إن الإنسان عندما يكون في النور ثم يمر على مكان مظلم، يصبح لا يرى شيئا، عكس ذلك الجالس وسط الظلام والذي تعود عليه وأصبح يرى كل شيء وبكل وضوح، يرى الناس ولكنهم لا يرونه، يعلم ما يفعلون وكيف يعيشون وهم لا يرونه، ولا يشعرون حتى بوجوده وكأنه نكرة، أو مخلوق آخر ليس مثلهم وليس له مثل حقوقهم، وكأن هذه الدنيا ملك لهم، ورثوها عن آبائهم، مع أن هذه الأخيرة هي ملك لله سبحانه وتعالى، سخرها للجميع، يعيشون فيها ويموتون فيها، ثم يخرجون منها تارة أخرى، وجعل الناس سواسية، لا فضل لأحد على أحد، والفضل كله لله سبحانه وتعالى الذي قال "إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، لكن بعض الناس عوض أن يملؤوا قلوبهم بتقوى الله، فضلوا ملأها بالحقد والضغينة والتكبر والطمع والجشع وغيرها من المواصفات التي تجعلهم يتفوقون على غيرهم في الشر، ويتعاملون بطرق غير مشروعة، ليستحوذون على هذه الدنيا لهم ولأبنائهم، فأصبح المسؤول يعيّن صاحبه مسؤولا، وكل مسؤول يعتبر المكان الذي وٌلي عليه ملكه الخاص، يتصرف فيه كما يشاء، ويأخذ من خيراته وينهب ويختلس بلا ضمير ولا حسيب، وأصبح بعض المسئولين يأخذون أموال الناس بالباطل، فنجد بعضهم يعطي العامل لديه راتبا شهريا ضئيلا يعيل به أسرة كثيفة الأفراد، وفي المقابل يعطي ابنه مبلغا يساوي أضعاف الأضعاف يوميا كمصروف فقط، ومنهم من يجعل لابنه راتبا شهريا في المؤسسة التي يسيرها، من دون أن يعمل ابنه أو يبذل أدنى مجهود، ولا يحظر حتى إلى مقر العمل، وحال الإثنين مثل الأعمى، فالفقير أعمى من كثرة الظلام من حوله، لكن بصيرته مستنيرة وهي تدله على مصدر رزقه وراحته، وكلما ضاقت به الدنيا أو أظلمت ما حوله دعا الله واقتبس من نوره، وهو سبحانه من يرشده ويرزقه ويطعمه ويسقيه ويشفيه، أما الغني فهو أعمى من كثرة الضوء الذي أذهب بصيرته وجعله لا يفكر إلا في نفسه، ولا يرى غيرها، وليس له من حل كونه يعيش في كنف الضوء عكس الفقير الذي يعيش في كنف الظلام ، والظلام حله هو النور أما كثرة الضوء فلا حل لها، إلا التوبة والرجوع إلى الله والقناعة بما أحل سبحانه وإعطاء ذي الحق حقه، لكن هيهات أن يقبل ذلك ويتقبل أن يعيش يوما واحدا مثل أخيه الفقير. لست أدري إن كانت هذه المقدمة قد بينت صدق مشاعري تجاه الفقير الذي يعيش في ظلمة الفقر المقرف، وتجاه الغني الذي يعيش في ظلمة الثراء المزيف، ولكي نقترب أكثر من صميم الموضوع الذي أود طرحه، أترككم تقرؤون هذه الرسالة التي وصلتنا من طرف أحد القراء، والتي يقول فيها صاحبها ... ما دامت الدنيا ملك الله جعلها للجميع وعلاش الواحد يعيش أو لاخر يضيع؟ السلام عليكم أخي فيصل وكل عمال جريدة "النهار"، وكذلك إخواني وأخواتي القراء، لعل رسالتي هذه ستكون مميزة نوعا ما عن باقي الرسائل التي تصلكم، نظرا لما تحمله من تساؤلات تخص هذه الحياة، أعرفكم بنفسي، أنا عبد الحق من الجزائر العاصمة، أبلغ من العمر 43 سنة، غير متزوج وليس لدي لا أبناء ولا زوجة ولا بيت ولا عزة ولا كرامة، حيث أقطن في أرصفة العاصمة، والأمر حتى الآن لا يبدو غريبا، لأن حالتي ليست حالة خاصة أو مميزة، كون الكثير من الناس