اعتبر الأكاديمي الجزائري أحمد عيساوي في مقاربة قدمها اليوم الاثنين بسيدي عقبة (بسكرة) أن "الجزائر لن تكون مفرغة دعوية لكل صاحب هوى" و ذلك خلال أشغال الملتقى المغاربي حول "الأمن الفكري و دور مؤسسات المغرب العربي في إرسائه". وفي تصريح صحفي أكد هذا الأكاديمي و هو أستاذ الدعوة والإعلام والفكر الإسلامي المعاصر بكلية العلوم الاجتماعية والعلوم الإسلامية بجامعة باتنة أن "الجزائر لديها رصيد تاريخي حافل و موروث ديني و ثقافي يؤهلها للتصدي لكل أشكال الغزو الفكري وتحقيق أمن فكري ينعكس إشعاعه إيجابيا على المجتمع". وحسب عيساوي فإن دراسته لتطور الحركة المذهبية في بلاد المغرب الأوسط (الجزائر) "أفضت إلى إدراك حقيقة تاريخية مفادها أن هذه البلاد عرفت طلائع الفاتحين المسلمين الأوائل من الصحابة والتابعين حتى استقر الإسلام بهذه الديار وشكل أهله خميرة جنود الفتح الإسلامي باتجاه الأندلس بقيادة طارق بن زياد". ويرى هذا الباحث أنه مع هؤلاء الفاتحين استقر فقه الصحابة والتابعين ليتبلور مع فقه ومذهب إمام دار الهجرة مالك بن أنس مضيفا بأن مذهب الإمام مالك "وجد استجابة ورسوخا لدى سكان بلاد المغرب على مدار القرون وكذا عقيدة الإمام أبي الحسن الأشعري لاحقا إضافة إلى المذهب الإباضي الذي عرفه أهل المغرب الأوسط (الجزائر) مع قيام وتوسع الدولة الرستمية". واعتبر الدكتور عيساوي أن دراسته لموضوع تطور الحركة المذهبية في بلاد المغرب الأوسط كرست لديه قناعة الاعتزاز بالذات التاريخية والتراثية والمذهبية التي تشكل -مثلما أضاف- أرضية فكرية ودينية وثقافية للشخصية الدينية الجزائرية صاحبة الجذور بما قدمت ووجهت وأنفقت من تراثها وعطاءاتها في الماضي وتقدر على تقديم المزيد في الحاضر والمستقبل. وأضاف أن العوامل التي دفعته لخوض الدراسة في هذا المجال ما وصفه بحالة الجهل السائدة لدى الكثير من المثقفين والمفتين لتطور الحركة المذهبية ببلاد المغرب الأوسط وما نتج عن ذلك الجهل التاريخي كما قال من تداعيات في عالم الفتوى والتوجيه الدعوي. ولفت نفس المتحدث الانتباه إلى أن التنقيب في الماضي المجيد كشف له بما لا يدع مجالا للشك أن الشعب الجزائري قبل الاحتلال الفرنسي العام 1830 لم يكن متخلفا بل كان شعبا متحضرا متعلما يتقن أغلب سكانه القراءة والكتابة وتضم أرضه قرابة ألفي مؤسسة بين مدرسة وجامع ومسجد وزاوية تنشر جميعا العلوم وتبث المعارف.وطمأن في ختام تصريحه بالقول أن البلد يتمتع بالحصانة الذاتية التي تتلاشى أمامها كل المشاهد المشبوهة.