وزارة الداخلية تقول أنّ المستجيبين لمسيرة سعدي أمس لم يتعد عددهم 500 شخص، لكن قناة ''فرانس 24'' تقول نقلا عن رجال سعيد سعدي، أن العدد فاق ألفي شخص وربما 3 آلاف، وبهذا تبين أن سعدي الذي يريد قلب النظام في الجزائر وقيادة الشعب الجزائري، ''يتعارك'' مع السلطات العمومية حول بضع مئات من الأشخاص يمثلون بالنسبة لما جرى في مصر وتونس مجرد قطرة من بحر جماهير هائجة.. وربما يلجأ الدكتور سعدي إلى محكمة لاهاي لتفصل لصالحه بشأن بضع مئات من المحتجين الذين لم تحتسبهم السلطات العمومية في مسيرته! بالأمس، شهدت ساحة أول ماي بوسط العاصمة ''سيركا'' لم تشهده حتى كرنفالات ريو دي جانيرو التي يعرفها الدكتور سعدي جيدا.. فزعيم الأرسيدي ورغم استنجاده بعلي بن حاج، في تنسيق يشبه ''التحالف مع الشيطان'' لكون كل منهما كان وما يزال يُكفّر الآخر بطريقته، سواء دينيا أو ديمقراطيا، إلا أنه فشل في جمع حشد لا يساوي في عناصره عدد مدعوين لوليمة في عرس، وهو ما يعتبر بمثابة مؤشر على فناء شعبية من لا يزال يرى في نفسه مُلهم الجماهير وزوال تأثر الجزائريين بغوغائيته. وكان ما غفلت القنوات الفرنسية وأبواق التهويل عن نقله أمس من مشاهد ''السيرك''، هو أن سعدي وبن حاج اللذان يبدو أنّهما التقيا أخيرا على كلمة واحدة، اتفقا على أن لا يتفقا، حيث شكّل سعدي ومجموعته ''ميسّة'' من المتظاهرين في ساحة أول ماي، وقبالتهم تكونت ''ميسّة'' أخرى شكّلها بن حاج ومن معه.. وكم كان المشهد مضحكا إلى حد البكاء، عندما راح كل حشد يردد شعارات على عكس ما يردده الآخر، فنادى بن حاج بدولة إسلامية، فيما نادى سعدي ومن معه بالديمقراطية والحريات الفردية منها والجماعية. ما حدث أمس في ساحة أول ماي، كشف بالصورة والصوت استمرار بن حاج في التخبط في غوغائيته، وبقاء سعدي على جهله بالشعب وما يريده، وهو الذي قال ذات يوم في بداية التسعينات أنه أخطأ في الشعب، فتبين بالأمس أنّه أخطأ فيه للمرة الثانية. سعدي وبن حاج اللذان حاولا إجراء إسقاط للتجربة التونسية على الجزائر، ونقل ميدان التحرير من القاهرة إلى ساحة أول ماي بالجزائر العاصمة، نسيا أن الشباب المصري هو الذي أسقط نظاما دام 30 سنة كاملة، في حين أن شباب الجزائر العاصمة هم الذين تصدوا بالأمس لزعيم الأرسيدي وبن حاج وطلبوا منهما الرحيل، فهل فهم كلاهما الدرس؟ سيكون مفيدا لزعيم الأرسيدي وعلي بن حاج أن يستوعبا ما حدث، ويدرك كلاهما بعد الذي حدث أمس، أن عليهما البحث عن شعب آخر يفهمهما ويفهمانه، وربما يكون من المناسب لبن حاج السفر إلى تورا بورا لبسط إمارته على شعب طالبان، فيما ينبغي على الدكتور سعدي الانتظار سنة واحدة فقط، وسيكون من حقه الترشح للرئاسيات، والأكيد أن كل الجزائريين سيدعمونه.. لكن هذه المرة خصما لساركوزي على كرسي الرئاسة في فرنسا!