عانت معظم مناطق ولاية سطيف الكثير من ويلات الإرهاب الذي دمر، خرب وقتل عديد المواطنين الأبرياء، باعتبار معظم بلدياتها تقع في مناطق جبلية ارتكزت فيها الجماعات الإرهابية المسلحة، بجبل عنيني، حربيل، بني وسين، بوقاعة، أولاد عياد، حمام قرقور،كاف النحلة، ماوكلان وبوعنداس وغيرها من المناطق التي عانت خلال العشرية السوداء كغيرها من باقي مناطق الوطن النائية. 16 تائب من جميلة استفادوا من تدابير المصالحة الوطنية تحدث إلينا بريهمات مسعود رئيس فرقة الدفاع الذاتي ببلدية جميلة بولاية سطيف، عن الحالة الأمنية التي استقرت بعد إصدار ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، حيث أكد أن عدد المقاومين من المنطقة خلال العشرية السوداء بلغ 24 مقاوما، مضيفا أن الوضع الأمني دفعهم إلى حمل السلاح، من جهته قال عكاز عزوز رئيس فرقة المقاومين بمنطقة بني فودة أنه خلال التسعينات كان المواطنون يموتون، وهناك من كان يخرج للعمل قبل الوقت، '' العديد من مواطني بني فودة خرج إلى العمل دون رجعة، اذكر عملية إرهابية وقعت سنة 1995 على الساعة الثانية صباحا راح ضحيتها 3 من رجال الدرك الوطني بالإضافة إلى قتل دركي آخر في نفس السنة بأحد مطاعم بني فودة.. هي أبشع المجازر ببني فودة ''، وأضاف عزوز في حديثه أن المصالحة الوطنية جسدت معاني الاستقرار وكف تلك المجازر التي راح ضحيتها الكثير من المواطنين، وفي نفس السياق قال سعدون عبد العالي احد مواطني جميلة ''أهم ما جسد المصالحة الوطنية هو ما رأيته حينما حضرت عرسا بالمنطقة وكان التائبون يأكلون في طاولة واحدة مع رجال الدرك الوطني..هوأسمى معاني المصالحة الوطنية ''... وخلال حديثنا إلى مواطني جميلة الواقعة على حدود ولاية ميلة أكد محمد احد مقاومي المنطقة أنه حمل السلاح سنة 1994 بعدما صادف في احد الأيام شخصا مذبوحا بالطريق الرابط بين جميلة وبني فودة، ''هواكبر ما دفعني إلى المقاومة إلى آخر لحظة من حياتي من اجل التصدي للإرهاب الهمجي''. من جهته كشف احد المواطنين عن وجود 16 تائبا من منطقة جميلة وجلهم استفادوا من إجراءات ميثاق السلم والمصالحة الوطنية وأعيد إدماجهم إلى عملهم بطريقة جد عادية، مؤكدا أنه لا يوجد إرهابيون من أولاد جميلة حاليا لأن معظمهم تخلوا عن العمل المسلح و5 آخرين قضي عليهم في اشتباكات، وآخر تم تصفيته من طرف زملائه من الجيش الإسلامي للإنقاذ المحل الذي كان ينشط بالمنطقة. تائب: ''السلطات المحلية أعادت إدماجي في منصبي الأصلي بعد أن تركته لسنين'' ونحن بصدد الحديث مع مواطني جميلة التحق بنا احد النائبين البالغ من العمر 50 سنة رفقة ابنته الصغرى من منطقة جميلة، وبدأ يروي حكايته عن ثمار المصالحة الوطنية، قال ''نتيجة المصالحة الوطنية التي تعتبر بشرية أكثر من مادية رزقت بلؤلؤة يشير إلى ابنته التي كانت برفقته وأخويها، في الحقيقة هذا الميثاق الذي أقره رئيس الجمهورية كان فيه خير للكثيرين، والصلح خير للجميع '' هي الكلمات التي بدا بها حديثه إلينا ليروي لنا سبب التحاقه بالعمل المسلح سنة 1994، يقول ''التحقت بالجيش الإسلامي للإنقاذ المحل مباشرة بعد خروجي من السجن الذي قضيت به 6 أشهر بتهمة الانتماء لجماعة إرهابية، وكنت متزوجا آنذاك .. هجرت عائلتي لالتحق بالعمل المسلح لمدة 7 سنوات، إلى غاية إصدار قانون الوئام المدني الذي وصلتنا رسالته عن طريق هيئات في التنظيم، وحينها تلقيت الاقتراح بصدر رحب كوني اقتنعت بفشل عمل التنظيم الإرهابي آنذاك ولاحظت جدية الدولة في تطبيق ميثاق المصالحة الوطنية بالإضافة إلى استيعاب فكرة إنهاء المجازر والعودة إلى زوجتي وولداي سنة 2000 سلمت نفسي وطلقت العمل الإرهابي''، ليضيف ''قبل الالتحاق بالجماعات الإرهابية كنت اعمل كيميائيا بالمؤسسة الاستشفائية بجميلة ما سهل علي العمل كممرض خلال التحاقي بالعناصر الإرهابية، ومباشرة بعد عودتي إلى المنطقة عقب استفادتي من تدابير السلم والمصالحة الوطنية، واجهت في بادئ الأمر صعوبات مع بعض متعاطي المخدرات الذين تعمدوا التضييق على صاحب الصيدلية التي كنت اعمل بها، ما جعله يطردني من العمل غير أنني أدمجت في منصبي الأصلي بالقطاع العام فيما بعد لأنني استفدت من ميثاق المصالحة''. 