طالبوا السلطات الجزائرية بالتدخل لدى السلطات الاسبانية للنظر في قضيتهم كرامة الجزائريين تداس في مزابل اسبانيا والتاريخ يعيد نفسه بعد قرون من فرار الاسبان الى الجزائر هربا من سوء المعيشة و الحروب بعدما أصبحت أمواج البحر تخرج جثث الموتى، منهم في حالة الهدوء والهيجان، وبعدما بات اليم ينتفض مثل ما فتئت أرض الجزائر تخرج العديد من الظواهر الغريبة الأطوار وكأن بها انفجار بركان خامد أحرق بكرات نيرانه مشاعر الجزائريين، طالب عدد كبير من الحراڤة الجزائريين الداخلين إلى التراب الاسباني كمهاجرين سريين بعد أن تقطعت بهم السبل في مختلف مناطق البلاد التي احتضنت الإسلام لمدة ثمانية قرون، حيث طالب المعنيون بتدخل السلطات العليا في الجزائر لدى السلطات الاسبانية لتمكينهم من العودة إلى الديار وتراب الوطن بعد حالة من الهذيان عاشها هؤلاء بين انتظار دخول الجنة الموعودة على الأراضي الأوربية، وبين صدمة المفاجأة التي واجهتهم هناك. وبمجرد وضع الخطوة الأولى على أرض الغربة الموحشة، الشيء الذي دفع بالعديد منهم إلى احتراف السرقة والنصب على الناس هناك، مساهمين في تأكيد الصورة النمطية التي رسمها الإعلام الغربي عن الجزائر منذ أزمة الإرهاب دون شعورهم، بعد أن أصبح تلبية حاجاتهم اليومية من أولى الأولويات في أجندتهم وأي طريقة بسبب انعدام مداخيلهم وغلاء المعيشة التي لم يجابهها حتى المقيمون بطريقة شرعية. لم يكن محمد، أحدة الحراڤة العائدين إلى رشدهم ودارهم، يعرف أن حياة الرفاهية المنتظرة في "جنة الأحلام" ستتبخر بمجرد وصوله إلى الجزيرة الاسبانية بعد أن فتح قلبه ل "النهار"، متحدثا عن تجربته وعن الواقع المزري الذي يعيش فيه خلانه في الضفة الأخرى من البحر، بعدما صار يرى أحلام الخيال بالوضع الكارثي المفجع الذي يعيشه المئات من الحراڤة الجزائريين بمختلف مناطق الوطن الاسبانية، وفي تعبيره علامات الندم والحسرة على المغامرة الفاشلة، وذكر محمد أن الحياة في الجهة الأخرى ليست بتلك الصورة التي ترتسم في مخيلة الشباب الجزائري عن طريق الانترنت والقنوات العالمية، وليست كما يتمناها أغلبهم هربا من مشاكل البطالة والمخدرات والسكن وغيرها من النوائب التي أصبح يشكو منها الشباب في الجزائر، قبل خوض غمار الحياة العادية على الأقل في العمل وتكوين أسرة. فغلاء المعيشة وانعدام فرص التشغيل، تضاف إليها الحالة النفسية التي يعشيها الشباب جراء فقدان الأمل في الحياة وفقدان الثقة في المسؤولين، دفع أغلبهم إلى التفكير في الحرڤة ثم التحضير، فتقرير المغامرة بطريقة يغيب فيها العقل الراشد عن الرجوع إلى الوراء في لحظة لا يؤمن فيها الحراڤ إلا بما يحلم به يقظا بعد قساوة تكون قد تغلغلت في قلبه تقوم على قتل الضمير فيه هنيهة، إلا أنه يعود بل وعاد إلى رشده بمجرد الوقوف على المعاناة المنتظرة هناك، وأضاف محمد في حديثه لنا أن الشرطة الاسبانية تعتقل حاليا العشرات من الشباب بتهم السرقة والاعتداء على ملكيات، في الوقت الذي فضّل عدد آخر من الشباب الاشتغال بمزارع وحقول الخضر والفواكه بأثمان رخيصة مقابل أعمال شاقة ومتعبة، وصلت في بعض الأحيان إلى حد مقايضة العمل بالأكل والإيواء في غياب أدنى شروط النظافة وشروط التأمين. وفي هذه الظروف والحالة المزرية التي لا يمكن فيها مجادلة الحراڤة على فعلتهم ولا الجدال في رجوعهم بقدر ضرورة استعجال معالجتها، يصر الحراڤة على مطالبة السلطات العليا في الجزائر عبر رسالة سلمت إلى محدثنا تخفي في ثناياها حجم المعاناة التي تعيشونها وقسوة الندم والوقوف على فشل مشروع المستقبل، حيث يقتصر طلبهم على تمكينهم من العودة إلى البلاد عن طريق وساطة مع السلطات الاسبانية التي ظلت توصد أبوابها في وجوه المهاجرين السريين، حسبه. وقد كشف محمد أنه جد متأثر لوضع طلبة وتلاميذ مدارس يعانون الغربة، يضطر غالبيتهم إلى افتراش الأرض وتغطية السماء والقوت من الفضلات، فهل أصبحت كرامة الجزائريين تداس في مزابل اسبانيا؟ ومن سيرحم هؤلاء الشباب الذين لا ذنب لهم سوى أنهم أرادوا أن يعيشوا عيشة هنيئة في ظل تأكيد كل الشرائع والثقافات على شرعية الهجرة، بل على ضرورتها وحتميتها في دفع الحياة على الكرة الأرضية.