شباب ومراهقون يشتمون سعيد سعدي وينادون ببقاء بوتفليقة ورحيل أويحيى سادت حالة من الكر والفر، بين بضع مئات من المتظاهرين المنتمين إلى التنسيقية من أجل التغيير والديمقراطية، ورجال شرطة طوقوا ساحة أول ماي، لمنع مسيرة دعت إليها قوى سياسية ونقابية. ورفع متظاهرون شعارات تنادي ب''إسقاط النظام'' وجزائر ''حرة ديمقراطية''. وقال المنظمون في نهاية المظاهرة إن الشرطة ''اعتقلت 100 شخص في العاصمة و20 في وهران''، بينما قالت الداخلية أنها ''اعتقلت 14 ثم أفرجت عنهم فورا''. قبل التاسعة صباحا، من يوم أمس، كانت قوات أمن مكلفة بتفريق مسيرة غير مرخصة، قد أخذت مواقعها في محيط ساحة أول ماي في قلب العاصمة، بينما شرع متظاهرون مفترضون يتجمعون شيئا فشيئا قرب ''نافورة'' سيدي امحمد، تجمّع حولهم مئات الفضوليين ورجال الإعلام ووكالات أنباء، وبدا تعداد المتظاهرين في الساعات الأولى من الصباح لا يتعدى العشرات، لكنه إلى غاية الزوال قارب الألف حسب المنظمين، بينما قالت الداخلية إن عددهم لم يتعد ''.''250 وحضر إلى ساحة أول ماي، تباعا، مصطفى بوشاشي رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، ورئيسها الشرفي علي يحيى عبد النور، ثم حضر سعيد سعدي، رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وعدد من نواب الحزب في البرلمان ومناضلوه، كما حضر عبد القادر مرباح، وممثلون عن جمعية ''جزائرنا''، ووجوه من جمعية ''أس أو أس مفقودين''، وجناح من النقابة الوطنية لمستخدمي الإدارة العمومية، كما حضر بلعيد أبريكا أحد وجوه ''حركة العروش''، والرجل الثاني في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة علي بن حاج، لكن اللافت كان تخلف رئيس الحكومة الأسبق، أحمد بن بيتور عن المشاركة لأسباب مجهولة رغم كونه أحد الداعمين للمسيرة. وبينما كان متظاهرون يتدفقون نحو موقف سيارات الأجرة بساحة أول ماي، حيث أجبرتهم مصالح الأمن على التوجه، بدأت عمليات اعتقال، طالت قياديين في التظاهرة وبعض المناضلين، وكلف رجال أمن باعتقال قياديين، بينما تكفلت شرطيات باعتقال قياديات ومناضلات. وقد اعتقل أربعة نواب من التجمّع من أجل الثقافة والديمقراطية، هم معزوز عثمان، ومحسن بلعباس، وبسباس، وعيدر أرزقي، كما أوضح ل''الخبر'' نائب التجمّع، بوبكر درقيني. كما اعتقل النائب البرلماني السابق عن التجمع الوطني الديمقراطي، حيدر بن دريهم، ورئيس جمعية ''جزائرنا''، كما اعتقل إيدير عاشور، الناطق باسم مجلس ثانويات العاصمة، وتشيكو، الناطق باسم ''السناباب'' جناح رشيد معلاوي. واعتقلت مصالح الأمن بعد ذلك الناشط فضيل بومالة لمدة ثلاث ساعات قبل أن يظهر مجددا بين المتظاهرين، كما ترددت أنباء عن اعتقال علي بن حاج وأحد أبنائه. وهتف المتظاهرون ب''جزائر حرة ديمقراطية''، كما هتفوا بشعارات شبيهة بثورة تونس ومصر ''الشعب يريد إسقاط النظام''، و''كرهنا من هذا النظام''، وفي لافتات مرفوعة بدت كتابة على أكبرها بالفرنسية ''النظام إرحل''، وأخرى كتب عليها ''ضحايا فساد المؤسسات الدستورية''، وأخرى كتبت عليها أسماء ''أويحيى، زرهوني وبلخادم إلى سركاجي''، كما رفعت صور لمفقودين وأخرى ل''ضحايا الخليفة''. وألقى رئيس الأرسيدي، سعيد سعدي، خطابا بين المحتجين، حيث اعتلى كرسيا للمارة في قلب موقف سيارات الأجرة، طالبا منهم ''عدم الخوف أو التراجع''، وطلب سعدي من الرئيس بوتفليقة ''القدوم إلى هنا... فليثبت لنا نسبة ال90 بالمائة التي حصل عليها في الانتخابات الأخيرة''، وتابع: ''إذا كان بن علي ومبارك قد رحلا فهو أيضا سيرحل.. بعد 50 سنة من الاستقلال نحس أننا دون هذا الاستقلال ولماذا يمنعوننا من السير؟''