين للجزائر بمثل هذه المشاريع رغم تمسكهم جميعا دون استثناء بمبادئ ثورة الفاتح نوفمبر، وقال “لقد عرفت الجزائر العديد من الرؤساء بداية ببن بلة الذي صان ثورة الفاتح نوفمبر، ثم بومدين الذي احتضن الثورة وعاش بالوطنية في صدره، والشاذلي بن جديد، الذي لا يمكن المزايدة عليه، وبوضياف أحد أبناء هذه الثورة، وعلي كافي الذي قاد ولاية تاريخية وكان على رأس منظمة المجاهدين، واليمين زروال الذي التحق بالثورة وعمره لا يتجاوز ال14 سنة، وصولا إلى الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، الذي خرج من الثورة عقب الاستقلال برتبة رائد، ثم تساءل “هل يوجد أناس أكثر وطنية أو اهتماما بتاريخ الثورة وتجريم الاستعمار”. وأعاد أويحيى إلى الأذهان مصادقة الجمعية الفرنسية على قانون يمجد الاستعمار الفرنسي في الجزائر بتاريخ 23 فبراير 2005، حيث لم يرد هؤلاء المزايدون على هذا القانون، وانتظر الرئيس بوتفليقة تاريخ 8 ماي للرد على القانون بالاحتفال بمجازر 8 ماي، ثم واصل “ تمنينا لو تم اقتراح ذلك القانون في نفس الوقت حتى لا يتم استغلاله اليوم سياسيا”. لكن هذا لم يمنع أويحيى من التأكيد على أن “الحكومة أمامها 60 يوما للرد على مشروع قانون تجريم الاستعمار، وبالتالي ستقوم بالاطلاع على المشروع ودراسته قبل الرد عليه”. العلاقات الجزائرية-الفرنسية طبيعية وماذا تنتظرون من مجرم مثل “لوبان” واعتبر الوزير الأول العلاقات الجزائرية-الفرنسية “طبيعية منذ جويلية 1962، وهي قائمة على التبادل المشترك والحفاظ على مصالح كل بلد”، ثم واصل “إذا كانت فرنسا تريد علاقات استثنائية فهي تعرف الطريقة التي يجب أن تعتمدها، والقائمة أساسا على الاعتراف بالجرائم المرتكبة في حق الشعب الجزائري طوال فترة الاستعمار”. وفي سياق متصل تحدث الوزير الأول عن اللافتة التي أعدها اليمين المتطرف تحسبا للانتخابات المحلية الفرنسية المقبلة، وقال “ماذا تنتظرون من سفاح مثل لوبان، لقد التحق بالجيش الفرنسي طوعا من أجل المشاركة في تعذيب الجزائريين، واليوم هو منبوذ حتى من طرف ذويه”، لكن المهم - حسب أويحيى - هو “أن يكون الجزائريون متآخين فيما بينهم ويتفادوا الطعن في الظهر”. واستغرب أويحيى الإشاعات التي راجت حول وفاة الرئيس، ومن بعدها حول وفاة شقيق الرئيس، وتعجب قائلا “لقد اضطر الرئيس إلى الظهور في التلفزيون رفقة شقيقيه لنفي الإشاعات حول وفاته وشقيقه”، وهي إشاعات تقلل من شأن أصحابها، إذ يبدو أنهم لا يفقهون في السياسية، كون الأمر لا يمكن أن نفسره بصراع السلطة مادامت الجزائر خرجت على التو من انتخابات رئاسية فاز بها الرئيس بأغلبية ساحقة”، وتابع “لاحظنا كذلك لا مبالاة الأغلبية وسكوتها عن مثل هذه التصرفات، إلى درجة أن البعض أصبح يعتبرها أمورا عادية، وهذا خطأ كبير”. حتى اقتراح استحداث منصب ناطق رسمي للحكومة أو رئاسة الجمهورية، يقول بشأنه الوزير الأول “لن يضع حدا لمثل هذه الشائعات”. “أستغرب عندما يتم ربط جريمة الفساد بصراعات في هرم السلطة” موضوع محاربة الرشوة موضوع أخذ نصيبه من ردود الوزير الأول، حيث أشار إلى أن “هناك مؤسسات الدولة تقوم حاليا بعملها، وتم استحداث المرصد الوطني الذي سيتكفل هو أيضا بمحاربة هذه الظاهرة بعد تعيين مسؤوله بعد أن تم اقتراح الأسماء المرشحة لإدارة شؤونه، وكل هذه الإجراءات تم تعزيزها بالتعليمة رقم 3 التي صدرت عن رئيس الجمهورية، والتي تعمل كل مؤسسات الدولة على تطبيقها وستترك الدولة العمل الميداني والمتابعة للتحقيقات الأمنية والعدالة حتى يقوم كل طرف بعمله”. وكذب أويحيى المعلومات التي ربطت الكشف عن بعض ملفات الفساد بوجود صراع في أعلى هرم السلطة، واستغرب من مثل هذه