اكتست ساحة أول ماي، منذ الساعات الأولى من صباح أمس، حلة زرقاء بتواجد أمني غير مسبوق تحسبا للمسيرة التي دعا إليها حزب التجمع من أجل الثقافة الديمقراطية. غير أن رجال الإعلام وبعض أعوان الشرطة اضطروا لتغيير وجهتهم نحو مقر حزب سعيد سعدي حيث اعتصم مناضلو ''الأرسيدي'' وسط تواجد أمني كثيف. تكفّلت طائرة الهيليكوبتر، أمس، بإيقاظ سكان ساحة أول ماي وما جاورها من أحياء، بعد أن ظلت تحوم على ارتفاع منخفض في سماء زرقاء هي الأخرى. وصولنا في حدود الساعة التاسعة و50 دقيقة، جعلنا نقف على إنزال غير مسبوق لأعوان الشرطة على مستوى المكان، فاحتل عناصر الأمن كل الأزقة والأرصفة التي تؤدي إلى ساحة أول ماي بداية من دار الصحافة الطاهر جاووت. فعلى مستوى قلب ساحة أول ماي، اصطفت المدرعات وشاحنات نقل قوات مكافحة الشغب والسيارات الرباعية الدفع لفرقة البحث والتحري، دون الحديث عن جزء كبير من عناصر الأمن الذين كانوا بالزي المدني. مرت الدقائق، وظل الجميع يترقب وصول المشاركين في المسيرة، ومع اقتراب عقارب الساعة من حدود العاشرة و40 دقيقة، بدأت بعض التحركات تثير نرفزة مصالح الأمن على مستوى مدخل مستشفى مصطفى باشا، خاصة بعد أن التف عدد من الأشخاص حول المحامي علي يحيي عبد النور، الرئيس السابق، للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان. لعبة الكر والفر على الأرصفة منذ تلك اللحظة دخل بعض ممن أرادوا المشاركة في المسيرة، والذين لم يتعد عددهم عشرة أشخاص وممثلي الصحافة الوطنية في لعبة الكر والفر، حيث طردنا من كل الأرصفة التي لجأنا إليها وطلب منا عدم التجمهر في جماعات. الساعة كانت تشير بعدها إلى الحادية عشرة و15 دقيقة، ولا أثر لسعيد سعدي، رغم أن موعد انطلاق المسيرة حدد بالساعة الحادية عشرة، حينها تلقينا العديد من المكالمات التي أشارت بوقوع مشادات بالقرب من مقر الحزب بشارع ديدوش مراد، المعلومات أكدتها طائرة الهيليكوبتر، التي غيرت من منطقة حومها من ساحة أول ماي لشارع ديدوش مراد، فقررنا الانتقال لمقر ''الأرسيدي''. بالمكان أول صورة اصطدمنا بها، هي المحلات التي أوصدت أبوابها على مستوى الشارع التجاري، الذي عادة ما يعرف حركة كثيفة كل يوم سبت، وأيضا صورة متعاطفي الحزب ومصالح الأمن ''وجها لوجه'' أمام عتبة المقر. الشرفات بدل المسيرة واعتصام مضاد وظل مناضلو الحزب مرابطين بمدخل المقر، فيما قام آخرون بالاعتصام بشرفات البناية. أما مصالح الأمن، فقد عزمت من خلال حصارها للمقر أن لا يخرج المتظاهرون للشارع. وبدا أن مصالح الأمن تلقت تعليمات بالاكتفاء بمحاصرة المكان ومنع خروج مناضلي الحزب إلى الشارع، وتداول عدد من المتعاطفين مع حزب ''الأرسيدي'' على إلقاء كلمات تطالب بالمزيد من الحريات والمطالبة برحيل النظام. وفي محاولة يائسة قام حوالي 30 متظاهرا باختراق الطوق الأمني والسير عبر الشارع المؤدي إلى ساحة أول ماي. غير أن جدارا أمنيا ثانيا دفعهم للعودة للمقر والالتحام وجها لوجه مجددا مع قوات مكافحة