لم تختلف البطولة الوطنية لكرة القدم هذا الموسم قبل 6 جولات عن إسدال الستار عنها عن سابقتها في السنوات الماضية من حيث مظاهر العنف و المشاكل المعتادة، لكن خلال الموسم الكروي الجاري لا يختلف إثنان عن أن حدة العنف و كثرة المشاكل و التهم بالتلاعب بالمباريات اصبحت مواصفات لا تغيب عن اي جولة و الموت بات يهدد الجميع في ملاعبنا من لاعبين و أنصار و مسيرين .كانت انطلاقة البطولة الوطنية خير دليل وعنوان رئيسي لوصف الموسم الحالي على وقع وفاة الكاميروني ألبير إيبوسي، مهاجم شبيبة القبائل، بحجر طائش من المدرجات على خلفية هزيمة ناديه أمام الضيف إتحاد العاصمة لحساب الجولة الثانية، ليتم بعدها توقيف النشاطات الكروية في جميع الأقسام على أمل أن تقف معها ظاهرة العنف بشكل نهائي. انتهت المهلة التي حددتها الرابطة الوطنية لكرة القدم بمعية الاتحادية الجزائري للعبة، وعادت عجلة الكرة للدوران من جديد، لكن لا شيء تغير بل وقبل إسدال الستار عن الموسم الكروي بست جولات فقط تصاعدت ظاهرة العنف أكثر فأكثر وصاحَبها عنف لفظي واتهامات خطيرة أبطالها مسيرو ورؤساء الأندية، مع اتضاح ملامح الفرق التي تصارع على البقاء وأخرى تبحث عن التتويج باللقب، ليكون الموسم الحالي واحدا من أسوأ المواسم الكروية الجزائرية عبر التاريخ ومن جميع النواحي، لكن الغريب في كل ما يحدث هو أن المناصر الجزائري لم يأخذ العبرة من حادثة إيبوسي وأصبح محترفا في رمي الحجارة، بدليل أن أكثر من لاعب ومسير كاد يلقى نفس المصير الذي لقاه هداف البطولة الجزائرية في الموسم الفارط، لتصنف الجزائر كواحدة من أبرز الدولة المعروفة بعنفها في المدرجات، وإن كانت مصر عرفت مجزرتين، إلا أن صورة الجزائر تلطخت بين باقي بلدان المعمورة بدماء اللاعبين والأنصار وحتى المسيرين نتيجة التعصب الزائد والحساسية بين الجمهور الرياضي الكروي. إيبوسي لم يهنأ في قبره قبل أن تنفجر فضيحة الحكم بيطام ، الذي قام بنزع قميصه ودخل أرضية الميدان في مباراة أهلي برج بوعريريج ووداد تلمسان متوجها للحكم الرئيسي عبيد شارف، ثم قام بإلقاء الراية وانسحب من المباراة، موجها بعدها كما هائلا من الاتهامات والانتقادات إلى رئيس لجنة التحكيم حموم، ورئيس الرابطة الوطنية لكرة القدم محفوظ قرباج، ودخل من بعدها الثلاثي في حرب تصريحات، حيث اتهم بيطام كلا من قرباج وحموم بالضغط عليه من أجل ترجيح كفة فرق على حساب أخرى أثناء المواجهات التي أدارها الحكم المساعد الدولي، لتكون هذه القضية بداية لمجموعة من الاتهامات والتلاعبات التي لازلنا نستمع إليها إلى حد الآن. إصابات خطيرة في التنقلات وتسجيل وفيات وسط الأنصار لم تلعب جولة من المحترف الأول أو الثاني، إلا وسجل خلالها عدد معتبر من المصابين بين الأنصار، معظمهم من الفرق الزائرة، حيث تتعرض هذه الأخيرة رفقة أنصارها للعديد من المضايقات من طرف أصحاب الأرض، مما جعل السلطات الأمنية تستعين في الكثير من الأحيان بقوات التدخل السريع لضمان سلامة المناصر الزائر، وتبقى الأمثلة كثيرة لكن أبرزها ما حدث لأنصار شباب بلوزداد في الأربعاء ضمن الجولة 14 أمام الأمل المحلي عندما تحطم بهم المدرج نتيجة الهروب من الحجارة التي كانت تتهاطل عليهم من مدرجات الفريق المضيّف، مما