عُثر، صباح أمس، بشارع الشافعي ببلدية المرادية بالعاصمة على جثة الرائد جلول وهو السائق الشخصي وأمين سر الرئيس الراحل هوراي بومدين، والذي تولى لفترة طويلة مرافقة رئيس الجمهورية السابق بحكم منصبه كرائد في جهاز الأمن الرئاسي في فترة حكم الرئيس الراحل لكونه الشخص الذي كان الأقرب إلى الرجل الأول في قصر المرادية لفترة طويلة حضرت ''النهار'' في الساعات الأولى من صباح أمس بشارع الشافعي، خلف مبنى رئاسة الجمهورية، أطوار التحقيق الذي باشرته مصالح الأمن والشرطة العلمية قصد التعرف على هوية القاتل الذي انقض على الرائد جلول واسمه الحقيقي بلقاسم جلول. وحسب ما تسرب ل ''النهار'' من معلومات فإن الرائد جلول تعرض للاغتيال من طرف مجهولين بواسطة ساطور ''شاقور''، حيث تم تهشيم رأسه بعدة ضربات قاتلة أودت بحياته. وقد تبين أن الجريمة وقعت ليلة الجمعة إلى السبت عندما كان الرائد جلول وحده في مسكنه الذي لا يبعد إلا بنحو أمتار فقط عن إقامة رئيس الحكومة السابق عبد العزيز بلخادم. وحسب ما علمته ''النهار'' من مصادر مطلعة، دقائق معدودة بعد اكتشاف الجريمة، فإن الضحية، وهو عسكري متقاعد برتبة رائد وأب لثمانية أبناء، قد وُجد أمس غارقا وسط دمائه بمنزله الكائن بفيلا تقرب المدرسة الابتدائية ''محمد الغزالي'' الكائنة قبالة المدخل الخلفي لمبنى رئاسة الجمهورية بالمرادية، قبل أن يتبين فيما بعد أن الجريمة جرت باستعمال ساطور. ''النهار'' التي تنقلت صباح أمس إلى موقع العثور على جثة الضحية، تمكنت من معاينة جانب من موقع الجريمة، حيث دخلنا فيلا ''عمي جلول'' التي كانت سيارة رباعية الدفع من نوع ''كيا سورنتو'' بيضاء اللون، مركونة أمام مدخلها. وبعد اجتياز الباب الخارجية ولجنا إلى فناء فيلا الضحية، أين كان عدد معتبر من رجال الأمن في زي مدني، بصدد رفع ونقل البصمات من مسرح الجريمة. ولم يدل عناصر الأمن بأي تفاصيل بشأن الجريمة ولا حول دوافعها أو المشتبه فيهم، بدعوى الحفاظ على سرية التحقيق، قبل أن يطلب منا كبير المحققين مغادرة المكان على الفور، للسماح لزملائه بمواصلة عملهم في هدوء وسرية. كما لم نتمكن من مقابلة أي من أفراد عائلة القتيل، لكون المنزل كان فارغا من ساكنيه، حسب ما أفاد به أحد المحققين. وحسب آخر المعطيات، فإن الضحية البالغ من العمر 72 سنة، شغل لسنوات عديدة منصب السائق الشخصي لرئيس الجمهورية، خلال سنوات حكم الرئيس الراحل هواري بومدين، وأيضا لفترة قصيرة خلال حكم الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد. وتضيف نفس المعطيات أن الرائد ''عمي جلول'' كان من أبرز المقربين من هواري بومدين، لكونه كان المرافق الدائم له في تنقلاته وأسفاره، وهو ما أهّله ليكون برأي الكثيرين بمثابة حافظ أسراره والشخص الوحيد الذي بقي على قيد الحياة والذي يعرف الكثير من أسرار رئيس الجمهورية الأسبق والتي ستبقى مع صاحبها إلى مثواه الأخير. وتأتي هذه الجريمة في وقت كثر الحديث عن فترة حكم الرئيس الراحل وبالتزامن مع عودة النقاش مجددا حول عدد من الملفات والمسائل التاريخية المتعلقة بتلك الحقبة من الزمن، من خلال شهادات ومواقف أدلى بها عدد من المقربين والذين عايشوا فترة حكم بومدين عن قرب. ومن شأن هذا التزامن بين وقوع جريمة قتل السائق الشخصي للرئيس الراحل هواري بومدين وحافظ أسراره، وبين عودة السجال والنقاش السياسي بشأن فترة حكم الرئيس الراحل، أن يجعل من إحدى الاحتمالات التي يبني عليها المحققون سير تحرياتهم هو أن تكون الجريمة لأهداف سياسية، أي ''اغتيالا سياسيا''.