السلام عليكم ورحمة الله، وجازاك الله خيرا على عملك. سيدتي نور لجأت إليك بعدما اختلطت علي الأمور، ولم أعد أميز الصواب من الخطأ و الظالم من المظلوم، أنا فتاة في 26 من العمر، مثقفة جميلة متعلمة متحصلة على شهادة طبيبة عامة، والأكثر من ذلك وبدون غرور على قدر عال جدا من الأخلاق، أسرتي ميسورة الحال لكن المشكلة في أبي، الذي حطم حياتي شر تحطيم، أكاد أجزم أنني افقد صوبي يوما بعد يوم، أحس شيئا ما يموت بداخلي ولا أستطيع إنقاذه. أما جسديا فصحتي في تدهور. لقد أنهيت دراستي بفضل الله أولا، ومساندة والدتي، وكون الناس وأساتذتي يعرفون مدى تفوقي في دراستي، لكني دوما أحس أن والدي ضد فكرة تعليمي، وقد حاول مرارا أن يجد لي زلة أو مجرد خطأ، كي يوقفني عن الدراسة كما فعل مع أخواتي الأخريات، لكني لم أترك له الفرصة لتحقيق ذلك. أعترف أني تنازلت عن كل شيء من أجل دراستي، تصوري سيدتي نور أنه حرمني من أبسط حقوقي الهاتف النقال، صديقاتي، حتى الخروج لشراء الملابس وكل احتياجاتي الخاصة!!) والكارثة العظمى أنه حرمني من العمل، أي أب هذا الذي يمنع ابنة تحمل شهادة عليا من العمل؟ لقد تخرجت منذ عامين تقريبا وأنا سجينة البيت محرومة من كل ما ذكرته، أشعر أنني عبء على والدي فبدل أن يفتخر بي، أصبح مستاءا مني، أكاد أجن، أصبحت معقدة، منطوية، مريضة. حتى عندما يتعلق الأمر بالزواج، فإنه يزوجنا بمن يختاره، ولا يأخذ برأينا أبدا. لأنه يرى في أبوة البنات ابتلاء كبير. أدرك جيدا أنه والدي، واجب علي طاعته لكن، هل يحق له أن يفعل بي هذا، لا أدري إن كنت سأتخطى هذا الأمر بسلام، سأفقد عقلي لا محالة لو استمر الوضع على ماهو عليه ، فنفسيتي متعبة جدا وصحتي في تدهور. ستقولين لي كلميه وترجيه وغير ذلك من محاولات استمالت عطفه، أقول لك أني فعلت سيدتي، فقابلني بقسوة ليس لمثلها نظير، ورفض بشدة وهددني أنني سأندم إن فاتحته بالموضوع مرة أخرى، وكل من يقف إلى جانبي يجعله والدي في صف أعداءه. وبعد كل محاولاتي، لا أرى أمامي سوى التمرد وليكن ما يكون، من نتائج لا تحمد عقباه، أو تقبل الوضع فأجني على نفسي وتكون نهايتي في صمت دون أن يعلم أحد بموتي. أرجوك سيدة نور، ساعديني وأعطيني ردا وافيا مقنعا انتظر جوابك، ولكم مني كل الشكر والاحترام. خ/ الشرق الرد: عزيزتي، وأنا أقرأ رسالتك، تأكدت أنك فتاة صبورة حليمة، استطاعت التأقلم مع الأوضاع وعرفت كيف تساير الأمور لتكون في صالحها، نعم أنت كذلك عزيزتي وخير دليل على كلامي حصولك على الشهادة العليا، التي يفشل الكثير في تحصيلها رغم الظروف الملائمة. أقول لك أنك استطعت بفضل عقلك الراجح التصدي لوالدك بالحكمة والروية وهذا ما أطلبه منك في الوقت الحالي، لأن الوضع لم يستمر أكثر من هذا، عندما يأذن الله بتغيير الأحوال، فالعمل رزق يكتبه المولى عز وجل للعباد وعندما يأذن به لن تستطيع قوة والدك أن تكون مانعا، وعندما يكتب لك الله الارتباط بمن ترضينه زوجا فإن قوة غيبية ستجعله يبارك الأمر من حيث لا يدري. لذلك أرجو منك التقرب للخالق أكثر من أي وقت مضى لأن الدعاء وحده من سيقضي حوائجك، ولا تنسي أنك بهذا الصبر سوف تنالين ثواب بر الوالد مهما كان قاسيا، فالتسعدي عزيزتي، ولتنامي قريرة العين لأنك في كنف الله لن يستطيع أيا كان تغيير نصيبك والمقدر لك من عند الله لا محالة يصيبك. أما بخصوص التمرد فلا أتصورك تقدرين عليه لأنك ليست كذلك ولن تكوني، فالفتاة التي صانت نفسها طيلة سنوات أعلم أنها لن تفرط فيها أبدا أليس كذلك عزيزتي؟ ردت نور