. ولكن المسيرة التي أحيطت بعدد كبير من قوات الأمن، أخذت منحى آخر، بدخول فاعل آخر، من عشرات الشباب والمراهقين كانوا ينادون ب''حياة بوتفليقة''، وأخذ هؤلاء موقعا لهم قبالة سعيد سعدي، وخاطبوه: ''الطائرة تنتظرك لتذهب إلى فرنسا التي تدفع لك''، وسألوا سعدي ''أين هم أبناؤك، لماذا لم تأت بهم؟''، كما رددوا: ''يا مهدّم مسجد أغريب''، وهتفوا طالبين من الشرطة ''أتركوهم لنا وجها لوجه''. ونال علي بن حاج نصيبه من الهتافات الرافضة من هؤلاء الشباب وكذلك رئيس الحزب المحظور عباسي مدني. لكن الشباب الذي حاول التصدي لمسيرة ''تنسيقية التغيير''، رفع بدوره شعارات ضد الوزير الأول أحمد أويحيى، فنادوا ببقاء بوتفليقة لكن برحيل أويحيى، وهتفوا مطولا ''بوتفليقة ليس مبارك''. وسألت ''الخبر'' مصطفى بوشاشي، دقائق قبل أن يعلن الانسحاب من المسيرة ''خوفا من مزيد من العنف''، عن عدد المعتقلين، فقال إن ''مصالح الأمن في العاصمة اعتقلت قرابة مائة (100) وفي وهران حوالي 20 وبدأت تفرج عنهم''، كما سألته إن كان يعتقد أن الشباب الذي اعترض المسيرة ''دفع من جهة ما كما قال بعض المحتجين''، فقال: ''هؤلاء أبناؤنا ولهم رأيهم ونحترمه''. كما تحدثت ''الخبر'' مع فضيل بومالة بعد الإفراج عنه من قبل الأمن الحضري الثامن، وسألته إن كان تعرض للضرب أو أي تهم فقال: ''اعتقلوني قرابة ثلاث ساعات ورأيت هناك عشرات من المعتقلين بينهم سيدة مريضة بالسكر''، وتابع ''في البداية مارسوا بعض العنف اللفظي لكنهم سرعان ما تحوّل خطابهم إلى ليونة أكثر وفتحوا محضرا ثم أفرجوا عني''. علي يحيى عبد النور: زرهوني خرق الدستور ستين مرة وبين المحتجين، كان علي يحيى عبد النور يعاني من آلام في التنفس وفي جسمه بعدما تأثر من قوة التدافع بسبب محاصرة قوات الأمن للمحتجين، وقد طلبت مصالح الأمن منه التنحي جانبا لكنه رفض، وقال علي يحيى عبد النور ل''الخبر'' عن التظاهرة: ''هذه بداية نحو رحيل نظام دكتاتوري، وأقول لزرهوني الذي يرفض رفع حالة الطوارئ إني أسجل عليك خرقك للدستور أكثر من ستين مرة''. وبين المحتجين، لاحظت ''الخبر'' تعرض بلعيد أبريكا، لشتائم من المتظاهرين أنفسهم رغم مشاركته في المسيرة، وحاول بعضهم التعرض له بالضرب، ومع اقتراب الساعة الواحدة زوالا، كان المحتجون يتوسطون الساحة، في تنظيم أكثر، وأحاط بهم مئات من الفضوليين والمارة، حينها طلب مصطفى بوشاشي منهم ''الانسحاب في هدوء لعدم القدرة على كسر الطوق الأمني''، وقال إن ''التنسيقية ستعقد لقاء تشاوريا اليوم في العاشرة صباحا لإقرار خطوات أخرى لمسيرات أخرى في العاصمة وولايات كثيرة''. وبينما كانت ساحة المظاهرة تعرف كرا وفرا، بدت الحياة في الأحياء القريبة تسير بشكل عادي، واستمر تدفق المارة على الشوارع القريبة، وأيضا حركة السير، كما