خلف إصابات خطيرة وسط أنصار الشباب، وقبلها بجولة واحدة عاش أنصار إتحاد العاصمة الجحيم في بجاية عند مواجهة فريقهم للمولودية المحلية، حيث اضطر العديد منهم إلى الدخول إلى أرضية الميدان خوفا من الحجارة التي كانت تتساقط عليهم من كل صوب وحدب، إلا أن هذا لم يمنع من إصابة عدد كبير منهم بإصابات على مستوى الرأس، وفي إحدى المباريات لقي ، مناصر إتحاد موزاية في العقد 21 من العمر، حتفه بعد طعنة في القلب قبيل انطلاق مباراة فريقه أمام جيل عين الدفلى. لاعبو الآمال والأقسام السفلى لم يسلموا من العنف لاعبو الآمال كان لهم نصيب من ظاهرة العنف، فرغم أن الأنصار لا يعيرون أي أهمية لنتائجهم في البطولة، إلا أن حافلة آمال شباب بلوزداد تعرضت لاعتداءات خطيرة في إحدى خرجاتها التي قادتها إلى بجاية، من طرف أنصار مجهولي الهوية، بعدما تبرأ أنصار المولودية والشبيبة المحليتين من الحادثة، وأصيب يومها أربعة لاعبين بإصابات طفيفة على مستوى القدم واليد، كما أن هذه الظاهرة لم تتوقف عند الآمال فقط، بل وصلت إلى غاية الأقسام الدنيا على غرار الحرب التي حدثت بين نجم بوقادير وشباب بني ثور، لحساب الجولة الثانية من بطولة قسم الهواة وسط - غرب، هذا ما ظهر وما خفي أعظم. اتهامات خطيرة عن ترتيب المباريات وإصابات بين اللاعبين والمسيرين تصاعدت الاتهامات بترتيب المباريات في الآونة الأخيرة قبل جولات قليلة فقط من نهاية الموسم، فبعد كل خسارة داخل أو خارج الديار يطلق الأنصار العنان لحناجرهم، ويتغنون بتسهيل لاعبي فريقهم لمهمة المنافس، إلى هنا كل شيء عادي، لكن أن تأتي الاتهامات من طرف المسؤولين فهو أمر غير معقول، وكان حناشي قد اتهم لاعبيه مؤخرا بتسهيل مهمة العميد في الفوز بتيزي وزو، وقبله حرب الاتهامات التي تبادلها مسيرو اتحاد الحراش ونظرائهم من جمعية الشلف، وأخيرا رئيس وفاق سطيف حسان حمّار الذي تعهد يوم أصيب بحجر في رأسه في مواجهة المولودية بمنح نقاط اللقاء الذي بعده للزوار جمعية الشلف وهو ما حدث حقا. وأصيب حمّار بحجر طائش على مستوى الرأس في بولوغين، كما أصيب رئيس مجلس إدارة المولودية رايسي بإصابة خفيفة في حاجب العين، لتتوالى الإصابات بالحجارة، حيث كان الضحية التالي دزيري بلال في داربي سوسطارة أمام اتحاد الحراش، وبعده دوخة في لقاء ودي للشبيبة أمام مولودية البويرة وأخيرا وليس آخرا تعرض بلهادي لاعب العلمة إلى إصابة بحجر في لقاء فريقه الأخير أمام إتحاد الجزائر لتستحق البطولة في الأخير لقب بطولة شكارة وأنصار الحجارة. دوخة: «لم نستفد من أخطأنا.. البارحة إيبوسي ثم أنا والله أعلم من القادم» أكد عز الدين دوخة، حارس المنتخب الوطني وشبيبة القبائل، أن الجماهير الجزائرية لم تستفد من أحداث العنف المسجلة سابقا وراح ضحيتها الكاميروني ألبير إيبوسي، والتي كادت تودي بحياته هو الآخر بعد رشقه بحجر أصابه في الرأس خلال لقاء ودي في البويرة، حيث خاطب دوخة الجماهير الجزائرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي قائلا: «والله لست حاقداً على أنصار البويرة وأكنّ لهم كل الاحترام، هذه الأمور حقيقة تحدث في جميع ملاعب العالم لكن الشيء المؤلم هو ما حدث لإيبوسي وكأننا لم نستفد ولم نتعلم من أخطائنا، فالبارحة كان الراحل