700 ضحية إرهاب وأكثر الارهاببين استفادوا من المصالحة الوطنية وجهة '' النهار'' كانت إلى دائرة بوقاعة بالمنطقة الشمالية لولاية سطيف والتي عرفت ويلات الإرهاب سنوات التسعينات حسب شهادة مواطنيها الذين التقتهم ''النهار'' ببلدية حمام قرقور تحدث إلينا بعض المقاومين منهم الهادي رئيس فرقة الدفاع الذاتي الذي أكد انه يوجد أكثر من ألف مقاوم بدائرة بوقاعة منهم 115 دفاع ذاتي يملك سلاحا بمنزله، و985 دفاع ذاتي وطني، مركزا في حديثه أن المجازر التي وقعت في المنطقة كانت الدافع الرئيسي لهؤلاء المواطنين لحمل السلاح ومكافحة الإرهاب، مشيرا في ذات السياق إلى المجزرة التي وقعت سنة 1997 ذبح فيها 6 مواطنين كانوا بصدد جني الزيتون بعين الروى ووضعت رؤوسهم على الطريق بمحطة النقل، ما دفع المواطنين إلى حمل السلاح مضيفا ''عند منتصف النهار كانت الجماعات الإرهابية تغلق الطريق الرابط بين بوقاعة وسطيف ولا يمكن لأحد العبور منه'' ليتدخل بوجادي حسين أمين منظمة المجاهدين ورئيس فرقة الدفاع الذاتي بعين الروى ويؤكد أن فرق المقاومين بالمنطقة خلقت مباشرة بعد تلك المجزرة سنة 1995 وأول كمين نصبناه كان بعد خروج أبناء المنطقة إلى قطف البلوط صادفهم 4 إرهابيين طردوهم، ومباشرة بلغنا أبناء المنطقة بعين الروى بوجود جماعة مسلحة لتستعد فرقة الدفاع الذاتي والدرك الوطني والحرس البلدي بعين الروى لاشتباكات راح ضحيتها واحد من الحرس البلدي وجرح دركي'' وبعدها تحدث إلينا محمد رقاد من فرقة المقاومين لأولاد عياد'' في احد الأيام سنة 1995 اختفى 5 مواطنين بشعبة بودواو، أخذتهم جماعة مسلحة أين قامت بذبح احدهم برأس الفيض فيما اختفى الآخرون، ما جعلنا نواجه اشتباكات عنيفة مع الجماعات الإرهابية في كاف النحلة اخطر منطقة بولاية سطيف وتعتبر محرمة على المواطنين، كنا أكثر من 300 شخص مع الجيش، راح ضحية الاشتباكات 7 أشخاص من المقاومين ورجال الجيش'' وأكد حسين انه تتواجد أكثر من 700 ضحية إرهاب بدائرة بوقاعة، وفي نفس السياق تحدث ألينا احد المواطنين '' في بلدية بني وسين توجد 17 ضحية إرهاب خصوصا أننا عشنا العشرية السوداء في الميدان، ذبح قتل تخريب المنشات العمومية وغيرها مضيفا انه 3 من مواطني بني وسين انضموا إلى الجماعات المسلحة منهم أستاذين في التعليم الثانوي وآخر كيميائي استفادوا من المصالحة الوطنية بعد أن حكمت عليهم المحكمة من 20 إلى 35 سنة سجنا، وخروجهم كان بعد 6 أشهر للاستفادة من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، مركزا في حديثه أن احد المستفيدين كان أميرا بجبال حربيل بحمام قرقور وجبال عنيني ببوقاعة منطقة العبور إلى المسيلة وباتنة حيث سلم نفسه يوم 31 ديسمبر1999 لأنه يرى أن المخرج الوحيد هوالمصالحة الوطنية، وأضاف نجار يوسف رئيس فرقة الدفاع الذاتي ببوقاعة خلال حديثه أن حوالي 56 إرهابي من دائرة بوقاعة و46 إرهابي من حربيل ببلدية قنزات، اغلبهم توفوا وأكثر من 12 تائبا عادوا إلى أهاليهم ببوقاعة واستفادوا من المصالحة الوطنية كما أشار إلى وجود 5 تائبين من بني وسين وعين الروى. التقي بالإرهابي التائب الذي قتل أخي ونتبادل الحديث وبنفس المنطقة بحمام قرقور تحدث إلينا بوجادي احد ضحايا الإرهاب قائلا '' مكثت بقاعة الإنعاش مدة 11 يوما بعدما تعرضت إلى هجوم إرهابي جشع رفقة اثنان من أصدقائي خلال عملي كنائب رئيس بلدية بحمام قرقور، حيث مات احد الأصدقاء وجرح الآخر فيما تعرضت إلى جروح خطيرة كادت تودي بحياتي، يسترسل ويقول '' لولا المصالحة الوطنية لكنت اليوم في الجبل ابحث عن الإرهاب من اجل الثار منهم، خصوصا بعدما قتلوا أخي العمري البالغ من العمر 53 سنة في جبل عنيني حين كان رفقة الدفاع الذاتي في معركة يوم 8 جانفي 1999 ويضيف قائلا اليوم التقي بالإرهابي التائب الذي قتل أخي وأتحدث إليه بطريقة جد عادية''.