بعد الشباب والرجال ، ها هي اليوم الجماعة السلفية للدعوة والقتال تستهدف الشيوخ، العجزة المرضى الذين لاحول ولاقوة لهم في عمليات الاختطاف، مقابل الحصول على الفدية. وفي هذا الصدد تلقت''النهار'' نهاية الأسبوع اتصالا هاتفيا من المدعو مراد، البالغ من العمر 23 سنة، وهو تحت هول الصدمة يبرقنا بالخبر العاجل الذي يفيد بإختطاف الإرهابيين شقيق جده من والدته، قبل أن يعاود بنا الاتصال، ليعلمنا أنه أطلق صراحه للتو مقابل فدية لاتقل عن 100 مليون سنتيم. تنقلت ''النهار'' أمس إلى بيت الضحية المدعو ''م.بلقاسم''، البالغ من العمر 71 سنة، اغترب بفرنسا خلال ثورة التحرير أب لخمسة ذكور أحدهم طبيب بالعاصمة، يبلغ من العمر 41سنة، وأصغرهم يدرس بفرنسا صاحب 24 ربيعا، بالإضافة إلى ثلاث بنات. لما وصلنا إلى بيت الضحية الكائن بالقرية المعزولة أقني فورو بدائرة واسيف، التي تبعد عن عاصمة ولاية تيزي وزو ب 40 كلم شرقا، بفيلا متكونة من طابقين تقع وسط الأحراش الغابية، والأدغال، قدمنا هويتنا، استقبلتنا زوجته المسماة ''م.ذهبية''، البالغة من العمر 64 سنة، بصالون البيت، حول مائدة القهوة والحلويات برفقة ابنتها السالفة الذكر، وهما لاتزالان تحت هول الصدمة، في حين كان الضحية المريض بالسكري قد تنقل رفقة إبنه إسماعيل (38سنة) إلى مقر الدرك الوطني ليفيدا بشهادتيهما. ''...لقد أحسست بوقوع مصيبة كونهما تأخرا بالدخول إلى المنزل'' تقول الحاجة ذهبية؛ أنها كانت تنتظر كالعادة قدوم زوجها رفقة إبنها إسماعيل للبيت؛ ''لقد حضّرت العشاء، وكنت أنتظرهما، كعادتهما لايتجاوزان توقيت المغرب بالعودة إلى المنزل قادمين من محطة البنزين، لكن طال انتظارهما، ولم ألمحهما من الشرفة لقد ظننت أنهما ربما يقومان بتوزيع البنزين في طريقهما، حيث يفعلان ذلك أحيانا، وبقيت في الشرفة إلى غاية أن أذّن العشاء فلمحت المركبات تسير بسرعة فائقة وتجمعوا قرب منزلي، وبعد لحظات لمحت سيارة من نوع ''رونو إكسبراس'' برتقالية اللون ودخل مسرعا مهرولا إلى البيت، فدخل مباشرة إلى غرفة والده لإحضار المال، سألته عن مكان زوجي أين هو؟ وهل هو بالمستشفى أو مات نتيجة السكري، أين تركته''؟، مواصلة لقد رفض إخباري بالحقيقة المرة، مكتفيا بالقول أنه سيعود ليخرج مسرعا على متن ذات المركبة''، وتواصل:''خرجت إلى الشارع وسألت الحشد من المواطنين الذين أخبروني بالفاجعة؛ أن زوجي عند أولائك الذين يخرجون من المكان المسمى أسياخ، وهو المكان الذي اعتادت عليه الجماعات الإرهابية باستهداف ضحاياها مضيفة لقد شعرت أني في كابوس، ولم أشعر بما يدور من حولي وهكذا بقيت أتخبط إلى غاية حدود الثامنة ليلا''، حيث دخل زوجها رفقة إبنها وتناولوا العشاء، وسرد لهم بعض التفاصيل، تقول أنه لم يغمض لها جفن إلى غاية الواحدة ليلا، وكانت بين الفينة والأخرى تستفيق جراء الكوابس، والشيء ذاته لزوجها قبل أن تحمد الله بعودته سالما. وعن مبلغ الفدية أكدتا وأقسمتا( الأم وابنتها) بأغلط الأيمان