الشغب. وبعد أن أدلى بتصريح لمختلف وسائل الإعلام، غادر سعيد سعدي مقر الحزب، ليس فقط تحت هتافات مناضليه، بل أيضا تحت شعارات اعتصام مضاد، شارك فيه حوالي 40 شابا رفعوا أحيانا شعارات نادي مولودية الجزائر، بشارع محاذ للمقر، ودخلوا في مناوشات كلامية عن بعد مع المعتصمين بالشرفات، هؤلاء أخرجوا أوراقا نقدية في تلميح لهؤلاء الشباب أنهم مستأجرون من قبل أطراف، ليرد عليهم الشباب بحمل أحذيتهم الرياضية الباهضة الثمن من ''نايك'' و''أديداس'' قائلين ''حنا شركة قادرة'' ولسنا مستأجرين، ليسدل الستار بعدها عن يوم ''أزرق'' بمباشرة المتظاهرين إخلاء مقر الحزب. الجزائر: غدير فاروق سعيد سعدي في ندوة صحفية ''سقف حركة الاحتجاج يتعدى رحيل الحكومة إلى تغيير نظام'' تعهّد سعيد سعدي، رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، ب''الإبقاء على ديناميكية الاحتجاج قائمة'' خلال الأيام المقبلة. وقال إن الهدف منها ''ليس أقل من تغيير النظام لأن سقف طموحنا لا يتوقف عند إسقاط الحكومة''. غصّ مقر الأرسيدي بشارع ديدوش مراد بالعاصمة، أمس، بالمناضلين والمتعاطفين والصحفيين بعدما منعت قوات مكافحة الشغب قيادة الحزب من الخروج للالتحاق بساحة أول ماي، حيث كان يفترض أن تنطلق المسيرة نحو مقر المجلس الشعبي الوطني على الساعة الحادية عشرة. وعلى عكس ما كان متوقعا خلت ساحة أول ماي من المتظاهرين، إلا القليل منهم ممن تمكن من الإفلات من الطوق الأمني المضروب على مداخل العاصمة. وانسحب عدد قليل من مناضلي الأرسيدي إلى المدخل الرئيسي لمستشفى مصطفى باشا، يترقبون التحاق رفاق لهم بالساحة العمومية، فيما كان عشرات رجال الأمن موزعين في محيط ساحة أول ماي. وتجمع صحفيون حول الرئيس الشرفي للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، علي يحيى عبد النور الذي انتقد بشدة منع المتظاهرين من التنقل إلى ساحة أول ماي. وسألت ''الخبر'' عبد النور عن سبب ''الاستجابة الضعيفة'' لنداء المسيرة، فقال إن ''الحصار الأمني المفروض على العاصمة'' حال دون وصول عدد كبير من أنصار الأرسيدي والمتعاطفين معه. لكنه عاب على قيادة الحزب، كأفراد، عدم خروجهم من المقر للالتحاق بساحة أول ماي. وفي مقر الحزب تجمع بضع عشرات ممن لبوا نداء المسيرة، رفعوا شعارات معادية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة والوزير الأول أحمد أويحيى. وأطلّ برلماني الحزب نورالدين آيت حمودة من شرفة المبنى، ليقول للمتظاهرين بواسطة مكبّر الصوت بأن ''الآلاف من عناصر الشرطة يحاصرون حاليا ساحة أول ماي''. وحسب آيت حمودة، فإن ''المظاهرات موجودة في العديد من مدن الجزائر''، من بينها تيزي وزو. ودعا نائب ولاية تيزي وزو المتظاهرين إلى ترديد الشعار التالي: ''كما رحل نظام بن علي لازم يرحل هذا النظام''. ولوحظ غياب كلّي للشخصيات المحسوبة على المعارضة. وصرّح سعدي في ندوة صحفية عقدها بمكتبه في مقر الحزب، بأن رئيس المجموعة البرلمانية للأرسيدي ''تعرض للضرب المبرّح''، مشيرا