أيام قليلة قبل حلول الشهر الكريم كثفت قيادة الدرك الوطني بالتنسيق مع المديرية العامة للأمن الوطني، من عمليات المداهمة المشتركة بين مصالحها للأماكن المشبوهة وأوكار الجريمة، في إطار مخطط أمني استباقي يهدف إلى تأمين الولايات الساحلية التي تشهد توافدا معتبرا للسياح والمصطافين خلال هذه الفترة من السنة. بحيث وجهت تعلميات صارمة لضمان أمن وراحة الزائرين للساحل الجزائري، والسهر بدرجة أولى على إحباط أي اعتداء إرهابي بالموازاة مع التصعيد الأخير للهجمات المسلحة. فعلى غرار العاصمة وعدد من مدن غرب وشرق الوطن التي شهدت خلال الأيام الأخيرة حالة استنفار أمني قصوى، والتي ميزها الإستغلال الميداني الدائم لعناصر قوات الأمن، والإنتشار المكثف للأعوان المشتركين في مختلف الشوارع الرئيسية والمناطق الكبرى المعروفة بالنشاط الإجرامي، تحسبا لإحباط أي اعتداء إجرامي مهما كانت طبيعته وبالخصوص الهجمات والعمليات الإرهابية، فقد عاشت ولاية بجاية هي الأخرى على مدار 48 ساعة الماضية عملية مداهمة نوعية جند لها ما يزيد عن 400 عون بين دركي وشرطي، مدعمين بعشرات السيارات الرباعية ومركبات السلاح المصفحة، فضلا عن أزواج الفرق السينوتقنية ومصالح الكشف عن المخدرات وكذا المواد المتفجرة، التي تم تزويدها بكلاب مدربة في هذا المجال، وعتاد لوجيستيكي هام على غرار أجهزة ''الفتك'' جد حساسة فيما يتعلق بتحديد مكان تواجد المتفجرات. العملية مست كامل الشريط الساحلي للولاية، وقسمت إلى 3 مراحل رئيسية، تم التركيز فيها على محاصرة جميع المنافذ والمداخل المؤدية إليها، من خلال نصب حواجز أمنية ثابتة ونقاط مراقبة للمركبات المتوافدة، قبل الشروع في تمشيط المناطق المشبوهة وحتى أماكن إقامة المصطافين بما في ذلك المحلات التجارية والحانات، فضلا عن المخيمات العائلية بحثا عن الأشخاص المتورطين في قضايا إجرامية أو أعمال إرهابية، الذين يحاولون التستر وسط العائلات المصطافة للإفلات من عمليات المراقبة والتعريف الروتينية. وكانت البداية عشية أول أمس بتطويق مدينة تيشي باعتبارها إحدى المناطق الأكثر توافدا للمصطافين والسياح الأجانب طوال موسم الإصطياف، بحيث تم التدقيق في هوية الأشخاص المتواجدين على طول الشواطئ الممتدة من مغرة إلى باكارو، مع اقتحام الخيم والمضليات المغطاة، لاسيما تلك المنصبة بطريقة غير شرعية والتي غالبا ما تصبح وكرا للفساد وممارسة الفسق والدعارة أو تعاطي المخدرات والمشروبات الكحولية. وامتدت العملية في صبيحة اليوم الموالي، إلى جبال ''يما ڤورايا'' المتميزة بتضاريسها الجغرافية الصعبة وجبالها الصخرية العالية، حيث استهدفت مصالح الأمن المشتركة العصابات الإجرامية التي تعكر راحة العائلات والزائرين للمنطقة، سواء من خلال الإعتداء على ممتلكاتها أو الإخلال بالنظام والآداب العامة، بالإضافة إلى تفتيش المركبات المتجهة إلى شواطئ رأس كاربون و''الزيقواط''، في حين تكفلت عناصر وحدات الأمن والتدخل التابعين للدرك الوطني، بالتعاون مع التدخل لأمن الولاية بالتغلغل داخل الأحراش والأدغال المتواجدة بالمنطقة، والتي كثيرا ما تتحول إلى ملاذ للمنحرفين ومتعاطي المشروبات الكحولية، وملجأ للفارين من العدالة لضلوعهم في قضايا مختلفة. وتواصلت العملية إلى ساعة متأخرة من ليلة البارحة على طول الحدود المشتركة بين ولايتي بجاية وجيجل، على غرار سوق الإثنين ودرڤينة إلى حصار مشدد قبل التوغل إلى الحانات المنتشرة بها والأماكن المشبوهة والمعروفة لممارسة الرذيلة والدعارة، بحثا عن حالات تحويل القصّر وتحريضهم على الفسق والفساد، ليلتقي التعداد الأمني في آخر المطاف في مهمة لتمشيط كل من شاطئي لوطة 1 و2، حيث أسفرت العملية في نهايتها عن تعريف 520 شخص ومراقبة 550 آخر، تم توقيف 22 منهم بتهمة حيازة واستهلاك المخدرات، وحمل سلاح أبيض محظور، بالإضافة إلى استهلاك المشروبات الكحولية على قارعة الطريق والسكر العلني، كما تم في ذات السياق مراقبة 103 مركبة و30 محلا تجاريا في مختلف الأنشطة، فضلا عن تفتيش 6 حانات و10 مخيمات صيفية. وتأتي هذه العملية التي عرفت تجنيد عدد هام لعناصر الأمن والدرك الوطنيين، بعد أيام معدودات عن نظيرتها التي شهدتها كل من ولايتي عنابة وسكيكدة وقبلهما العاصمة وعدد من ولايات غرب الوطن، في إطار مخطط أمني يهدف إلى تأمين ولايات الشريط الساحلي للوطن قبل حلول شهر رمضان الكريم، والذي سمح بتوقيف عدد هام من المبحوثين عنهم، وإحباط محاولات تغلغل الجماعات الإرهابية وعناصر الجماعة السلفية للدعوة والقتال إلى داخل المدن الإقتصادية والسياحية الكبرى، سعيا إلى تنفيذ عمليات مسلحة ترمي من ورائها إلى تفكيك الخناق على عناصرها المحاصرين في معاقل التنظيم، وجني صدى إعلامي على الصعيد الدولي، وهو ما يفسر انحصار العمليات الإرهابية الأخيرة في المناطق الداخلية للوطن، والتي غالبا ما تستهدف مواكب وقوافل مصالح الأمن بدون تخطيط مسبق ودقيق.