التصريحات، ورد قائلا “إننا نتحدث عن ظاهرة الفساد وهي جريمة يعاقب عليها القانون، والجميع اليوم مطالبون بالمساهمة في محاربتها”. “التحالف الرئاسي طائرة يترقب البعض سقوطها في أية لحظة” وأثناء تطرقه لواقع العمل وسط أطراف التحالف الرئاسي، أجاب أويحيى أن التحالف الرئاسي لا يمكن وصفه بصاروخ “أبولو“ ولكنه يشبه الطائرة التي تحلق في السماء، والتي ينتظر العديد سقوطها في أية لحظة، ثم واصل “ أؤكد لكم أن التحالف بخير، ليصل إلى القول “إن التحالف بين الأرندي وحزب العمال تحالف حول قضايا جوهرية، ونحن متمسكون به إلى آخر نقطة، ولا يمكن الاختلاف بشأن تلك النقاط المتفق بشأنها”. “إذا كان الإضراب حقا مشروعا فالتعليم حق دستوري” وانتقد أويحيى لجوء النقابات المستقلة إلى الإضراب المتواصل، وقال إن “الديمقراطية في الجزائر فتية، وإذا كان الإضراب حقا مشروعا فإن التعليم حق دستوري، وإلا كيف نفسر استخفاف المضربين بقرار العدالة القاضي بالاستئناف الفوري للدروس والتلاعب بمصير 9 ملايين تلميذ”، لينتقل إلى إضراب ممارسي الصحة العمومية، ويقول معلقا على بعض الممارسات “لا يعقل أن يتم الإضراب لمدة ثلاثة أشهر في المستشفيات، لكن نفس هؤلاء الأطباء المضربين يعملون في أماكن أخرى”. وأوضح أويحيى أن الزيادات التي شهدتها أجور بعض المعلمين عرفت زيادة بنسبة 40 بالمائة وأجور مختلف القطاعات عرفت زيادات معتبرة، وقد تم الانتهاء من إعداد 38 قانونا أساسيا، وهي تستجيب كلها للمعايير المعتمدة على مستوى القانون العام للوظيف العمومي، ضف إلى ذلك المحادثات التي بدأت بشأن نظام التعويضات التي ستساهم في الرفع من الأجور”. بيان الحكومة حول رغبة أوراسكوم في بيع مجمعها في الجزائر موجه إلى الخارج وعرج أويحيى للحديث عن قضية شركة “أوراسكوم” كقضية شغلت الرأي العام والخاص، وقال “هناك حديث عن رغبة الشركة في بيع مؤسساتها الموجودة في الجزائر، رغم أن الرجل الأول في المجمع يؤكد للمسؤولين في البلاد أن هذا كلام لا أساس له من الصحة”، “لكن - يضيف الوزير الأول - رغم كل هذا قررت الحكومة اتخاذ قرار احترازي موجه للخارج أكثر منه للداخل، إن لم نقل للعالم كله، نؤكد فيه أن كل صفقة هي باطلة وحق الشفعة تعود للدولة الجزائرية، وأي بيع يقام خارج هذا الإطار فهو باطل”. “لن تعود قروض الاستهلاك والأفامي مطالب بالاحتفاظ بنصائحه” كما اغتنم أويحيى الفرصة لتكذيب الإشاعات التي تحدثت عن “إمكانية عودة قروض الاستهلاك بإيعاز من البنك الدولي”، وقال أويحيى “لا وجود لقروض الاستهلاك ولن تتم إعادة فتح الملف، وبإمكان مسؤولي البنك الدولي الاحتفاظ بنصائحهم لتسيير شؤون مؤسساتهم المالية”، ثم واصل “لقد عانت الجزائر طويلا مع هذه المؤسسة المالية أثناء وقت الأزمة، أما اليوم فقد تم تسديد كل الديون وتسديدها في الوقت المناسب سمح باقتصاد 2 مليار دولار، والجزائر شرعت في سياسية اقتصادية جديدة مبنية أساسا على التنمية المحلية، وقرر الرئيس تخصيص 280 مليار دولار، أو ما يعادل 20 ألف مليار دينار للتنمية المحلية، للبرنامج الخماسي المقبل. وأثناء تطرقه لموضوع الارتفاع الجنوني للأسعار، رد الوزير الأول بأن “هناك مشاريع قوانين في هذا السياق ستتم مناقشتها على مستوى البرلمان تتعلق بتسقيف الأسعار وتحديد هوامش الربح من شأنها التقليل أو الحد من المضاربة في مختلف الميادين”، وأمام انتشار ظاهرة المضاربة واحتكار السوق، كشف أويحيى أن الحكومة قررت “استيراد 20 ألف طن من اللحم الطازج و20 ألف طن من اللحم المجمد تحسبا لشهر رمضان المعظم، بالإضافة إلى ألف طن من الليمون”، وهذا بهدف التقليل أو الحد من المضاربة التي تشهدها أسعار الخضر والفواكه واللحوم”.