إلى أن حافلات أقلّت المتظاهرين من مناطق خارج العاصمة، ''حوّل رجال الأمن طريقها واقتادوها إلى مراكز الأمن''. وأفاد ضابط من الأمن كان بعين المكان ل''الخبر''، بأن عددا من رجال الشرطة وعددا آخر من المتظاهرين أصيبوا بجروح بسيطة، أثناء الاحتكاك ببعضهم. وقال سعيد سعدي إن ''الوقفة الاحتجاجية التي نظمناها اليوم ما هي إلا بداية'' وتعهّد بأن يستمر الاحتجاج أياما طويلة. وأضاف سعدي: ''السلطة تحرمنا من النشاط السياسي بدليل أنني محاصر اليوم في مقر حزبي.. إننا لسنا في حالة طوارئ وإنما في حالة حصار''. وتستهدف الحركة الاحتجاجية، حسب سعدي ''تغيير النظام بكامله، فنحن لا نكتفي بالمطالبة برحيل الحكومة''. وطالب بالمناسبة بإطلاق سراح الأشخاص الذين اعتقلوا في احتجاجات الأسبوع الأول من جانفي الجاري''. وذكر سعدي لقياديين في الحزب في خضم الزحمة الكبيرة التي شهدها مقر الأرسيدي، أن تنسيقا كان جاريا، أمس، مع أحزاب وشخصيات من بينهم حزب العمال الاشتراكي ورئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور، ''بهدف إطلاق مبادرات أخرى في الأيام المقبلة حفاظا على ديناميكية الحركة الاحتجاجية''. الجزائر: حميد يس أعلنت عن إصابة 11 متظاهرا بجروح والإفراج عن الموقوفين الداخلية تحمّل الأرسيدي مسؤولية جرح ثمانية من أفراد الأمن حمّلت وزارة الداخلية التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية، مسؤولية جرح ثمانية من أفراد الشرطة خلال المظاهرة التي دعا إليها الحزب أمس، بالعاصمة، وتحوَلت إلى شبه اعتصام أمام مبنى الأرسيدي بشارع ديدوش مراد. جاء في بيان لوزارة الداخلية نشرته وكالة الأنباء الجزائرية، أن الأرسيدي ''ضرب عرض الحائط بقرار منع المسيرة التي دعا إليها والتي تم إبلاغه به يوم 12 جانفي 2011، ثم للمرة الثانية يوم 20 جانفي''. وقدرت الداخلية عدد الأشخاص الذين تظاهروا أمام مقر الحزب ب.250 وأشارت إلى أن مصالح الأمن ''تدخلت لفرض احترام قرار منع المسيرة وتسريح الطريق العام وتسهيل حركة المرور''. وعبرت الداخلية عن ''أسفها لتعرض أعوان الأمن العمومي للرشق بالحجارة والكراسي، وبعض الأدوات الحادة من نوافذ مقر الحزب''. وخلفت الأحداث، حسب البيان، 8 جرحى في صفوف الشرطة إثنان منهم تعرضا لإصابات خطيرة.، بينما أصيب 11 متظاهرا وبعض المارة، وتم إسعافهم، حسب البيان، الذي أعلن توقيف تسعة أشخاص من ضمن المتظاهرين، اتهموا بالقيام ب''أعمال غصب'' وب''حيازة أسلحة بيضاء محظورة''. وأوضح البيان أن ''بعض مناضلي التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية جرحوا بداخل مقر الحزب، جراء التدافع، على غرار ما حدث لرئيس الكتلة البرلمانية للتجمع الذي طلب السيد سعيد سعدي شخصيا، إسعافه من طرف مصالح الحماية المدنية''. وتابع بيان الوزارة أن ما سماه ''الجمع'' تفرق ''عفويا'' في حدود الثالثة بعد الظهر. وفي ساعة متأخرة من مساء أمس، أعلنت الداخلية أن الأشخاص ال9 الذين تم توقيفهم قد تم الإفراج عنهم.