منظومتنا البنكية كانت قائمة على تقارير بعدية وليست استشرافية مصدر حكومي: الجزائر تدين للأفامي ب5 ملايير دولار.. ولن تلجأ للاستدانة أدخل البنك المركزي الدولة في دوامة من المشاكل في ظل الأزمة التي نتجت عن تراجع أسعار البترول، وذلك بعد البحبوحة المالية التي كانت تتمتع بها الخزينة العمومية، نتيجة السياسة التي كان يسير وفقها البنك بعيدا عن مخطط استشرافي وقائي، كان بإمكانه تفادي نسبة التضخم التي بلغتها الجزائر اليوم، بسبب السيولة المتداولة في السوق السوداء في ظل انعدام نظام الدفع الإلكتروني. وحسب محلّلين اقتصاديين، فإن السياسة البنكية التي اعتمدتها الجزائر خلال المرحلة الأخيرة حملت العديد من التناقضات بين التصريحات الرسمية والتدابير الملموسة، خاصة أن الرئيس بوتفليقة أمر في العديد من المناسبات البنوك بضرورة تسهيل منح القروض الاستثمارية لخلق مشاريع اقتصادية لتعويض التبعية للمحروقات، وخلق ديناميكية بنكية مبنية على الربح المتبادل والابتعاد عن تكديس السيولة. وأشار المحللون بشأن الوضعية المالية للجزائر اليوم إلى أن التماطل والتسيير الجامد وفقا للعقلية القديمة المبنية على تكديس المال وليس تشغيله، أدى إلى الدخول في حالة عدم استقرار مالي، في ظل الأزمة التي أحدثها تراجع أسعار البترول، موضحين أن السياسة التي عمل بها مسؤولي البنك المركزي كانت بعيدة عن كل المفاجآت الاقتصادية التي أصابت البلاد كالتضخم وانخفاض الدينار بالإضافة إلى انهيار سعر البترول في السوق العالمية، حيث كان البنك المركزي يعطي تحاليل بعدية بدل منح توقعات استشرافية لتفادي الوقوع في الأزمة. وحول التقرير الأخير الذي أجراه صندوق النقد الدولي FMI، والذي أشار فيه إلى ضرورة لجوء الجزائر للاقتراض لتفادي الأزمة المالية، أوضح ذات الخبراء أن التقرير جاء نتيجة عدم التفاعل المالي والبنكي للجزائر، حيث تعد القروض الاستثمارية الحقيقية ضعيفة جدا بالمقارنة مع السياسات المالية لدول الجوار، وهو الذي انعكس سلبا على النشاط الاستثماري في الجزائر، بسبب البيروقراطية المتبعة والتي لا تفيد البنوك ولا المستثمرين. وفي هذا الشأن، استغرب المحللون الاقتصاديون التصريحات الأخيرة لوزير المالية عبد الرحمان بن خالفة والتي تحدث فيها عن احتمال لجوء الجزائر إلى الاستدانة الخارجية، وهو ما يعد تصريحا خطيرا للمسؤول الأوّل عن قطاع المالية في البلاد، خاصة أن مثل هذه الإجراءات تعمل على تخويف المستثمرين الحاليين وحتى الأجانب الذين ينوون فتح مشاريع اقتصادية في الجزائر، بما أن السلطات الرسمية تنذر بدخول الجزائر في خطر مالي. وفي هذا الشأن أكد مصدر حكومي ل«النهار» أن الحكومة لن تلجأ إلى الاستدانة من الخارج بصفة رسمية، مشيرا إلى أن رئيس الجمهورية رفض هذا الاقتراح بصفة كلية، مضيفا فيما يخص الأفامي أن الجزائر تدين لها ب5 ملايير دولار، وأن الوزير الأوّل قال إنه سيلجأ إلى الاستدانة الداخلية من خلال القروض السندية.