أبقت محلات كثيرة على نشاطها بشكل عادي. وفي بيان لوزارة الداخلية، قالت إنه تم ''إطلاق سراح 14 شخصا مباشرة بعد إيقافهم على إثر محاولة تنظيم مسيرة غير مرخصة بالجزائر العاصمة''، وبأنه تم تسجيل محاولة تنظيم مسيرة على مستوى ساحة أول ماي بالجزائر العاصمة من طرف مجموعة يقدر عددها ب250 شخص، أربعة عشر (14) شخصا تم إيقافهم ثم أطلق سراحهم مباشرة''. كما أعلنت مصالح الأمن اعتقال ''مصور هاو غير معتمد هو رعية فرنسية تونسية يحوز بطاقة مصور هاو يعمل لفائدة جهاز إعلامي فرنسي''. اعتقال 12 محاميا وسط العاصمة شاركوا في المسيرة سعيد سعدي وسط المتظاهرين ''ارحل يا بوتفليقة غادر'' قال سعيد سعدي، أمس، في حديثه ل''الخبر''، وسط المسيرة بساحة أول ماي ''النظام اليوم يرتجف، إذا كان بوتفليقة قد أخذ نسبة انتخابات عالية، فلماذا يخشى من الشعب؟ ولماذا يخرج لنا الشرطة من أبناء الشعب لمواجهة إخوانهم من أبناء الشعب أيضا''. وعن تعليقه على خروج العشرات من أبناء الأحياء المجاورة التي هتفت باسم بوتفليقة ونادت بسقوط الحكومة والوزير الأول أحمد أويحيى، فقال رئيس حزب التجمّع من أجل الثقافة والديمقراطية ''إن الدولة مسؤولة الآن عما يجري من تجاوزات، ونحن كأبناء الجزائر خرجنا اليوم لنقول للنظام كله غادر، وارحل، فقد مللنا من التسيّب الكبير في سرقة المال العام، وكبت الحريات العامة، والتضييق على الديمقراطية''. وأضاف ''لماذا يريدون أن يشعلوا النار بين أبناء الشعب الواحد، لماذا لم يعتبروا من دروس الشعوب، خاصة الشعب التونسي والمصري، ألم يروا عبر الفضائيات كيف غادر ذليلا من حكم بالحديد والنار شعبه''. وحسب الدكتور سعدي ''فإن مسيرة أمس ليست مسيرة الأرسيدي، بل هي مسيرة الشعب الجزائري ومسيرة الشباب الرافض للوضع الحالي''. وفي سياق متصل، اعتقلت أمس قوات الأمن 12 محاميا شاركوا في المسيرة التي دعت إليها التنسيقية الوطنية للتغيير، أين رددوا شعارات مناهضة للنظام القائم، وكذا المطالبة برحيل المسؤولين الحاليين، من الطاقم الحكومي والوزير الأول. وردد المحامون الذين تنقلوا في الساعات الأولى من صباح أمس إلى ساحة أول ماي وسط العاصمة، عبارات منددة بالنظام ، على غرار الشباب المشارك في مسيرة 12 فيفري، ورفع المحامون الذين قدموا من عدة ولايات الرايات الوطنية، مكتوب عليها ''تحيا الجزائر حرة ديمقراطية''، ''الشعب يريد إسقاط النظام''. وأفاد المحامي أمين سيدهم في حديثه ل''الخبر''، أنه شاهد اعتقال المحامية فضة من نقابة العاصمة، وهي تردد ''لن أرحل، أتركوني أموت مع إخوتي، اليوم قدمت لكي ندشن التغيير أو نموت''، وأضاف ذات المتحدث ''لقد تعرضنا اليوم كلنا إلى القمع والاعتداء علينا وأصبنا جراء الضرب المبرح من طرف قوات مكافحة الشغب''. الأمن يوقف صحفيين قاموا بتغطية المسيرة أوقفت قوات الأمن، صباح أمس، بساحة أول ماي، عددا من الصحفيين والمراسلين المعتمدين في الجزائر لصالح القنوات الفضائية الأجنبية، من بينهم مراسلة قناة أبو ظبي التي تم اقتيادها إلى مركز أمني مع سحب كاميرا التصوير التي كانت بحوزتها، كما تم توقيف مصور قناة العربية، إضافة إلى الصحفي حمزة بن زيان من جريدة المغرب الأوسط، قبل أن يطلق سراحهم بعد ذلك.