قرر الرئيس بوتفليقة بصفته القائد الأعلى للقوات المسلّحة وزير الدفاع الوطني ، المحافظة على صفة العسكري للواء عبد الغاني الهامل، المدير العام الجديد لجهاز الأمن الوطني، وعدم إحالته على التقاعد، مثلما روّجت له الكثير من الأوساط. وقد وقع الرئيس بوتفليقة رسميا على مرسوم انتداب اللّواء عبد الغني الهامل، على رأس المديرية العامة للأمن الوطني. كشفت مراجع ''النهار''؛ أنّ الرّئيس عبد العزيز بوتفليقة أحال اللّواء الهامل على وضعية الإنتداب بموجب مقرر أصدره بصفته وزيرا للدفاع الوطني، لمدّة سنة واحدة قابلة للتجديد ثلاث مرات على الأكثر، حيث سيكون اللّواء بمثابة عسكري يعمل بموجب القوانين العسكرية التي تحكم الجيش الوطني الشعبي، مع تكليفه بمهمّة إدارة مؤسسة مدنية، طبقا لأحكام المادة 87 من القانون الأساسي العام للمستخدمين العسكريين. ويهدف قرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من وراء إحالة اللّواء عبد الغني الهامل، إلى الإنتداب بدل التقاعد، إلى تقويته وتمكينه من كامل حقوقه العسكرية، بما في ذلك حق التّرقية في المستقبل، وأيضا جعله يحظى بسلطة العسكري في الخدمة، لفرض سلطاته على أعوان وإطارات جهاز الشّرطة بدون أن يكون ضعيفا، بإجراء الإحالة على التّقاعد، والذي روّجت له الكثير من الأوساط.وبعد مدّة ثلاث سنوات في وضع الإنتداب، يمكن للواء الهامل مواصلة مهماته على رأس جهاز الأمن الوطني، بناء على أحكام المادة 96 من القانون السالف الذكر، باعتماد وضعية خارج الإطار التي تسمح للعسكري العامل الذي واصل بناء على طلبه الموافق عليه الخدمة في نفس الهيئة، بعد تأدية 3 سنوات في وضعية الإنتداب. وتعرض اللّواء عبد الغني الهامل منذ قرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تكليفه رسميا على رأس الأمن الوطني قبل شهرين، إلى حملة غرضها الأساسي دفع رئيس الجمهورية إلى التراجع عن قراره، بالنظر إلى أن بوتفليقة هو الشخص الوحيد المخول بالكشف عن هذا التعيين في آجاله، وقد كان غرض هذه الأوساط ''التشويش'' على الرئيس، ودفعه إلى مراجعة اختياره. ولم تتردد أوساط على صلة بالموضوع، من محاولة تخويف الرئيس بوتفليقة من عواقب تعيين عسكري على رأس جهاز الشرطة، برسم سيناريوهات خيالية، غرضها الوحيد دفع الرجل الأول في قصر المرادية إلى مراجعة تقديره للموقف، بشأن من يؤتمن على شؤون الشرطة، سيما وأن بعض هذه ''السيناريوهات''، حاولت استغلال حادثة اغتيال الرّاحل علي تونسي لتعزيز هذا التحليل الذي لا يرتكز على أساس. ولأنّ اللّواء الهامل هو خيار شخصي للرئيس بوتفليقة، فإنّ المناورات حول منصب المدير العام لجهاز الأمن الوطني، تصاعدت مع مر الأيام بشكل قياسي، وذهبت إلى حد محاولة اقتراح ضباط مطرودين من جهاز الأمن لغرض تصفية حسابات ضيقة!! وقد تم ترديد العديد من أسماء هؤلاء المطرودين لأسباب مختلفة، والذين يحظون بدعم بعض الأشخاص الذين لهم ''عقدة التفوق''، إزاء من أثبتت الأيام كفاءتهم في تسيير الشأن العام منذ مطلع التسعينات.وذهبت أوساط أخرى، إلى الحديث عن ''أزمة في القمة''، بسبب شغور منصب المدير العام للأمن الوطني، خاصة بعد تصريحات وزير الداخلية السابق يزيد زرهوني، أياما قليلة من رحيل العقيد علي التونسي، من أن خليفة ''السي الغوثي'' جاهز، وقد ينتظر موافقة رئيس الجمهورية، وهو الأمر الذي دفع الوزير الأول أحمد أويحيى إلى تصحيح الموقف بسرعة، وصرح للصحافيين بضرورة احترام روح الفقيد علي التونسي وكرامة عائلته خلال الأربعين يوما الموالية لوفاته كأقل شيء، مشيرا إلى أنّه من العيب الحديث في هذا الوقت عن خليفة للرّاحل في هذا الوقت. وقد حسم الرئيس في هذه المناورات بقرارين؛ الأول تعيين دحو ولد قابلية على رأس وزارة الداخلية الوصاية الإدارية على جهاز الأمن الوطني، أما القرار الثاني فكان تعيين اللواء الهامل على رأس الأمن