إيبوسي وكاد اليوم أن يكون دوخة وغدا الله أعلم من يكون»، وأضاف: «إلى متى نستمر في هذا العنف فالرياضة أخلاق وكرة القدم متعة والفائز الأكبر هي الروح الرياضية، يجب علينا أن نقف وقفة رجل واحد ضد العنف». دزيري ل«النهار»: «لا بد من توقف الرشق بالحجارة لأنه لن يعود بالفائدة على أحد» شدد بلال دزيري، مساعد مدرب اتحاد العاصمة، على ضرورة توقف ظاهرة رشق اللاعبين بالحجارة، وهي التي عرفت انتشارا كبيرا في البطولة الوطنية هذا الموسم، وقال دزيري في تصريح ل«النهار» إن مظاهر العنف في الملاعب لن تعود بالفائدة على أي كان، وأوضح في هذا الصدد: «لا بد من توقيف العنف في الملاعب والرشق بالحجارة من المدرجات، لأن ذلك لن يعود بالفائدة لا على اللاعبين ولا على الأنصار». جدير بالذكر أن الاتحاد تعرض لهذا السيناريو في المباراة التي جمعته بمولودية بجاية في مرحلة الذهاب، كما أن المتحدث تلقى حجرا طائشا في المباراة التي جمعت أصحاب الزي الأحمر والأسود باتحاد الحراش على ملعب المحمدية هذا الموسم. دروش فضيلة (مختصة في علم الاجتماع الثقافي) ل«النهار:«المخدرات أبرز الأسباب المؤدية إلى انتشار العنف في الملاعب اعتبرت دروش فضيلة، مختصة في علم الاجتماع الثقافي، أن المخدرات تلعب دورا رئيسيا في انتشار ظاهرة العنف في الملاعب وسط الجماهير الجزائرية والشباب الذين يدخلون المدرجات فاقدي الوعي، بفعل تأثيرها، كما أقرت ذات المتحدثة بعامل السن الذي يلعب دورا كذلك في انتشار الظاهرة، باعتبار الفئة الغالبة التي تتجه إلى الملاعب تمثل المراهقين، ولم تغفل محدثتنا دور الضغط والوسط الاجتماعي، وقالت دروش في اتصال ب«النهار»: «المخدرات من أبرز الأسباب المؤدية لانتشار العنف في الملاعب، كما أن الضغط يلعب دوره إضافة إلى عامل السن»، مضيفة: «علينا أن نكون صرحاء، حتى الوسط الاجتماعي يلعب دورا كبيرا أيضا في انتشار العنف، حيث إن معظم مرتادي الملاعب من الأحياء الشعبية التي ينتشر بها العنف عكس الأحياء الراقية»، وأكدت دروش أن الحل يكمن في تغليب لغة الحوار والنقاش بين الشباب وتوعيتهم. تهمي: لا يجب أن نكذب على الناس.. التلاعب بالمباريات موجود والعنف عار علينا اعترف محمد تهمي، وزير الرياضة، أن التلاعب بنتائج المباريات في الكرة الجزائرية أمر موجود ولا يمكن إخفاؤه، وهي الظاهرة التي طغت على الرابطة المحترفة الأولى لكرة القدم هذا الموسم في جولاتها الأخيرة، بتبادل الاتهامات بين بعض رؤساء الأندية، وصرح تهمي في ندوة صحفية قائلا: «التلاعب بنتائج المباريات؟ لا يمكن أن كذب على الناس وننفي وجوده، ولكن الأدلة غير موجودة وعلى كل من يملك دليلا ملموسا تقديمه لوزارة الرياضة لنتكفل نحن بالقضية، لدينا ملفان في التحقيق لكن من دون أي دليل مادي ملموس». هذا وتأسف الوزير على ظاهرة العنف في الملاعب مردفا: «ما حدث في تيزي وزو سابقا وفي لقاء البويرة وشبيبة القبائل مؤخرا وما يحدث في مباريات أخرى عار علينا، لقد كادت تكون كارثة جديدة والمشكل مشكل مجتمع ككل وليس الرياضة فقط». إلى ذلك، شدد تهمي على ضرورة معاقبة كل من يتسبب في العنف في الملاعب مثلما حدث مع الناطق الرسمي باسم جمعية الشلف عبد الكريم مدوار الذي قام –حسبه- بأمر غير عادي واستحق العقوبة.