لم يستطع الكثيرون تخطي الحواجز الأمنية وقوات مكافحة الشغب لرؤية أول رئيس أسود في تاريخ الولاياتالمتحدة، وبدلا من ذلك تدافع الناس للترحيب بأوباما عبر شرفات المباني القريبة. وأحد أهداف زيارة أوباما لتركيا هو تلميع صورة بلاده التي غطاها غبار السياسات العدوانية التي اتخذها بوش طيلة ثمانية أعوام ونتجت عنها مآس في العراق وأفغانستان وغضب وكراهية في العالم الإسلامي تجاه الولاياتالمتحدة. وتجول أوباما بمرافقة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في المبنى الأثري «متحف آيا صوفيا» الذي يرجع بناؤه ككنيسة إلى القرن السادس الميلادي على يد معماري بيزنطي ثم تحول إلى مسجد بعد الفتح العثماني للقسطنطينية ثم إلى متحف عام 1935، وتتعانق النقوش الإسلامية والمسيحية على جدران المتحف بواسطة الفسيفساء التي تم الحفاظ عليها على مر القرون بفضل تغطيتها بالطلاء. وبعد خروجه من المتحف تجول أوباما في الميدان المحيط وصولا إلى مسجد السلطان أحمد المعروف باسم المسجد الأزرق بسبب نقوشه المميزة، وهناك خلع أوباما نعليه قبل ولوج الجامع العتيق. وكان مفتي إستانبول هو المرشد لأوباما خلال جولته داخل المسجد ليعرفه على معالم المكان، وتبسم الرئيس الأمريكي الذي يعتاد الذهاب إلى الكنيسة، عندما تأمل في قبة المسجد المنقوش عليها اسم الحسين حفيد الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فاسم أوباما الأوسط هو حسين. واستمع أوباما باهتمام إلى المفتي وأبدى إعجابه بالجدران المغطاة ب21 ألف قطعة من الفسيفساء على الطراز الأزنيكي «نسبة إلى مدينة أزنيك التركية» مهيمنا عليها اللون الأزرق. وبمجرد مغادرة أوباما المسجد هرع الناس إلى الشرفات لعلهم يرون الرئيس الأمريكي الذي اختار تركيا لتكون مهد انطلاق جهوده لتخطي تركة ثقيلة من الانطباعات السلبية عن الولاياتالمتحدة في العالم الإسلامي تسببت فيها سياسيات سلفه بوش. وفي مقهى قريب من الساحة بوسط المدينة، جلس الطالب تورجوت ليحتسي كوبا من الشاي ويتحدث عن انطباعه حول زيارة أوباما، قائلا: "أعتقد أنه أحب آيا صوفيا والمسجد الأزرق.. لا شيء أجمل من ذلك في العالم". وفي مكان ليس ببعيد وقف رجل آخر يرقب أوباما حاملا لوحة رسم عليها وجه أوباما، لعل الرئيس الأمريكي يراها وهو خارج من المسجد، ويدرك أن مهمته في "تلميع صورة بلاده قد نجحت"، بحسب الصحف التركية. ورأت هذه الصحف أن أوباما صاحب شعار "التغيير" خطف العقول والقلوب بسبب ما أبداه من مواقف إيجابية تجاه المسلمين وإعلانه أمام البرلمان التركي أمس أن بلاده ليست في حرب مع الإسلام، وأنه يسعى لعلاقة تقوم على الاحترام المتبادل مع العالم الإسلامي. .