الأزمة تتكرر مع اقتراب كل مسابقة توظيف عبّر عدد من حاملي الشهدات الجامعية بولاية الوادي ل"النهار" الإقصاء المسلط في حقهم من قبل مصالح الوظيف العمومي التي ترفض الاعتراف بشهاداتهم عندما تصلها ملفات ترشحهم في مختلف المسابقات الإدارية بدعوى أن هناك قرارات وزارية تمنعهم من المشاركة في هذه المسابقات. احتار المئات من حاملي الشهادات الجامعية بولاية الوادي من قرارت الوظيف العمومي التي تمنعهم من دخول مسابقات التوظيف بدعوى الأولويات التي تكون سطرتها الجهات العليا في البلاد لبعض التخصصات على حساب غيرها. وأوضح هؤلاء أن أبرز الشهادات المقصية من الوظيف العمومي حاملي الليسانس في العلوم التجارية والاقتصادية وبعض التخصصات في العلوم الإنسانية كالعلوم السياسية وعلوم الاتصال وعلم الاجتماع وغيرها من الشهادات التي أمرت مصالح الوظيف العمومي إقصاءها من بعض المسابقات كمسابقة الأساتذة المجازين التي ينظر إليها الكثير من حاملي الشهادات على أنها المنفذ الوحيد للظفر بمنصب شغل في قطاع التعليم لاسيما وأن التدريس في الطور الابتدائي على وجه الخصوص لا يتطلب الكفاءة المتخصصة بحيث يستطيع حامل شهادة الليسانس تقديم الدروس لتلاميذ هذا الطور دون عناء كبير. وأشاروا إلى ان الكثير منهم ضحوا لعدة سنوات في قطاع التربية حيث عملوا كأساتذة مستخلفين في المناطق النائية مع تذبذب حصولهم على أجورهم التي تتأخر لأزيد من سنة. وتساءل هؤلاء كيف لا يسمح لهم باجتياز امتحانات المجازين للتدريس في التعليم الابتدائي على غرار زملائهم من حملة شهادات الليسانس في العلوم الاقتصادية، حيث تتوفر في هذا الطور التعليمي فرص كبيرة لاستيعابهم على عكس الطور الثانوي الذي يسمح لهم فيه بالتدريس لكن مناصبه المالية قليلة جدا وتكاد تكون منعدمة في كثير من التخصصات. وأضاف عدد من خريجي المركز الجامعي بالوادي بأن هذا الوضع المتردي الذي يعيشونه منذ تخرج أولى الدفعات سنة 2000 لم يجدوا أمامهم غير العمل في إطار عقود ما قبل التشغيل والتعاقد مع عدة مؤسسات مثل البنوك، البريد والمواصلات، مؤسسة سونلغاز، ومراكز التكوين المهني، التي يعمل العديد منهم فيها بالتوقيت الجزئي ويقومون بتأطير المتخرجين والإشراف على مذكراتهم ومناقشتهم. وفي ظل هذه الأزمة التي يتخبطون فيها وشبح البطالة التي كدرت حياتهم توجه بعض هؤلاء المحتجين، على حد قولهم إلى وزارة التربية لطرح انشغالاتهم، لكن مسؤولي مصالح التوظيف بالوزارة سألوهم لماذا درستم تخصص العلوم التجارية وعلوم التسيير إذا كنتم تريدون التدريس وهو ما رفضوه على أساس أن حملة تخصص العلوم الاقتصادية يدرسون في الابتدائي كذلك وشهاداتهم معترف بها. وناشد هؤلاء رئيس الحكومة ووزير التربية بالتدخل العاجل لرفع الظلم الإداري المسلط عليهم وإعادة الاعتبار لقيمة شهاداتهم العلمية المرفوضة من طرف مصالح الوظيف العمومي وإعطائهم الفرصة لكي يلجوا عالم الشغل ويطلقوا البطالة الخانقة التي يتخبطون فيها لاسيما وأن وزارة التربية ستفتح هذه المرة أكثر من 500 منصب شغل على مستوى ولاة الوادي مما يعني إعطاء أكبر فرصة ممكنة لتغطية السد العجز المسجل في القطاع خاصة وأنه المنفذ الوحيد لهم في ظل شح مناصب التوظيف في باقي القطاعات الأخرى. وفي السياق ذاته، يتخبط العشرات من حاملي الشهادات المتخصصة حول الوجة التي يقصدونها نتيجة غياب خلايا قادرة على استيعاب جيوش الجامعين البطالين بالمنطقة، بحيث نقل عدد من طالبي العمل ل"النهار" بكثير من الأسى والحسرة مظاهر الطرد والاستقبال غير اللائق لحملة الشهدات العلمية حتى أن بعضهم عاتب نفسه عن تسخير حياته وشبابه لطلب العلم، حتى أن بعضهم تمنى لو أنه أمي وجاهل حتى لا يرى أصحاب الشهادات العلمية يداسون بأموال الأغبياء وعديمي المستوى التعليمي. واستغرب الشباب الجامعي سر فشل سياسات التشغيل في إدماج حاملي الشهادات في عالم الشغل التي بقيت في كثير من الإدارات حكرا على جماعات وعائلات دون غيرها فالمحاباة و"المعريفة" وحدها القادرة على قضاء حاجة الراغب في ولوج عالم العمل الدائم. وحذر عدد من متتبعي ملف التشغيل والمهتمين بعالم الشباب من مغبة التهاون في تهميش هذه الشريحة المهمة في المجتمع والتي باتت تنذر بانفجار شباني لافتكاك حقوقهم في الظفر بمنصب عمل وحياة كريمة لاسيما وأنهم سخروا حياتهم لقهر الجهل والإسهام في البناء الوطني.