الحياة الزوجية حيرت الكثير من العلماء والباحثين، فكتبوا فيها الكثير وتناولوا تفاصيلها بكل دقة، ليقفوا على أسباب الفشل والنجاح وليبحثوا في العوامل التي قد تؤدي إلى فشل الزواج، والأسباب التي تدعم التواصل بين الطرفين، وقد كانت ومازالت الكثير من الدراسات والأبحاث تجري لمعرفة أطوار العلاقة بين الزوجين، وما قد يعتريها من تغيير فالبعض يرى أن بقاء الرجل في المنزل سبب الفشل، بينما ترى دراسات أخرى أن الأفلام الرومانسية هي سبب فشل الزوجين، وفي كل الأحوال يحمل المجتمع المرأة المسؤولية الكاملة عن فشل الزواج . وأكدت دراسة أخرى أجرتها في السنة الماضية باحثة في جامعة أمريكية، أنه من الممكن إنقاذ حالات الزواج، إذا ما قرر الزوج العمل بنظام، وتخصيص جزء من وقته، من أجل قضاء وقت أطول مع زوجته. وأحدث ما قيل عن العلاقة الزوجية، ما كتبه طبيب الأمراض النفسية الأمريكي "ديرك زيبل"، في الكتاب الذي تناول فيه المفاهيم الخاطئة في حياة كل من الرجل والمرأة، في العلاقة بينهما لتصحيح معتقدات سلمت بها كثير من المجتمعات، ومنها تحمل حواء مسؤولية نجاح أي علاقة تربطها بالرجل، وخاصة الزواج فهي حتى في البلاد المتحضرة مازالت في رأي الكثيرين مسؤولة مسؤولية تامة عن نجاحه أو فشله ، إلا أن هناك من يرفض تحميل المسؤولية للمرأة بل يشاطرها فيها الرجل وإن كانت المجتمعات العربية والغربية، ترفض زج الرجل في محور الإتهام معتبرينه الضحية والمغلوب عليه، متناسين أن هذه العلاقة الصافية بنية من طرف شخصين إثنين، يكملان في الرجل والمرأة معا، لا المرأة وحدها، فكيف يتجرؤ مجتمعنا على إتهامها وتحميلها مسؤولية الفشل، مع العلم أنه في حالة نجاح العلاقة، يقدم وسام الشرف للرجل معتبرينه عنصر وسبب نجاح الزواج. إن المسؤولية تقع على عاتق الذكور والإناث، أمر منطقي جداً لأن الزواج علاقة مثله مثل غيره من العلاقات، يجب أن يتحمل جميع الأطراف مسؤوليتها، ويعملوا جميعاً من أجل نجاحها وهو الأمر الذي يرفضه بعض الرجال في العالم، ومعظم الرجال في مجتمعنا . هي أمور تجعل المرأة تتخوف من اللجوء لهذا الأخير المتمثل في المجتمع كونها تدرك أنه لم ولن ينصفها، بل سيعمل على تحميلها مسؤولية فشل الزواج. كذلك نجد أن الجميع، رجالا كانوا أو نساءا يدافعون عن أخطاء الرجل، ويتهمون الزوجة إذا لم تتحمل عيوب الرجل وأخطاءه وأحياناً نزواته ، ومازلنا في مجتمعاتنا نطالب الزوجة بالصفح عن الزوج، أو تحمل خيانته بدعوى الحفاظ علي البيت والأبناء، في حين أن الزوج ليس مطالبا بتحمل أي عيب شخصي لزوجته أو طباع مختلفة عنه، وإنما مطلوب منها أن تتأقلم مع ميوله، وتغير من طباعها وعاداتها بما يتناسب مع رغباته، كما يحدث نفس الشيء في حالة عدم الإنجاب، حيث تتجه أصابع الإتهام إلي الزوجة أولاً، قبل إجراء أي فحوصات طبية، والأمثلة على ذلك، هذه التفرقة في المعاملة كثيرة، حتى وإن كانت مسؤولية الرجل عنها واضحة تماماً، يرجع السبب في ذلك، إلى أن المعتقدات المتوارثة من الفكر الذكوري للمجتمع، مازالت تتحكم في النظرة الموجهة لكل من الرجل والمرأة ومؤسسة الزواج نفسها ، لهذا يحتاج كل من المرأة والرجل إلى التوعية والتدرج في تغيير شكل العلاقة بينهما ، وإذا كان هناك بعض التحسن الطارئ على العلاقة، إلا أنه غير كاف كما أو كيفا، ولكنه يدل على بعض التقدم الذي ينبئ بتطور سوف يحدث مع مرور الزمن، لأن المعتقدات الراسخة في ذهن المجتمع، تحتاج لفترات طويلة حتى يمكن ملاحظة أي تغير حقيقي، لذلك ننصح الرجل بالتعامل مع علاقته بزوجته بشيء من المنطق والعقلانية والعدل، بدلا من التسليم بأفكار ظالمة لها، تهدر حقوقها وتؤذي مشاعرها .