يمثلون اليوم أمام محكمة الجنايات بالعاصمة وسط تعزيزات أمنية كبيرة عماري صايفي ظل يتنقل بالرهائن 5 أشهر كاملة أمام جهود عدة دول حاولت تحريرهم تنتظر، اليوم، جنايات العاصمة في قضية رفقاء عبد الرزاق البارا الذي قاد عملية اختطاف السياح الألمان سنة 2003، القضية التي يفترض فيها ومن خلال تصريحات المتهمين اللذين كانا ضمن الجماعة التي نفذت العملية، الكشف عن خبرة الإرهابي عبد الرزاق البارا أو حنكة "عماري صايفي" الكوموندوس الجزائري سابقا الذي تمكن من احتجاز السياح الأوروبيين لمدة خمسة أشهر كاملة، رغم الجبهات العديدة التي كان مطاردا من ناحيتها، خاصة القوات المالية والتشادية وحتى الجزائرية والمخابرات الألمانية وغيرها من السلطات العسكرية الأوروبية التي سعت جاهدة لتحرير السياح قبل أن يستقر حال جماعة البارا في مواجهة تكاثف جهود هذه القوات التي لم تكن تستطيع تحديد حتى مكان تواجده بدقة على الصحاري الإفريقية الشاس، إلى درجة أنه لقب ب "ثعلب الصحراء". وستكشف المحاكمة المقررة غدا عن الخطة التي اتبعها عماري صايفي، الذي كان في يوم من الأيام رقيبا في القوات الخاصة الجزائرية، في احتجاز السياح الألمان لمدة خمسة أشهر كاملة، هذا الأخير الذي كان ينشط في صفوف الجماعة الإسلامية المسلحة قبل أن يصبح أميرا فعليا على منطقة الصحراء برمتها، وهي الحقائق التي ضلت غامضة منذ اختطاف السياح الألمان سنة 2003، إذ سيتم الكشف عنها اليوم من طرف اثنين قادا عملية الاختطاف رفقة الكوموندوس الجزائري واللذان صرحا في محضر استجوابهما أن العملية كانت صدفة دون تخطيط مسبق. للإشارة، فإن القضية التي ستنظر فيها محكمة الجنايات، اليوم، قد ارتبطت أيضا بأزمة سجن "تازولت" بباتنة حين تمكن حوالي 1200 سجين من الفرار منه في 28 رمضان 1994 بتواطؤ من حارسين بذات المؤسسة العقابية لقيا حتفهما فيما بعد، وقد التحق كل المساجين بمعاقل الجماعات الإرهابية على أساس أن المتهم (ع. ناصر) المدعو صالح أبو يعقوب قال إن الخطة تمت بناء على الاتصالات التي أقامها المدعو (م. خ) مع الحارسين السالفي الذكر، حيث أجمعوا على ترتيب خطة محكمة لتحرير السجناء، حيث اقترح الحارسين وقت الفطور الأفضل لتحريرهم دون أية متاعب، على اعتبار أن الحراس الآخرين سيكونون دون سلاح وسيتناولون الطعام رفقة المساجين، مما جعل العملية تتم دون أية عراقيل. وأشار ذات المتهم إلى أن 200 إرهابي ممن تم تحريرهم وجهوا إلى جبال عين الكرشة، 200 إلى جبال تاغذا و 200 أخرى باتجاه جبال شلعلع. فيما رحل الآخرون إلى جبال أوستلي بباتنة. وقال المتهم المكنى بعاصم أبو عقبة إن مركزهم الكائن بجبال أوستلي كان يستعمل لإيواء المساجين المتطرفين الفارين من سجن تازولت ليتم تحويلهم إلى مناطقهم الأصلية. ويتابع المتهمون الأربعة في قضية الحال بتهم عديدة منها الانتماء إلى جماعة إرهابية مسلحة تنشط داخل الوطن وخارجه والمساس بأمن الدولة، اغتيال المدنيين وأفراد الجيش والقيام بأعمال إرهابية، بالإضافة إلى اختطاف الأجانب وسلب الأموال، المطالبة بأموال ضخمة لأجل تحرير الرهائن وتموين الجماعات الإرهابية داخل الوطن بالأسلحة الثقيلة والذخيرة الحربية. ومما تبين من خلال تصريحات المتهمين في القضية، فإن الجماعة السلفية للدعوة والقتال تمخضت عن الاجتماع الذي ضم قادة السرايا والكتائب الإرهابية بالمنطقة نتيجة الاضطرابات التي شهدتها الجماعة الإسلامية المسلحة بقيادة "عنتر زوابري" خلال