- خالتي ما بك، هل أنت مريضة...؟ - لا أنا بخير، آه لقد نسيت، قلت لي أن والدك كان في المستشفى، هل هو بخير؟ أصيب بكسر في يده، ليلة أمس، عندما سقط من على السلم، كعادته يريد فعل كل شيء في هذا المنزل، لقد صعد السلم ليصلح المصباح، فأصابه دوار فسقط على يده، تدرين، اتصلت بعمي عبد الرحمان على الساعة التاسعة ليلا... أدركت سمية أنها تحدثت كثيرا من دون أن تقدم شيئا للخادمة الوفية خديجة، التي تزورهم من حين لآخر، كانت المربية والخادمة، تتذكر بعض ملامح سمية عندما كانت صغيرة، لم تتغير كثيرا.... وصلتا إلى قاعة الجلوس، شربت القهوة مع سمية وعلي والد سمية، لم تتوقف خديجة عن أكل الحلوى، كانت سمية تراقبها من دون قصد، وتقول في قرارة نفسها، لذلك تزداد يوما بعد يوم في الوزن... خرجت من دون أن تلفظ بكلمة حول الموضوع.... لم تنم ليلتها، كانت تتخيل كيف ستدرس اللغة الحية لطالب الثانوي، ابن السيد.. مؤهلاتها سنحت لها لأن تفوز بهذا العمل، خصوصا وأن صاحب إقامة ميموزا كان يريد أستاذا أو أستاذة درسوا في بريطانيا، حتى يتمكن ابنه من التحصيل الجيد.. نهضت من سريرها، وأخذت الوسادة وجلست على كرسي، كانت تريد أن تشغل التلفزيون وترى فيلما.. تمنت لو تجد فيلما قديما من نوع الدراما الكلاسيكية تستأنس به في غياهب الليل المظلم، شد انتباهها فيلم في إحدى القنوات العربية.. دقت الساعة الخامسة صباحا، ولم تغفل عينها ثانية واحدة... أطفأت التلفزيون واستلقت على السرير.. تقلبت من هنا وهناك، حاولت النوم لكنها لم تستطع، الإرهاق أعياها وفرحة العمل في ميموزا استهواها... خرجت من غرفتها إلى الحمام الذي كان في آخر الرواق، كان بجانب غرفة أختها الصغرى سلمى ابنة ال 20، سلمى فتاة قوية الشخصية عنيدة مقارنة بأختها سمية الشقية... رغم أنها تصغرها بثلاث سنوات، كانت تهتم بأناقتها، تلبس آخر الموديلات، التي تباع في المحلات الكبرى بالعاصمة، حتى عندما تراجع دروسها كانت تقابل المرآة لترى ذلك الجسد الممشوق، النحيل، الذي تتباهى به دوما.. كانت سلمى تشبه أباها، شقراء، عيناها زرقاوتان، شعرها الأصفر القصير، أعطاها سنا أكبر من سنها... نزلت سمية إلى المطبخ بعد أن أحست بالجوع، فتحت الثلاجة، التي تتوسط المطبخ الكبير، أخذت فنجان القهوة وما تبقى من الحلوى التي أكلت نصفها الخادمة خديجة، تركت الأواني على الطاولة الضخمة، وصعدت إلى غرفتها....