الوطني، لما أثبته من استقامة في الأخلاق واحترافية عالية في مهماته في جهازي الدرك والحرس الجمهوري. وربطت مصادر متتبعة قرار وزير الدفاع الوطني القائد الأعلى للقوات المسلحة، برغبته في تمكين اللواء الهامل من الصفة العسكرية، التي تمكنه من قوة العسكري في الخدمة، وفرض الإنضباط والهيبة على مؤسسة الشّرطة، فضلا عن تنفيذ الإستراتيجية المسطرة براحة تامة، بحكم الصفة التي يمتلكها اللواء وعمل بها طيلة 37 سنة كاملة، بمختلف أسلاك الجيش الوطني الشعبي من الدرك الوطني إلى الحرس الجمهوري. لواء بسلطات عسكرية لإعادة هيكلة جهاز ''مخابرات الشّرطة'' منح الرئيس بوتفليقة الضوء الأخضر للواء الهامل المدير العام للأمن الوطني، من أجل إعادة هيكلة هيئة الإستعلامات العامة بجهاز الشرطة، باعتبارها الهيئة الأساسية للإستعلامات حول الوضع السياسي والإقتصادي للجزائريين وأكثرها حساسية، بالنّظر إلى معالجتها للملايين من التقارير يوميا، بشأن ما يحدث عبر التّراب الوطني. وجاء قرار الرئيس بوتفليقة بإعادة النّظر في مهام وصلاحيات ''مخابرات الشرطة''، في إطار مسعى جديد قرّر اللّواء عبد الغني الهامل الشّروع فيه لإعادة ربط جسور جهاز الشّرطة مع الحياة اليومية للجزائريين، ولإعادة تقويم الوضع القائم حاليا، والذي ظلّ محل أخذ ورد بين المدير العام السابق للأمن الوطني الراحل علي التونسي مع وزير الداخلية السابق، حول صلاحيات وسلطات الإستعلامات العامة للأمن الوطني. وظلّت مخابرات الشرطة عرضة إلى العديد من التغييرات في المهام والصلاحيات والوصاية منذ عامين، بسبب ''حرب النفوذ''، حول من يستخدم هذا الجهاز ولفائدة ماذا؟ وهي المعركة التي احتدمت في الأشهر الأخيرة، بسبب غضب الرئيس على أداء ونوعية أعمال جهاز ''مخابرات الشرطة'' الأمر الذي يفسّر عدم تحكم بعض الوزارات في الإحتجاجات التي هزت قطاعاتها، بسبب غياب معلومات ميدانية حقيقية. ويشير عارفون باللواء الهامل، إلى أن القرارات الأولى التي سيعلن عنها قريبا تهدف إلى فرض الإنضباط على أعوان جهاز الإستعلامات العامة وتحديد مجال اختصاصاتهم، لتجنب حرب التقارير الكاذبة، والتي تستهدف إطارات الدولة أو الشخصيات العمومية بدون أسانيد ولا أدلة مقنعة. وكان الرّاحل العقيد علي تونسي قد أنهى مهمات المدير السابق للإستعلامات العامة عميد أول للشرطة كمال بلجيلالي، رغم اعتراض وزير الداخلية على القرار، وقد كانت حجج الراحل مقنعة، بالنظر إلى تحول التقارير الأمنية إلى وسيلة للإستعلام حول بعض الإطارات السامية في الدولة وحياتهم الخاصة، ولم تستثن حتى محيط رئيس الجمهورية شخصيا!! وقد جاء قرار الفقيد تونسي، بناء على دراسة شاملة لحصيلة نشاطات بلجيلالي على رأس ''مخابرات الشرطة''، أثبتت أن الملفات التي تم إعدادها بخصوص التّحري حول الشّخصيات الوطنية، وإطارات الدّولة والأمن، كانت عشوائية مبنية على أقاويل ورسائل مجهولة، بدون تضمين التقارير أدلة ملموسة أو وثائق يتم بموجبها إنهاء مهام أو الإبقاء على مناصب الإطارات التي سبق وأن خضعت للتحري، وفي هذا الشّأن، أحصى الفقيد تونسي 5 آلاف إطار راحوا ضحية تقارير مبنية على أقوال شفهية، لترسو المفاوضات بين الطرفين في نهاية المطاف على تنحية بلجيلالي وتنصيب عميد أول للشرطة جمال بن دراجي على رأس الهيئة. وفي الصدد ذاته؛ أكدّ اللّواء الهامل في أول لقاء له بالصحافة، يوم تنصيبه رسميا على رأس جهاز الشرطة، أنّ من بين أولوياته إعادة رسكلة جهاز مخابرات الشرطة، وقال إن تفعيل أدوار جهاز الأمن الوطني وبلوغها مستوى راقيا من الأداء، يقتضي انتهاج سياسة ناجعة في مجال إدارة الموارد البشرية مرتكزة على استغلال الكفاءات بعقلانية واستثمار الخبرات برشادة، وإتاحة الفرصة للقدرات، من أجل استبعاد العشوائية في التسيير، وسد المنافذ أمام الإنحرافات والتسيب المنافية لمقومات جهاز الأمن وأخلاقياته.