سنوات 1994/1995)، حيث تم تعيين (ديشو) المكنى "أبو مصعب" كأمير وطني للجماعة وعبد الرزاق البارا أميرا على منطقة الصحراء لتبدأ بذلك العمليات الإرهابية لهذا الأخير رفقة 15 عنصرا وضعوا تحت إمرته توجهوا حينها من جبال أوستلي بباتنة إلى منطقة الجبل الأبيض الذي مكثوا به أربعة أشهر ازداد خلالها عددهم ليصل إلى 70 فردا تنقلوا بعدها إلى منطقة التاسيلي، حيث كانت أول عمليات الجماعة بالإستيلاء على عدة سيارات استعملت فيما بعد في استدراج وحدات القوات الخاصة، حيث تم قتل 45 عسكريا والاستيلاء على 35 قطعة سلاح رشاش من طرف جماعته حسب تصريحات المتهم "ق" الذي كان من بين العناصر التي نفذت العملية. وأضاف ذات المتهم أن عبد الرزاق البارا اتصل بكل من "مختار بلمختار"، المكنى "الأعور" أمير منطقة الصحراء حاليا بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، هذا الأخير الذي تحدثت أخبار بشأن تسليم نفسه وعبد الحميد أبو زايد أمير كتيبة طارق بن زياد الذي نفذ عملية الاختطاف ضد الرعيتين النمساويتين خلال الأشهر القليلة الماضية وذلك لمساندته في العملية الكبرى التي كان ينوي تنفيذها، حيث استطاع الحصول على عدة قطع أسلحة من دول مالي و النيجر و حتى التشاد. وكشف المتهمون في قضية الحال أن جماعة البارا كانت تضم عناصر من الخليج العربي وأخرى من الدول الإفريقية المجاورة. و في السياق ذاته ووصولا إلى عملية الاختطاف التي جعلت البارا وجماعته مطلوبا من طرف كل أجهزة المخابرات في العالم، بالإضافة إلى قوات الجيش المالية، الجزائرية وحتى التشادية، إذ أشار المتهمون إلى أن العملية تمت دون تخطيط مسبق، حيث تم العثور على سياح أجانب في أعالي الصحراء الجزائرية بعضهم على متن سيارة من نوع "إيفيكو". فيما يمتطي البقية دراجات نارية وكان ذلك شهر فيفري 2003، وقد تمكنت مصالح الجيش الوطني الشعبي من تحرير 17 رهينة بعد المشادات التي جمعت بينهم وبين جماعة البارا ليستطيع بعدها الإفلات من قبضة قوات الجيش بباقي الرهائن الذين بقوا بحوزته خمسة أشهر كاملة، رغم الجهود التي كانت تبذلها مصالح عدة دول في الإفراج عنهم ليبقى بذلك الكوموندوس الجزائري يجوب الصحراء راسما خطة محكمة تحدى فيها مخابرات العالم مجسدا فطنة وحنكة القوات الخاصة الجزائرية باعتباره أحد عناصرها سابقا. للإشارة فقد استطاع هذا الأخير تحصيل فدية قدرها 5 مليون أورو استعملها كلها في اقتناء السلاح من الجماعات المعارضة بالدول المجاورة للجزائر، حيث حصل على أربع مسدسات من نوع " دوشكا 12.7 " و "دوشكا 14.5" و حوالي 300 بندقية رشاشة نوع "ي.آم.كا" مدفعين من نوع 81م / 6م/م اثنان "بي.كا.طا" و أربعة "آل.آر.آر.سي" و08 سيارات ذات الدفع الرباعي من نوع طويوطا. واستمرت جماعة عبد الرزاق البارا بعدها في مطاردة السياح الأجانب بالصحراء على غرار المجموعة التي كانت تتكون من 30 شخصا فرنسيا، حيث تم تجريدهم من ممتلكاتهم مقابل حريتهم. كما اشترطت جماعة البارا على نفس السياح تعويض جماعة التوارڤ الذين تم الاستحواذ على سياراتهم، العرض الذي قبله السياح. وقال المتهم (ق.عبد المجيد ) إن رحلتهم مع البارا انتهت عند هذه المحطة بعدما داهمتهم قوات الجيش التشادي، حيت تم القضاء على بعض العناصر. فيما أخذ عبد الرزاق البارا وآخرون كرهائن تم تسليمهم فيما بعد إلى ليبيا وبعدها إلى الجزائر لتنتهي بذلك حكاية ثعلب الصحراء عبد الرزاق البارا أو الكومندوس الجزائري عماري صايفي.