يعيشون مثلي أو أكثر، ومنهم عائلات بكاملها، ولدي جيران (في الرصيف) لديهم بنات عاتقات، ومنهم من لديه رضيع ولد في الشارع ويسكن في الشارع، وحسب ما أرى سيموت في الشارع الذي يمر عليه العديد من أصحاب المناصب والمقاعد في الوزارات والبرلمان، وغيرهم من رجال الأعمال الذين يمرون علينا يوميا دون أدنى شعور بوجودنا، وعادة يلوموننا على نومنا في الشوارع، ويقولون بأننا أسأنا إلى جمال الجزائرالبيضاء، وأصبحنا في نظرهم خطر على البيئة ونفسد جمال الطبيعة والمدينة، وكأننا أكياس قمامة يستحي بها الأغنياء، وعادة تمر شاحنات تحمل أكياس القمامة، ونحن نبقى مكاننا دون زائر يطل علينا أو سائل يسألنا عن حالتنا، طلبت سكنا اجتماعيا، وأن أخبرتكم ماذا قالوا لي ستضحكون، طلبت مني شهادة إقامة كدليل بأني أسكن في هذه البلدية، وكأنهم لا يعرفونني، مع أنهم يمرون من أمامي ليلا وصباحا منذ سنوات وسنوات، وقالوا لي بأني غير متزوج وليس لي الحق في الحصول على سكن اجتماعي، وعندما أردت الزواج قال لي أهل الفتاة بأنه ليس لدي مسكن فلا يحق لي الزواج، فأصبحت مثل الكرة بين الأرجل، ورئيس البلدية الحالي مرّ من أمامنا ذات مرة هو وأعوانه وألقوا أمامنا( باكيات) من الورق الخاصة بالإنتخابات، سبحان الله الحي يطمع في الميت، وأيام الإنتخابات كانوا يعترفون بنا وبأننا أبناء البلدية، لكن بعد فوزهم ونيلهم مقعد البلدية، أصبحوا ينكروننا وأصبحنا نشكل بالنسبة لهم عائقا أو ( تبهديلة) أمام أصدقائهم الزوار، أو شركائهم في (الطراطڤ والطرافيك)، لأتمنى أن تنشروا رسالتي، والمرة القادمة سأمر على جميع المتشردين وأستطلع معاناتهم وأرسلها لكم، وسأكون مراسل قصة وقصيد من الشوارع. الرد: شكرا لك أخي عبد الحق من العاصمة على هذه الرسالة التي تعبر عن مأساة حقيقية يعيشها إخواننا في الجزائر، فليس من السهل أن يعيش الرجل في الشوارع، ويبلغ الأربعين من العمر ولا يعرف معنى الزواج والأبناء والبيت، وغيرها من الأمور العادية جدا، لكن في بلادنا للأسف أصبحت أمورا لا يحظى بها الجميع، وكذلك أن نرى فتيات في الشوارع وعائلات وأطفال صغار، فهذا كله أمر غير مقبول، لا يتقبله العبد ولا يقبله الرب سبحانه، وإن كان يقبله بعض المسؤولين فنحن لا يجب أن نرضى بذلك، حتى لا نكون ساكتون عن الحق، ولعل رسالتي ستكون موجهة للمسؤولين أكثر مما هي موجهة للفقراء، فعادة ننصح الفقراء والمحتاجين بالصبر على البلاء، وهذا عندما يأتي هذا البلاء من عند الله سبحانه وتعالى فمرحبا به، أما إن يأتي من طرف عباد (حقارين ) يحتقرون الفقراء، فهنا لا ننصح الفقراء بالصبر، وإنما ننصحهم بالمطالبة بحقوقهم، و أن يتوجهوا بطلباتهم إلى كل السلطات المعنية، حتى يشعر كل واحد بمسؤوليته، وإن لم يكن قادرا عليها فليتركها لغيره ممن هم أهل لها، لست أدري ما أقول لك، كوني لا أعيش في الشارع مثلك، ومهما حاولت أن أنصحك فسوف لن أغير شيئا كون الحالة مزرية حقا ومميزة، ولعل النصيحة أوجهها لكل الناس حتى يتحركوا من أجل مساعدة الفقراء للمطالبة بحقوقهم، كل واحد في مكانه وحسب قدرته، وبما منّ الله عليه ، ونفسي هي أول من أنصح، حيث منّ الله علي