جرت العادة على أن يختار العالم كل سنة شخصية سياسية أو دينية أو فنية معينة، على أن تكون ''شخصية السنة'' التي قامت بعمل ميَّز العالم خلال ذلك العام، وكثيرا ما تقوم وسائل الإعلام ومراكز الدراسات وصبر الآراء باختيار هذه الشخصية المميزة، التي كانت وراء حادثة بقيت في أذهان العامة طوال السنة.. لكن عندنا ورغم أن في عالمنا العربي لا يمكن الاتفاق حول شخصية واحدة لأن العرب ''اتفقوا على أن لا يتفقوا'' كما يقال، إلا أنّ مجهودات الرئيس المصري حسني مبارك استطاعت أن توحِّد رأي الشارع العربي والجزائري ليكون الشخصية التي ميّزت سنة 2009، حيث حاصر قطاع غزة وجوَّع أطفالها ثم خذل لبنان وقاطع قمّة دوحة العروبة، ثم أشعل فتيل الفتنة بين حماس وفتح قبل أن يسبّ الجزائر وشهدائها وطعن الرئيس السوداني عمر حسن البشير في الظهر، قبْل أن يقرر بناء جدار فولاذي يحمي به أسياده في إسرائيل.. أفلا يا يحقُّ تكريم هذا البطل العربي ليكون شخصية سنة 2009. مبارك والمخابرات المصرية.. في الخدمة لإطلاق سراح جندي إسرائيلي! يحل اليوم، رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بالعاصمة المصرية القاهرة، للقاء الرئيس المصري حسني مبارك ويأمل الاحتلال الإسرائلي في وساطة من طرف السُّلطات المصرية لإنجاح صفقة لتبادل الأسرى وحسم صفقة الجندي الأسير جلعاد شاليط لدى حركة المقاومة الإسلامية ''حماس''. وقالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أمس، إن نتنياهو حذر من أن إسرائيل لا تزال بعيدة المنال من التوصل لاتفاق لتأمين الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، مضيفا ''لن أستفيض في الحديث عن تفاصيل هذه المسألة حتى لا تضر بالمفاوضات، ولكن إذا كان التوصل إلى اتفاق لا تؤتى ثمارها، فسوف أناقش هذا الأمر جديا مع الحكومة''. وتأتي هذه الزيارة لنتنياهو بعد محادثات أجراها مع رئيس المخابرات المصرية الوزير عمر سليمان الأسبوع الماضي. وتعتبر الزيارة التي يقوم بها رئيس الوزراء الإسرائيلي الثانية من نوعها من حيث الأهمية، في ظرف أقفل من شهر بعد الزيارة التي قام بها الرئيس الإسرائلي شيمون بيريز شخصيا إلى القاهرة نهاية نوفمبر لطلب الوساطة المصرية في قضية الجندي الأسير. وقد أشاد الرئيس الإسرائيلي بخبرة الرئيس المصري قائلا ''إنه لولا دعمه الكبير ما تم التوصل إلى الكثير من الإتفاقيات، موضحا أن 25 سنة مرت دون حروب مما يعود بالفضل الكبير للرئيس مبارك''. إلى ذلك، كشف تقرير فلسطيني أن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت خلال عدوانها على قطاع غزة قبل عام 1000 فلسطيني، بينهم العديد من الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى والجرحى، وتعاملت معهم وفق قانون ''مقاتل غير شرعي''. وأشار التقرير الذي أعده باحثون في شؤون الأسرى، إلى أن ''قرابة 200 معتقل نقلوا إلى أماكن احتجاز خارج حدود القطاع وفي معسكرات تابعة للجيش وليس معسكرات اعتقال، وبعد أيام من التعذيب والتحقيق والضغط أعيدت أغلبية هؤلاء إلى داخل حدود غزة'' . محمد. ب حسني مبارك.. أو الهجوم على الجزائر ب ''الوكالة'' في الوقت الذي أهدى فيه إلى الفلسطينيين إخوانه الذين يموتون جوعا على بعد أمتار من معبر رفح، جدارا فولاذيا عازلا، تأكد أن سنة 2009 سنة كانت سنة الخسران الأكبر للرئيس المصري حسني مبارك، الذي دخل حربا بالوكالة مع الجزائر بسبب مباراة في كرة القدم، عقد عليها آمالا كبيرا أن يورث من ورائها الحكم لابنه جمال مبارك، ولكن أحلامه ''قنبلها'' عنتر يحيى بقذيفة صاروخية أرض جو، قضت مضجعه، ودعته يحقد على من أفسدوا حساباته، بافتعال حرب مع الجزائر من وراء ستار مثلما تفعل ''الحريم''، بتحريك ولديه علاء وجمال، وحضهما على مهاجمة الجزائر عقب ما صار يسمى بالعدوان الذي تعرض له مناصرو المنتخب المصري في الخرطوم، حسني مبارك رفض أن تنصرف الأنظار مبكرا عن المباراة، فترك أبناءه يستحوذون على هذه الأضواء التي لم يستأثر بها أبو تريكة وجماعته، باتهامات لا أساس لها من الصحة وألفاظ تحمل الكثير من التجني على الجزائريين، رفعت شعبية الرجلين ووالدهما الذي خرج أمام البرلمان المصري وقال جملته الشهيرة ''مصر لن تتهاون مع من يمس كرامة مواطنيها'' وصفق البرلمانيون والبسطاء في الشارع، دون أن يعو أن ما كان يحضر لهم في الخفاء، حملة لبث جرعة إضافية مخدرة للشعب المصري، لإلهائه عن همومه التي وصلت حد التقاتل على ''الرغيف''، ولا مجال للشك أن ما كان