3 رؤوس كبيرة «تدوّر» 100 مليون أورو و40 مليون دولار شهريا أوقف عناصر من مصالح الأمن بالزي المدني، أمس، في حملة منظمة، ما يفوق 20 شخصا بسوق «السكوار»، يمتهنون المتاجرة في العملات الأجنبية بالسوق السوداء. وشهد حي السكوار، أمس، في ساعة مبكرة، حالة تطويق قصوى من طرف مصالح الأمن التي كانت منتشرة من فندق السفير إلى غاية مدخل ساحة الشهداء، وهي المرة الأولى التي تشنّ فيها ذات المصالح هذه الحملة المنظمة، على اعتبار أن النشاط غير القانوني لتحويل العملات بسوق «السكوار» يتم في وضح النهار، وأمام أعين السلطات العمومية في البلاد منذ سنوات. وتقول مصادر «النهار»، إن العملية جاءت بناء على تقارير أعدتها مصالح الأمن بمختلف تشعباتها، تشير في معظمها إلى أن المتهمين الذين تم توقيفهم وبحوزتهم كميات كبيرة من الأورو والدولار، أكدوا أنهم قاموا باقتنائها من سوق «السكوار»، لكن حجم هذه المبالغ المالية عند جمعها كشف عن رقم مهول يتم تداوله بطريقة غير قانونية، ويتم في غالب الأحيان تهريبها خارج الوطن. كما جاءت الحملة تزامنا مع التصريحات التي أطلقها الوزير الأول، عبد المالك سلال، قبل أيام قليلة، عندما شدّد بشكل صارم على ضرورة مكافحة ظاهرة تبييض وتهريب الأموال إلى الخارج، وهي التصريحات التي تكون قد فُهمت على أنها بمثابة الضوء الأكثر لبدء حملة لتنضيف ساحة «السكوار» من باعة العملات الأجنبية. 100 مليون أورو و40 مليون دولار يتم «تدوريها» شهريا بالسكوار وتكشف المعلومات التي تحصلت عليها مصالح الأمن بعد تحريات معمقة مع موقوفين في قضايا تهريب العملة الصعبة وتجار «الشنطة» وحتى حجاج بيت الله، أن المبالغ المالية بالأورو» والدولار التي حجزت بحوزتهم تم تحويلها بسوق السكوار، وكشف مصدر موثوق ل«النهار» أن ما يزيد عن 100 مليون أورو و40 مليون دولار يتم تداولها في سوق السكوار كمعدل ل«رقم أعمال» السوق السوداء كل شهر. باورنات كبار يختفون وراء بطّالين من الشرق الجزائري كما كشفت اعترافات قدمها مهربو العملة تورّط أشخاص آخرين وراء التجار الصغار بالسكوار، حيث أكد أحد المتهمين في محاولة تهريب ما يقارب مليون أورو نحو فرنسا، نهاية السنة الماضية، أنه في بادئ الأمر قصد سوق السكوار من أجل تحويل 100 مليون سنتيم، لكنه عندما سئل إن كان يريد تغيير كمية كبيرة في المرة القادمة أن يتصل هاتفيا، وأضاف المتهم عند سماعه من طرف المحققين أنه حوّل 800 ألف أورو عن طريق الاتصال هاتفيا برقم مغاير في كل مرة يقدمه شخص مغاير، وأشار إلى أن العملية لم تستغرق وقتا طويلا وتمت على أربع دفعات. متهم آخر، وهو تاجر ينحدر من ولاية وهران، أكد أنه تعرّف على شخص من مدينة مستغانم في رحلة بحثه عن الأورو، وأشار إلى أن الأخير عرّفه بتاجر كبير في سوق «السكوار» كان يحول له المبلغ الذي يريده، شريطة أن يتصل به هاتفيا قبل 48 ساعة عن موعد التحويل، ونفس الاعترافات قدمها أفراد شبكة كانت بصدد تهريب 2 مليون أورو نحو تونس الأسبوع الماضي. «شومارة» برأس مال حداد وربراب! وتشير معطيات حديثة تحصلت عليها «النهار» أن التجار الذين ينشطون بسوق «السكوار» أغلبهم بطالون لا يتقنون إلا فن الحساب، ينحدر أغلبهم من الحي الشعبي باب الوادي ونسبة أخرى كبيرة منهم ينحدرون من ولاية جيجل، والملف للانتباه أن المبالغ التي يتعاملون بها شهريا تفوق رأس مال شركات حداد وربراب عند بداياتهم في عالم المال والأعمال، وهو الأمر الذي يرجح فرضية «وراء هؤلاء التجار الصغار.. تجار كبار»، وهو الأمر الذي يوجد محل تحقيق الأجهزة الأمنية في البلاد، خاصة أن فرضية أن يكون هؤلاء البطالون مجرد واجهة لمحترفي تبييض الأموال غير مستبعدة. ويشير مصدر موثوق إلى أن ثلاثة رؤوس لمافيا المال هم بالنسبة للتجار الصغار عبارة عن أشباح، على اعتبار أنهم لا يظهرون وهوياتهم مجهولة. وأفادت مصادر «النهار» أن تقارير أمنية ألحت منذ وقت طويل على إنهاء إمبراطورية «السكوار»، غير أن العائق الوحيد هو انعدام البديل القانوني. وأشارت ذات المصادر إلى أن وزارة المالية قررت خلال الأسابيع القليلة الماضية بالتنسيق مع الأجهزة ذات الصلة بالملف، تقنين عملية التجارة بالعملات من خلال اعتماد مكاتب صرف قانونية من طرف بنك الجزائر، وهو ما سينهي إمبراطوراية «السكوار» التي عمّرت طويلا في العمل بطريقة غير قانونية، وأمام أعين كل السلطات في البلاد.