بهذا الفضاء لكي أكتب فيه بكل حرية، فإن شاء الله أكون قد وفّيت وقلت ما كان باستطاعتي قوله. الظلمة واش حكايتي معاك أنت يا الظلمة قوليلي وعلاش راكي ضاربة النح لله جاوبيني قوليلي غير كلمة ما تخبيش عليا وقولي قاع الصح وش راه جايني اذا راكي عالمة عارف قلبي تنجرح ومزال يتنجرح ما تخبيش عليا صارحيني يا الظلمة احكي لا تخافي أنا نحب الي يصارح علاش الناس بالنعاس درك راها نايمة وانايا تسهريني حتى يطلع الصبح حكاية تجيب حكاية كلمة تجيب كلمة حتى الي ولينا صحاب تاع الصح وليتي يالظلمة عندك واحد القيمة نحبك وغير معاك الي نتصارح خاطر لحكاية للناس تزيد الغمة وتولي شفاية وتولي غير فضايح نخبي في قلبي ونلايم يا الظلمة النهار الي يفوت يشبه للبارح اليامات فايتين وانا قاعد لتما نشوف في صغري قدامي رايح والله يا الظلمة راني كي لحمامة ملي يطلع الصبح من سطح لسطح ولما يطيح الليل اتطيحي يا الظلمة أنا تان نطيح ولتم معاك نريح والناس زاهية فديارها ملمومة فكل يوم عيد و فكل يوم فرح وأنا غير وحدي عايش في غمة ومخبّي في قلبي صوالح وصوالح مخبّي في جيبي يدي المعدومة ومخبّي في راسي احلام لبارح ومخبّي في عيني دمعة مظلومة وأنايا متخبي في وسطكم ومريّح والحق ديالي راه عندهم هوما تقاسموه بيناتهم وتبادلوا المصالح باش يردّوهولي في يوم القيامة في دار الحق نهار يبان الصح حتى الضو راي عادت مخدومة غير للي مرفه ديما جيبو مفحفح والشمعة اللخرانية زادت فالسومة ولات تمشي معاك غير وقت الفرح فجوايه الدراهم و جوايههم هوما صحاب ارجى هاذي اجبد او برّح وباش توقف معايا جاتها حشومة عادت تحشم بيا وتتمشى بالصوالح ما نلومش الوقت والدنيا الظالمة نرضى بالمكتوب ونصبر للجرح ساعات الفقر تكون فيه حكمة يعلمها غير ربي الي بيدو الربح ما نلومش بابا ومانلومش يما خاطر رباوني وخرجوني صالح وكانو حتى هوما فاتو عالظلمة نشفى كنت صغير نبكي وانوّح تشدني يما تلقى عندي حمة تحطني فصدرها وتبدى فيا اتدوّح وتستنى بابا لما يجي مالخدمة يشريلي الدوى باش نبرى ونريّح وراولي الطريق لمعوجة ولمسقمة وقالولي يا ولدنا الا باغي تربح شد في دينك وفالتربية والحرمة وشد في خدمتك و اتعب او كافح اصبر او حتى حالة ماهي دايمة وكل الابواب راهم عندهم مفاتح وفي هاذ الدنيا الناس المحرومة في غالب الاحيان هي الي تنجح والمال اذا كان دارلك القيمة يقيمك لبنادم الجاهل والجايح أما الناس القارية والناس الفاهمة عارفين القلب هاذاك هو الصح اتفائل الخير وابقى تقول ديما نقدر نربح ونخدم او ننجح وعمرك تتشاءم يا لوكان بكلمة خاطر الكلمة تقدر تولي صح ورد بالك غير الحسد و لملاومة والغيرة ولمعاندة ماراهمش ملاح يخلوا قلب لبنادم يرجع عمى ويخسر فحياتو بزاف صوالح اغتنم الوقت والوقت راه نعمة ونحي من راسك كلمة البارح وحاول تعرف وين راك ليوما باه تقدر تعرف لوين راك رايح ودير فبالك بلي حاجة ماهي دايمة كلش راح يفوت الفرح والقرح ومهما كانت هاذ الدنيا مهمة حاجة فيها ماهي رايحة تريح ياك الدنيا بروحها كانت مخدومة امتحان وفيه الفاشل والناجح والنتائج تظهر فيوم القيامة وفاعل الخير هو الي يربح تأليف فيصل كرشوش