خلال الجولة التي قادتنا إلى ساحة بورسعيد أو ''السكوار'' والحديث الذي جمعنا بالباعة النشطين هناك، فإن انخفاض سعر الأورو الذي يعتبر العملة الأساسية للتداول بالبيع أوالشراء، لم يدم طويلا، حيث عاودت الأسعار الارتفاع لتصل إلى 12400 دينار مقابل 100 أورو، بعد أن بقي لعدة أسابيع سعر الصرف لا يتعدى 12000 دينار، بينما يصل سعر صرف الأوراق النقدية من فئة 500 أورو إلى 12450 دينار، أي ب50 دينار زيادة على صرف الأوراق النقدية الأقل قيمة، لسهولة تمرير مبلغ مالي مشكل من الأوراق النقدية من فئة 500 أورو بسهولة عبر المطارات والموانئ وتحويلها إلى خارج الوطن· وحسب العاملين في مجال الصرف بالقرب من ساحة بور سعيد بالعاصمة، فإن المستوردين المختصين في مختلف المواد الغذائية والأواني المنزلية، الذين تمكن الكثير منهم من تصريف سلعهم خلال شهر رمضان، وكذا تجار الألبسة الذي مكنهم الدخول المدرسي ثم مناسبة عيد الفطر من بيع وتسويق كميات هائلة من السلع الأمر الذي أفرغ مستودعاتهم، وأوجب عليهم الشروع في عمليات استيراد جديدة للسلع، تتطلب مبالغ مالية بالعملة الصعبة لا يوجد أحسن من السكوار المصنف على رأس قائمة الأسواق السوداء التي تتم فيها عملية مقايضة العملات جهارا نهارا بالرغم من المنع القانوني الصارم لكل عملية تبديل العملات التي تتم خارج إطار المؤسسات المصرفية للقيام بالعملية، رغم أن هؤلاء الباعة كانوا ينتظرون أن ينزل سعر الصرف أكثر بعد التحاق أعداد كبيرة من المهاجرين بأرض الوطن لقضاء شهر رمضان بين الأهل، مستغلين الإجراء لشركة الخطوط الجوية الجزائرية المتمثل في خصم 50 بالمائة من سعر التذكرة، بعد الاتفاقية التي أمضتها مع وزارة التضامن والأسرة والجالية، وما دام المهاجرون يفضلون الأسواق الموازية لصرف ما يحضرون معهم من أموال لربح مبالغ مالية إضافية مقارنة بصرفها في البنوك فإن هذا الأمر أدى إلى وفرة ورفع العرض، إلا أن النتائج كانت عكسية ولم تنخفض الأسعار، بل حدث العكس وارتفعت الأسعار· وحسب الباعة النشطين بالسكوار دائما فإن الطلب على الأورو زاد خلال الأيام الأخيرة لرمضان بسبب المعتمرين الذين يرتفع عددهم في هذه الفترة، حيث يلجأ عدد كبير منهم إلى أخذ مبالغ مالية إضافية من العملة الصعبة لشراء هدايا للأهل، أما البعض الآخر فإنهم يغتنمون العمرة للتجارة واستقدام سلع لإعادة بيعها، يأتي على رأسها مستخلصات العطور والأقمصة وغيرها من الألبسة، التي تباع بأسعار مغرية في العربية السعودية وتعرف رواجا لا بأس به في الجزائر، حيث تم بيع كميات كبيرة منها خلال شهر رمضان، ومادامت العمرة ستتوقف بعد رمضان لمدة تتجاوز الشهر، فإن عمرة النصف الأخير من رمضان تعتبر آخر مناسبة للمعتمرين التجار لاستقدام السلع التي اعتادوا على اقتنائها من أسواق مكة والمدينة المنورة· ويبقى سوق السكوار للعملة الصعبة خارج التأثيرات التي تعرفها الأسواق الرسمية، حيث لم ينهر بفعل الأزمة المالية التي لم تنج منها أسواق المال، إضافة إلى الإجراء الأخير الصادر في قانون المالية التكميلي الذي يجبر المستوردين على فتح رسالة قرض على مستوى البنك، وإجراء عملية تحويل كامل المبلغ المالي الذي يخص السلع المراد استيرادها، كشرط أساسي لقبول دخول السلع عبر الموانئ والمطارات، والذي راهن الكثيرون على تسببه في انخفاض قيمة سعر الأورو، بعد إجبار المستوردين على إجراء عملية تحويل الأموال عبر القنوات الرسمية، ولم يؤثر في نشاط تجار العملة بالسكوار· ولعل من أهم الأسباب التي ساهمت في ارتفاع أسعار الأورو بالأسواق الموازية، هو إقدام بعض الشركات الأجنبية بتحويل عملاتها إلى الأورو قبل تحويلها إلى أرصدة شركاتها الأم بالدول الأجنبية خارج القنوات الرسمية·