تضم العاصمة عدة شوارع و أزقة و أحياء عريقة تحمل معالم تاريخية كانت معظم هذه الأماكن تحمل أسماء لشخصيات فرنسية تركها الاستعمار و في حقيقة الأمر أن أسماء كل هذه الأحياء و الشوارع تم تحويلها إلى أسماء كبار مجاهدي و شهداء الجزائر، إلا أن هيقو، ميشلي و مايو مازالت متداولة على لسان العاصميين. أول ما لفت انتباهنا عند ركوبنا سيارة أجرة بالعاصمة قصد الذهاب إلى مستشفى" الدكتور محمد لمين دباغين" هو جواب السائق الذي يتجاوز سنه 65 سنة بأنه يسمع باسم هذا المستشفى لكن لا يعرفه ، طرح لنا سؤال عن موقعه بالضبط فكان جوابنا انه مستشفى" مايو" سابقا رد علينا انه يعرفه ، و مع دردشة قصيرة مع" الحاج محمد" اكتشفنا انه يعمل منذ حوالي 12 سنة كسائق سيارة أجرة لكن قليلا ما يركب معه أناس يسالون عن أحياء و شوارع بالعاصمة بأسمائها الجزائرية . لا يعطي الكثير من المواطنين أهمية للأسماء الجزائرية التي تحملها شوارع و أحياء العاصمة و لا زالوا يعرفونها و يلقبونها بأسماء الفرنسيين ، ك"مراد" شاب بطال من العاصمة أكد انه يعرف بعض الشوارع و الأحياء التي تحمل ألقابا عربية لكن لا يستعملها و حسبه أنها ثقيلة على لسانه فعوض أن يقول "حي المدنية" فسهل عليه أن يقول" سالمبي "و كذا بدل السؤال عن شارع "زيغود يوسف" فيعد بالنسبة له اسم طويل فشارع" شيقي فارا" . . توجهنا إلى احد الشيوخ الذي صادفناه جالسا أمام باب العمارة و سألناه عن شارع" فيكتورايقو" ، فثار الشيخ قائلا "أعيدي ما تقولين قصدك تبحثين عن شارع "ذبيح شريف" ، كل تاريخ الجزائر الذي تطلعونه و ما فعله الفرنسيون في الجزائر من تدمير و تعذيب و لايزال الشباب اليوم يستعملون أسماءهم في شوارعنا خاصة و أن الشارع ينتهي بتمثال الأمير عبد القادر يحمل سيفه مبينا شجاعة الجزائريين آنذاك " كذلك بعض الطالبات اللاتي كن يبادلن الحديث في الحافلة و الوجهة التي يريدونها الذهاب إليها فاقترحت واحدة منهن الذهاب إلى شارع ديدوش مراد " فردت عليها إحداهن "تقصدين "لا ري ديزلي" فتدخلت امرأة التي اكتشفنا أنها أستاذة مادة التاريخ بالثانوية و نصحت الفتيات بالتعامل بأسماء شهدائنا الأبرار الذين حرروا الجزائر لا الذين دمروها من الفرنسيين . تنامت طريقة تعامل المواطنين الجزائريين بالعناوين الفرنسية لشوارعنا و أحيائنا و حتى الأماكن المقدسة كمسجد "كتشاوة" العريق الذي يطلق عليه معظم الجزائريين" جامع ليهود " رغم أن العديد منهم اكدو لنا انه من غير المعقول أن مسجدا يطلق عليه اسم اليهود و أكد لنا "الحاج منور" من القصبة العريقة أن المسجد كان كنيسة في القديم ويمارس اليهود آنذاك طقوسهم بها و بعدها تحول إلى معلم إسلامي لكن ألفنا تلك التسمية دون قصد" و أوضح لنا السيد مراد " رجل أعمال انه اعتاد الذهاب إلى فندق الجزائر لكن المشكل أن كل من أتعامل معهم لا زالوا يستعملون الاسم القديم و هو"سان جورج".