أنهما تجهلان قيمتها، حيث رفض الضحية وابنه الكشف عنهما على الأقل في الوقت الراهن، في هذا الصدد تقول الزهور في تلك اللحظات لم نكن نفكر إطلاقا في المال، المهم هو عودة والدنا سالما. تركنا هذه العائلة المضيافة والزوار من الجيران والأقارب يتوافدون عليهم، وهم جد متذمرين وكلهم يوجهون دعواتهم على الجماعات الإرهابية التي لاتزال تستهدفهم، ميؤكد أن الخوف أصبح يلازمهم عند مغادرة بيوتهم حتى في وضح ''النهار'' ''لقد أخبروني أنهم مجاهدين وبحاجة إلى مساعدة'' وبعدما تنقلنا مباشرة إلى محطة البنزين، أين وجدنا الضحية بلقاسم رفقة إبنه الوناس 24 سنة، طالب جامعي بتيزي وزو، وكان المكان مكتظا بالزوار، إنها محطة قديمة، وبعد أن قدّمنا هويتنا تردد الضحية في بادئ الأمر، موجها إيانا للدرك الوطني للحصول على التفاصيل، لقد كان تحت هول الصدمة، وبعد إلحاحنا عليه، تحدث إلينا وبدأ يسرد لنا قائلا: ''لقد صليت المغرب رفقة إبني إسماعيل بالمسجد المحاذي لمحطتي، وبعدها انطلقنا إلى المنزل على متن سيارة ''رونو إكسبراس''، وكنت جالسا من الأمام، وإسماعيل يقودها وقبل وصولنا للبيت على بعد حوالي 3 كلم، وبالضبط بالمكان المسمى أسياخ، كانت الساعة تشير إلى حدود السادسة ونصف مساء، اعترض سبيلنا خمسة عناصر في العشرينات والثلاثينيات من العمر، يرتدون الأزياء العسكرية مدججين بأسلحة نارية، على رأسها رشاشات الكلاشينكوف، في بادئ الأمر اعتقدت أن الأمر يتعلق بالجيش، استوقفونا في الحاجز المزيف وتحت التهديد بالسلاح، طلبوا منا مرافقتهم إلى مكان رفضوا الكشف عنه، مكتفين بالقول أنه يقع على بعد كيلومترات قليلة فقط، فصعد الجميع لحظتها رن هاتف إبني، فطلبوا منه عدم الرد وجردوه منه، وفي طريقنا قالوا لي لا تخف نحن مجاهدين وبحاجة إلى مساعدة، ولما وصلنا إلى هدفهم نزل الجميع وأمروا إسماعيل بإحضار الفدية على الفور، وهددوه بعدم إخبار أي كان وأن لايحضر معه أي مرافق، الأمر مرتبط بحياتي أنا، واتفقوا معه مسبقا بأن يجدوه بهذا المكان بالذات،'' يواصل محدثنا:''لقد وجدت نفسي وسط الغابة في الهواء الطلق، لم أشعر بالخوف إطلاقا، بالرغم من أنها المرة الأولى التي أكون فيها مع هؤلاء كيف أخاف منهم، وأنا الذي مرت على محن ومصائب كبيرة، لقد خاطبتهم بكل ثقة باللهجة القبائلية:''كيف لكم استهداف شخص ليلا والاستيلاء على الأموال الضئيلة التي جناها في عمله اليومي؟''، قبل أن يرددوا على أنك تملك محطة بنزين ولك أموال طائلة، طالبين مني بأن لا أخاف وسوف يطلقون سراحي، فور إكمالهم لمهمتهم بالحصول على المال، ويواصل ''بقيت واقفا متعبا والبرد القارص ينخر جسدي، ناهيك عن الجوع ومرض السكري الذي كنت أعاني منه، بقيت هكذا تحت الحراسة إلى غاية حدود الثامنة مساء، أين عاد ابني إسماعيل بمفرده وسلم لهم الفدية كاملة، والتي بالرغم من إلحاحنا عليه لمعرفة قيمتها، رفض الكشف عنها بشكل قاطع، قائلا:''المال لايهم، المهم أنّي عدت سالما إلى بيتي وأبنائي.''