عرفت أسعار الإسمنت ارتفاعا خياليا، منذ مطلع الأسبوع المنصرم، حيث قفزت إلى مستويات عالية جدا لم تعرفها من قبل، أين تراوح سعر القنطار من الإسمنت بين 1800 و1900 دينار حسب اختلاف نوعية وجودة المنتوج، خلال 10 أيام الأخيرة. وخلال الجولة الاستطلاعية التي قامت بها «النهار» أمس لعدد من نقاط بيع مواد البناء بالجزائر العاصمة وضواحيها، اكتشفنا حجم الندرة الحادة في مادة الإسمنت على مستوى نقاط البيع بالجملة والتجزئة، كما أن أغلب محلات بيع مواد البناء التي كانت تحوز على مادة الإسمنت تراوحت الأسعار لديها ما بين 1800 و1900 دينار جزائري للقنطار الواحد، فيما بلغ سعر الكيس بوزن 50 كيلوغراما ما يقارب 900 دينار، في سابقة من نوعها منذ عدة سنوات. وكشف «ف.ز» وهو مالك حظيرة لبيع مواد البناء بالشراڤة غربي الجزائر العاصمة في حديثه ل«النهار» أمس، أن الندرة في مادة الإسمنت بدأت بوادرها في الظهور منذ بداية السنة الجديدة والشروع في العمل بنظام رخص الاستيراد التي تحدد كمية كل مستورد من هذه المادة، وأضاف ذات المتحدث بأن أغلب بائعي التجزئة صاروا يرفضون شراء مادة الإسمنت خلال هذه الفترة نظرا لارتفاعها وخوفهم من تهاوي أسعارها خلال الأيام المقبلة في حال استقرار السوق وعودة الأسعار إلى قيمتها الحقيقية، والتي قد تتراجع بحوالي 20 من المائة على أقل تقدير. وحسب ما استقته «النهار» في حديثها إلى العديد من المقاولين وأصحاب مشاريع البناء، فقد أكد هؤلاء أن العديد من المشاريع متوقفة، منذ أزيد من 15 عشر يوما، بسبب الندرة في مادة الإسمنت، بالإضافة إلى أن أغلب مموني الجملة لم يستطيعوا تموين أغلب مشاريع ورشات البناء بالكميات اللازمة بسبب المضاربة. وأكد المقاول «ع.ل» أنه أجبر على توقيف عدة مشاريع بداية من شهر فيفري الجاري، وهذا بسبب الارتفاع الكبير في أسعار مواد البناء خاصة الحديد والإسمنت، مؤكدا بأن حجم الزيادة قد تراوح بين 8 و10 ملايين سنتيم في ال100 متر مربع نتيجة ارتفاع أسعار الإسمنت والحديد، وهو ما سيجربهم على إجراء تغييرات في دفاتر الشروط وإعادة تحديد القيمة الإجمالية لأغلب المشاريع، وهو ما يرفضه غالبية الزبائن والشركات صاحبة المشاريع خاصة العمومية منها. وفي سياق ذي صلة، كشف مصدر مسؤول بمصنع الأسمنت ببلدية رايس حميدو في الجزائر العاصمة ل «النهار»، أمس، أن أسعار مادة الإسمنت لم تعرف أي تغير على مستوى المصنع حيث يتراوح سعر القنطار ما بين 1200 دينار و1250 دينار، وأن المضاربة واستغلال تغيير الإجراءات والعمل بنظام الرخص هو ما أدى إلى ارتفاع أسعاره خلال الفترة الأخيرة، مؤكدا بأن العديد من المضاربين يتعمدون تخزين الإسمنت للتأثير على ميزان العرض والطلب وهذا لرفع الأسعار ورفع هامش ربحهم واستغلال الوضع الحالي.