أحصت مديرية الشؤون الدينية لولاية بومرداس؛ 64 مصلى فوضويا انتشرت كالطفيليات منذ زلزال 21 ماي 2003 ، الذي ضرب المنطقة، تنشط بطريقة فوضوية بعيدا عن أعين مسؤولي القطاع كونها غير مرخصة، فتحولت مع مرور الوقت إلى حلبة صراع بين مختلف التيارات والمذاهب، مما جعل السلطات الأمنية والولائية تدق ناقوس الخطر، وتبدي تخوفها بعد معلومات تفيد بعودة التيار السلفي لتسميم عقول مراهقين وشباب بالدعوة إلى الجهاد. وتشهد العديد من بلديات ولاية بومرداس، خاصة المناطق الشرقية، انتشار هذا النّوع من المصليات التي بنيت بطريقة فوضوية وسط التّجمعات والأحياء السّكنية، سواء منها الواقعة بالمناطق والقرى النّائية، أو المعروفة بكثافتها السكانية، خاصة بدائرة برج منايل التي أضحت معروفة بهذا النّوع من المصليات، بعد أن تم إحصاء 18 مصلى، 14 منها ببلدية برج منايل، 3 برأس جنات ومصلى واحد ببلدية لقاطة، حيث يتم انتقاء الإمام من طرف المواطنين، وكذا اللّجنة الدينية التي تسير المصلى، إلاّ أن الصّراعات التي تشهدها والنّزاعات القائمة حول العديد من الأمور الدّينية، مثل إعفاء اللحى أو حلقها، ارتداء القميص أو البنطلون، وكذا الجلباب وغيرها من الأمور الدينية والفتاوى الشرعية، التي تشهد جدلا حتى في كبرى المساجد، ما تؤدي في غالب الأحيان إلى طرد الإمام واستبداله بآخر يتماشى ومعتقدات الفئة التي تقوم بتعيينه، وفي جولة قامت بها ''النهار'' إلى أحد مصليات مدينة برج منايل في شهر رمضان، أين تشهد إقبالا كبيرا من قبل المصلين، خاصة أثناء صلاة التراويح، لاحظنا الحالة الكارثية التي تميزها من ناحية التهيئة والبناء وأسقفها المغطاة بالقرميد والأسطح البالية، حتى أنه يصعب على الزائر التمييز بكونها بيوت الله، لولا وجود لافتة مكتوب عليها ''مصلى''، وقد تم تخصيص مساحات خاصة بالنساء وأخرى بالرجال، إلا أن ما يدعو للإهتمام أيضا هو الصراع القائم بين النساء المتجلببات والمتحجبات اللواتي وضعن لأنفسهن مساحات خاصة بكل فئة والحرص على عدم الإختلاط بينهما، وجدال حول القراءة من المصحف أثناء تأدية الإمام للصلاة وغيرها من الأمور. حلقات دينية غير مرخصة وتخوف من التيار السلفي المتطرف وحسب المعلومات المتوفرة لدى ''النهار''؛ فإن الحلقات التي تتم داخل هذه المصليات غير مرخص لها من قبل مديرية الشؤون الدينية للولاية، كون القانون الجزائري يمنع إقامة حلقات دون طلب رخصة، ما جعل السلطات الأمنية والمحلية تدق ناقوس الخطر، بعد معلومات تشير إلى عودة بعض المتشددين من أتباع التيار السلفي إلى حشو عقول المراهقين والشباب بأفكار الدعوة إلى الجهاد، وتحويلهم فيما بعد إلى مجندين لصالح الجماعات الإرهابية المسلحة، خاصة بعد صلاة العشاء في أوقات الإفطار أو عقب صلاة التراويح في الشهر الفضيل، حيث تم تشديد الرقابة الأمنية والإستخباراتية إثر معلومات تشير إلى عودة بعض أتباع التيار السلفي إلى النشاط في الخفاء، بعد أن تم حجز في كل مرة كتبا دينية وأقراصا مضغوطة تدعو إلى الجهاد، إضافة إلى معلومات تشير بتسلل عناصر إرهابية إلى مصليات ولقاء شبكات الدّعم وتكليفهم بمختلف المهمّات والوظائف، وكانت أغلب الإختطافات التي تم تنفيذها في السنوات الأخيرة على مستوى المناطق الشرقية للولاية، حسب معلوماتنا تم ترصد أصحابها أمام المصليات والمساجد أثناء إقامتهم لصلاتي المغرب والعشاء، ثم تحويلهم فيما بعد إلى معاقلها بعد تحين الفرصة المناسبة. مدير الشّؤون الدينية للولاية: ''أعددنا تقريرا للوزارة وكل ما بني على باطل فهو باطل'' وفي حوار مع نور الدين بوقريط، مدير الشؤون الدينية للولاية، أكد أن هذه المصليات الموزعة بإقليم الولاية غير قانونية، تم اغتنام فرصة الزلزال لتشييدها،''لا لجنة معتمدة ولا إمام موظف تابع للقطاع، هي مجرد مبادرات أشخاص لا أكثر''، مشيرا إلى أنّ عدد المساجد التي تضررت عقب زلزال 2003 فاق 171 مسجد، لذلك تمت إقامة هذه المصليات من قبل اللّجنة الدينية خاصة بمحاذاة السكنات الجاهزة، وكانت سلطات القطاع قد أعطت ترخيصا لبناء 10 مصليات فقط مرخصة، على حد قول المدير:''تأسست اللجنة الدينية لبناء مسجد وليس لإقامة مصلى، والمصليات التي أقمناها كانت بجانب المساجد المنهارة ومؤطرة من قبل مساجد القطاع، وتم إزالتها مباشرة بعد التّرميم أو البناء''، وقامت المديرية حسب نفس المتحدث؛ بتوجيه مراسلة إلى رؤساء الدوائر والبلديات تمنع إقامة مصلى دون تصريح من مديرية الشؤون الدينية، بتاريخ 4 سبتمبر 2004، ثم إرسال لجنة خاصة شهر فيفري 2007، وطرح المشكل بالتنسيق مع المصالح الأمنية، وأعد تقرير مفصل، بعد إحصاء 64 مصلى موزعة بكل من بلديات بومرداس، تيجلابين، قورصو، الاربعطاش، أولاد موسى، عمال، بغلية، سيدي داود وبرج منايل ب 14 مصلى، ثم إرساله لوزارة الشّؤون الدينية، ليضيف أنه تم إعادة إرسال التقرير ثانية للوزارة مؤخرا موازاة وشهر رمضان في انتظار الرد، وعن اقتراحات اللّجنة يقول المدير:''نحن لا نضيق على هؤلاء بل نطلب منهم النشاط علنا، فإذا كانت اللّجنة قادرة على تسيير المصلى بالإلتزام بخط البلاد فلها ذلك''. ويشير مدير الشؤون الدينية للولاية؛ أن الصراعات في المساجد غالبا ما تنشب بين الأئمة المتخرجين من الجامعة، والمتخصصين في الإمامة فقط، إضافة إلى عدم معرفة المهمة المنوطة باللّجنة الدينية التي يتم انتخابها من قبل المواطنين، وينحصر أداؤها في بناء المسجد وتزويده باحتياجاته الخاصّة، وليس الإشراف على نشاطاته، مضيفا أن هذه المصليات كثيرا ما تشوش على المواطنين في آذان السحور والإفطار قبل الموعد المحدد، وإثارة قضية زكاة الفطر بإخراجها حبوبا وليس نقدا، مما يخلق العديد من المشاكل والصراعات.