يبث من سموم في القنوات التلفزية الخاصة كان تحت الرعاية الخاصة لحسني مبارك، الذي صمت الصمت الذي يومئ بالموافقة عندما لم ينبس ببنت شفة لا هو ولا وزراة الثقافة والإعلام، تاركا ثلة من مرتزقة الإعلام والمظليين الذين نزلوا من السماء يتقيؤون على مشاهديهم، ومعروف أن مسؤولي القنوات التلفزية المصرية مثل قناة ''دريم'' لصاحبها أحمد بهجت يشاركهم في الأرباح جمال مبارك، حسب تقارير موثقة وهو ما يؤكد فرضية الإشراف المباشر لوالده على الحملة الشرسة على الجزائر التي شارك فيها فنانون مأجورون يذكرون بشعراء البلاط، حملة بقدر ما كانت خاسرة بالقدر الذي جعلت الجزائريين يفرحون جدا لتأهل منتخبهم الذي صار قضية مبدإ ورجولة وشرف، بعيدا جدا عن حسابات مباراة في كرة القدم، حسني مبارك الذي كان أكبر الخاسرين في الحملة الوسخة على الجزائر. فؤاد. ع سنة التحالف بين مبارك وساركوزي لمعاقبة البشير بعد سنوات من برودة العلاقات بين فرنسا ومصر، استطاعت الدولة الفرعونية تذويب الجليد مع الذي ضل يحول بينها وبين بلاد الجن والملائكة التي شنّت عليها حربا سنة 56 رفقة إسرائيل وبريطانيا، وتحولت إلى حليفة لفرنسا لتصفية الحسابات مع بعض الدول التي تزعج باريس، منها الجزائر والسودان. عرفت السنة الجارية عددا من الزيارات رفيعة المستوى بين القاهرةوفرنسا، حيث زار الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي شرم الشيخ في مارس الماضي لحضور المؤتمر الدولي لدعم الاقتصاد الفلسطيني، الذي دعت إليه مصر بعد العدوان الإسرائيلي على غزة. وأشاد في كلمته بالجهد الكبير الذي قام به الرئيس المصري حسني مبارك الذي ظل طيلة أيام الغزو يهدد حركة حماس وسكان غزة وأغلق عليهم معبر رفح ومنع المساعدات الجزائرية والدولية من الوصول لأصحابها، ثم قام مبارك بزيارة لفرنسا في ديسمبر الحالي واقترح على نظيره الفرنسي نقل القمة الإفريقية الفرنسية المقبلة التي كانت مبرمجة بالقاهرة شهر فيفري إلى باريس، سعيا منه إلى إقصاء الرئيس السوداني عمر البشير وإحراج الجزائري بوتفليقة بحضور القمة. وأعلن وقتها وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، القرار الذي هدفه تفادي حضور الرئيس السوداني عمر البشير، الذي أصدرت بحقه المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور، غرب السودان، والحجة الفرنسية لإقصاء أكبر دول إفريقيا من القمة. ويرى المتتبعون للشأن الدبلوماسي، أنّ الرئيس المصري بهذا القرار يكون قد أراد إحراج الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الذي رفض كل الدعوات التي وجهها له ساركوزي لزيارة باريس، بسبب توتر العلاقات الدبلوماسية التي تعيش مرحلة فتور منذ أشهر بسبب محاولة ساركوزي فتح ملف رهبان تيبحرين، واتهام الجيش الجزائري بالتقصير والضلوع في اغتيالهم. سامي سي يوسف مبارك يحرِّك ''بوحيرد'' للإساءة إلى الجزائر عملت مصر جاهدة على تشويه تاريخ الجزائر المشرف ورموز الثورة المباركة طيلة حربها الدنيئة التي حاولت من خلالها تغطية عجز فريقها الوطني والتستر على الهزيمة النكراء التي وقعها أشبال سعدان بملعب المريخ السوداني لدى إقصائهم للفراعنة من تصفيات المونديال، ولم تتوقف تصرفاتها الجبانة عند هذا الحد، بل سعت إلى خلق الفتن وراحت تتربص الفرصة المناسبة لضرب الوحدة الجزائرية، لتتوج آخر محاولاتها بإقحام ''الشهيدة الحية'' جميلة بوحيرد في الحملة الإعلامية المسعورة ضد بلد المليون ونصف المليون شهيد، مستغلة وضعيتها الصحية التي جعلت منها قضية ذات امتداد عربي ودولي. وفي الوقت الذي يتساءل فيه الكثيرون عن الأسباب الحقيقية التي دفعت بالمجاهدة إلى توجيه نداء استغاثة للعلاج في الخارج، والمستفيد من تشويه رموز الثورة الجزائرية، لاسيما في مرحلة طغى فيها تتويج المنتخب الوطني بالتأهل إلى المونديال وعمّت الأفراح عبر ربوع الوطن، جاءت تعليقات وسائل الإعلام المصرية تحت التوجيهات المباشرة للعائلة الحاكمة، لترد على كل التساؤلات وتؤكد تورط أم الدنيا في تحريك هذه القضية، في خطوة لزعزعة الاستقرار الوطني والتشكيك في مدى تكفل الدولة بصناع تاريخ الفاتح نوفمبر. وأثبت الاستغلال المفرط من قبل وسائل الإعلام المصرية لهذه القضية التي تعد مسألة داخلية لا تتعدى حدود الوطن، أن المسألة مدروسة بشكل محكم ومسبق من أعلى هرم السُّلطة الفرعونية، استغلت فيها شخصية ثورية ذات سمعة عربية ودولية، لتكسر صمتها الطويل الذي رافق أبرز الأحداث الهامة في الجزائر. خ.ت